د. ماريان جرجس تكتب: صناع كهنوت الشر

ركن القراء



خرج  تجار الرأى العام من المشهد السياسى على الساحة المصرية التى تطهرت من كل ما هو منافى للشرف بعد زوال حكم الجماعة الارهابية, ولكن ما برعت فيه التيارات التكفيرية والاخوانية طوال السنين الماضية لم تكن لتضحى به فى جملة خسائرها الكثيرة.

تلك حلقة الوصل واللغة الحوارية التى تقربت بها من رجل الشارع والتى اتقنتها   بمقومات كثيرة بنكهتين :الاولى الا و هى استخدام الدين – حاشا لله – حصانة لكلاماتها وحصانة للمحتوى التى توسوس به فى أذان الناس وتتفادى القيل والقال وان شكك أحد فى كلامهم  أختبأ القائل فى حصن الدين وربما جرم من يفكر فى كلامه  بحجة أن ذلك كلام الله!

والنكهة الثانية وهى المحتوى ذاته الذى أخذ صف الرأى العام زيفًا ومشاكل الرأى العام شغله الشاغل  ليست كل المشاكل ولكن على الأقل أبرزها وأكثرها رواجًا وأكثرها تقربًا للمواطن تلمس قلبه، ولا مانع من التهويل  بوضع بعض البهارات المجتمعية من شائعات تزيد من حساسية الأمر.

وبعد خروجهم من مصر لايزالون على قنواتهم الخائنة التى تبث من خارج مصر يمارسون تلك اللغة التى تهمس فى اذن المواطن وتجند عقله  فيستغلون بشراهة أى حادث أو قرار على الساحة ويساعدون على  اشعاله أكثر وأكثر.

وكان أخرها تناولهم لقضية تسعير تذاكر المترو, فلماذا تتبنى قنوات الجماعة الارهابية اليوم قضية الغلاء أو التسعير؟ فهم يتكلمون من بلد تبعد أميالا عن مصر اذا فهم غير متضررين من تلك الزيادة الاحتمال الثانى: هل يدافعون – مثلا- عن شعب  كان هو السبب فى خروجهم من المشهد ونزع شرعيتهم والحكم من بين براثنهم ؟ هل هم حقًا يدافعون  ثلاثة وثلاثين مواطنًا مصريًا  خرجوا فى الثلاثين من يونيو لازاحتهم؟.

بالطبع لا, فتناولهم لتلك القضايا هو وسيلة تضمن لهم بقاء صوت الجماعة وكل التيارات التكفيرية فى اذان المواطن المصرى, ذلك هو مسمار جحا الأخير لهم الذى اذ فقدوه فقدوا الأمر برمته.

هى الفرصة الذهبية الأخيرة التى تضمن لهم غليان الرأى العام  دائمًا بالمتاجرة بالامه والمزايدة عليها , فمن صفات الكائن التكفيرى هو كيفية اشعال الأحداث وعدم تركها لتسكن أبدًا بأى طريقة  مهما بلغ رخصها.

لذا على الشعب المصرى الذى بلغ من الوعى أوجه فى ثورة الثلاثين من يونيو أن يعلم جيدًا أن تناول قضايا الرأى العام من قبل هؤلاء ماهو الا تجارة رخيصة لصالحهم وأن من يتناول تلك القضايا يجب أن يكون متخصصًا ملمًا بكل أركانها لا مزايدًا على أوجاعنا أو مشاكلنا محاولا تهدئة الأمور واضعًا نصب أعينه أن القيادة المصرية لا تأمل الا فى رخاء الشعب ولكن الأغرب هو أن ما ندفعه اليوم من صعوبات فى الاصلاح الاقتصادى قدر ما هو نتاج تراخى وتباطؤ العهد السابق فى الاصلاح قدر ما هو نتاج نهب ثروات مصر فى عام واحد حكم فيه أصحاب تصنيع كهنوت الشر لمصر الحبيية.