اليوم الثّالث من شَهر رَمَضَان المُعَظّم 1439هـ

أبراج



*الفصل الثانى: فراسة الأمزجة...

1- قانون التشابه:
الكائنات فى عالمنا جماد ونبات وحيوان وإنسان ، والتشابه بين كل فئة يتباعد كلما إرتقينا ، فالسماء و الأرض والشمس والقمر فى روسيا هم ذاتهم فى أمريكا لكن التضاريس تختلف ،إن قمت بوضع بلورات الملح من بحر وبلورات من بحرٍ آخر بعيد لوجدت أن البلورات لكليهما تتشابه تماماً ، وكذلك الحال فى الأحجار والمعادن ، وعندما نرتقى وصولاً لفئة النباتات فإن قمنا بمقارنة تفاحتيْن من مكانيْن مختلفيْن لوجدنا التشابه موجود لكن مع نسبة إختلاف ، ثم فئة الحيوان فإن قارنت عناصر التكوين للخيول العربية مع مثيلاتها من الخيول الأوروبية لوجدت التشابه موجود لكن مع إرتفاع فى نسبة الإختلاف ، وصولاً للإنسان فالتشابه بين رجليْن أفريقى وأوروبى موجود لكن مع إرتفاع الإختلاف والإختلاف بينهما أكبر من الإختلاف بين رجلين من أفريقيا ، والخلاصة أنه كلما ارتقينا فى فئات الكائنات الحية ة ومدى تأثيرها فى الكون كلما قل التشابه وزاد الإختلاف ، فالجماد ليس فاعلاً أو مؤثراً فى الكون ، النبات له تأثير طفيف على الطبيعة ، الحيوان تأثيره اكبر ، والإنسان صاحب التأثير الأكبر على الطبيعة لذلك فالتشابه بين بنى الإنسان متوفرة لكن مع نسبة إختلاف الأكثر إرتفاعاً.

2- قانون التناسب:
إن قمت بإعطاء عالم نبات ورقة شجر لبدأ فى تعريفك بالشجرة صاحبة تلك الورقة ، قطعة عظام لديناصور أو لمومياء قم بإعطائها لعالم التشريح ليقوم على الفور بعطائك فكرة عن شكل وهيئة صاحبها، حوافر الخيل تختلف عن حوافر الجاموس ومن فحصها بإمكانك توقع صفات وقدرات الحيوان البدنية،  التناسب بين أجزاء جسد الكائنات معروف للحضارات الإنسانية التى عرفت النحت كالفرعونية والرومانية ، فطول الوجه من أعلى الجبهة إلى أسفل الذقن تساوى نفس طول كف يدك من الرسغ إلى نهاية إصبع الوسطى ، ومحيط رسغ يدك يساوى نصف محيط عنقك/رقبتك ، إن قمت بالتمدد وذراعيك بجانبك وجعلت سرة البطن مركزاً للفرجار الرّاسم لكانت الدائرة المرسومة تضم رأسك وقدميْك على السّواء ، والرجل الطويل غالباً يكون وجه مستطيلاً وكفاه وقدماه مستطيلان ، والرجل القصير غالباً تكون يديه وقدميه مربعة الشكل ،وشجرة التفاح المستطيلة تعطى ثمرة تميل للشكل المستطيل ،هذه قواعد عامة للرسامين والنحاتين تعارفو عليها منذ القدم لكن يندر أن تتفق تلك النسب بشكل قاطع لكل البشروالسبب ميل البشر للإختلاف وعوامل التهجين ومؤثرات الطبيعة ، فالرياضى الذى يقوى عضلات القدمين للجرى تكون قدماه قويتان مهملاً عضلات الذراعين اللذان هما واضحيْن لرياضى يرفع الأثقال ، فالأعضاء التى تستعملها تنمو وتتقوى والأعضاء التى تهجرها تبقى عادية فيختل توازن النسب السابقة ، واعدل الأمزجة ماتناسبت فيه أعضاء الإنسان تناسباً تاماً ولم يتغلب عضو بالظهور للمشاهد على حساب عضو ىخر.

**المصدر: كتاب علم الفراسة الحديث لجرجى زيدان-1954