بعد فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد.. السوق "سداح مداح" والتنقيب عن خام الحديد هو الحل

الاقتصاد



شهدت أسعار الحديد في مصر ارتفاعات جنونية منذ نهاية 2017، حيث ارتفع سعر طن الحديد إلى الضعف تقريبًا، وليس هناك سبب محدد أو تبريرات مقبولة لتلك الزيادات في سعر الحديد.

وسعيًا من الدولة لحماية الصناعة الوطنية، أصدر وزير التجارة والصناعة  المهندس طارق قابيل قرار بفرض رسوم لمكافحة الإغراق على الحديد المستورد من الصين وأوكرانيا والصين، حيث يعتمد قطاع التشييد والبناء على الحديد بصورة رئيسية، وسنحاول كشف تأثير القرار على صناعة الحديد في مصر، والوصول إلى أسباب ارتفاع أسعار الحديد.

التنقيب عن خام الحديد حل لارتفاع سعره

قال عبدالعزيز قاسم، سكرتير عام شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن قرار فرض رسوم نهائية لمكافحة الإغراق على الواردات من الحديد من الخارج، يهدف إلى حماية الصناعة الوطنية، وليس التضييق على المستوردين.

وأرجع "قاسم"، ارتفاع أسعار الحديد بارتباطه بالأسعار العالمية، حيث يتم استيراد الخامات من الخارج وتصنع في مصر، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، منوهًا بأن سوق مواد البناء يعاني من حالة من الكساد، والأسعار غير مستقرة، والتاجر يكون الضحية، ومن بعده يكون المستهلك.

ورأى أن الحكم على تأثير قرار فرض رسوم لمكافحة الإغراق أكان سلبيا أم إيجابيًا على سوق الحديد مازال مبكرًا، حيث لا يمكن الحكم بصورة سليمة على القرار إلا بعد مرور عام، نظرًا لأنه مازالت هناك خامات مستوردة في المخازن، معتبرا أنه كان من الأفضل أن يطبق القرار سنة ويجدد حتى يتم تحديد أثره، بدلا من تطبيقه لمدة 5 سنوات متتالية.

واعتبر "قاسم"، أن الحل هو أن تتجه الدولة إلى التنقيب على خام الحديد في المناجم، حتى لا نعتمد على الاستيراد، أو نحتاج إليه، متوقعًا أن تشهد أسعار الحديد زيادات أخرى خاصة مع اقتراب رفع الدعم جزئيًا عن الكهرباء والوقود.

منتجي الحديد تحكموا في السوق

بينما أعرب ناصر شنب، تاجر حديد وأسمنت، عن استيائه من قرار فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد، قائلا: "القرار أضر بسوق الحديد في مصر"، معتبرا أن منتجي الحديد في مصر هم السبب في صدور القرار، مضيفا: "ضحكوا على الوزير، وقالوا المصانع هتتقفل، والعمالة هتتشرد".

وأشار "شنب"، إلى أن السعر الذي يباع به الحديد ليس سعر التكلفة الحقيقية له، مضيفًا أن منتجي الحديد في مصر أصبحوا متحكمين في الأسعار بالسوق، والتجار أصبحوا مثل التلاميذ في المدرسة، مستطردًا: "بنشتري غصب عننا بالسعر اللي يحددوه.. ولو وصل سعر الطن إلى 50 ألف هنعمل إيه هنشتري".

فرض رسوم إغراق على الحديد نقطة تحول سلبية

ومن ناحيته، اعتبر محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، أن قرار فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد، كان بمثابة نقطة تحول سلبية في أسعار الحديد في مصر، وتسبب في انتهاء حالة المنافسة المستقرة في سوق الحديد إلى الأبد.

وأشار "العسقلاني"، إلى أن القرار جاء في غير موعده، وغير إيجابي، بالإضافة إلى أنه يعد انتصارًا لحق المنتجين على حساب المستهلكين، مضيفًا أن الدولة لا ترغب في حماية المستهلكين كما فعلت مع المنتجين. موضحا أن الفجوة بين إنتاج واستهلاك الحديد في مصر تقدر بـ 10%.

وأضاف أن حماية الصناعة الوطنية  يكون بإتاحة الفرصة للمنافسة الحقيقية، بينما تسبب القرار في غل يد المستوردين، وتحكم شركات ومصانع الحديد في تحديد السعر، فلم يعد هناك منافسة في السوق، معتبرًا أن هناك شبهة تواطىء من الحكومة مع منتجي الحديد.

ولفت إلى أن القرار سيكون مفيدًا في حالة واحدة، وهى عندما يكون هناك إغراق حقيقي في السوق، لافتا إلى أنه عندما تم تطبيق رسوم الحماية لم يثبت أن هناك أي عبث في سوق الحديد بمصر.

وطالب "العسقلاني"، بإلغاء قرار فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد لعدة اعتبارات، حيث لم يراعي القرار حق المستهلكين، مقترحًا أن يتم وضع تسعيرة للحديد بعد حساب التكلفة كما ترى الشركات وإضافة هامش ربح معقول، أو أن يتم تحديد متوسط معين لسعر الحديد، بحيث يكون هناك حد أدنى للسعر، وحد أقصى له.

واستبعد أن يكون جشع المنتجين هو السبب الرئيسي لارتفاع سعر الحديد، بل هو جزء من الأزمة، لافتا إلى أن سعر الحديد العالمي أقل من سعره في مصر، مضيفًا أنه يمكننا فتح باب الاستيراد مع الدول العربية كالسعودية، والإمارات بديلا عن تركيا.

سوق الحديد "سداح مداح" ولابد من تدخل الدولة

وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إنه لا يمكن الحكم على قرار فرض رسوم الإغراق على الحديد المستورد أكان ذو أثر إيجابي أو سلبي على سوق الحديد، نتيجة ارتفاع أسعار الحديد داخل السوق المصري، ولعدم معرفة هل المحتكرين سيطروا على السوق المصري نتيجة عدم وجود منافس لهم، أم ارتفاع تكلفة الإنتاج.

ولفت "النحاس"، إلى أن تكلفة صناعة الحديد في مصر غير معلومة، ومن ثم لا نعرف هل زيادة أسعار الحديد بهذا الشكل مناسبة أم لا، مضيفا أن تركيا والصين لا تدعم صناعة الحديد على عكس مصر التي تدعم الصناعة، وتطبق سياسة لمنع الإغراق، ومع ذلك سعره لديهم نصف سعره في مصر "إيه السر".

وشدد على ضرورة تدخل الدولة لتحديد تكلفة صناعة الحديد الحقيقية كخطوة أولى لضبط أسعار الحديد، وحتى لا يترك السوق "سداح مداح"، منوهًا بأن ارتفاع أسعار الحديد سيؤثر على أسعار الوحدات السكنية، بالإضافة إلى أنه سيؤثر أيضا 54 صناعة أخرى، كما أن كل المشروعات القومية التي تنفذها الدولة سترتفع تكلفتها.