طفرة في مجال الصادرات.. و"المصدرين": هذه مطالبنا لتحقيق الأفضل

الاقتصاد



شهدت حركة التجارة الخارجية لمصر تطورًا ملحوظًا خلال الأعوام الماضية، حيث حدث تقدم كبير في نسبة صادرات مصر في القطاعات المختلفة، وذلك وفقًا لإحصائيات وزارة الصناعة والتجارة، والمجالس التصديرية المختلفة.

فسجلت صادرات مصر من الحديد والصلب خلال الربع الأول من العام الحالي 4% مقارنة بنفس الفترة العام الماضي، وكذلك ارتفعت صادرات مصر من الأسمنت بنسبة 16% عن الفترة المقابلة من العام الماضي، وارتفعت صادرات مصر من المواد الغير الغير بترولية خلال شهر مارس الماضي بنحو 7%  مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وسجلت صادرات مصر من الملابس الجاهزة خلال يناير 2018 نمو بنحو 13% مقارنة بنفس الفترة من عام 2017، ورغم النجاح الذي حققته مصر في مختلف مجالات التصدير مازلنا نحتاج إلى الاهتمام ببعض الأمور، كتوفير وسائل نقل تناسب طبيعة السلع، تخفيض أسعار المواد الخام، وأسعار الطاقة، مع ضرورة دعم مكاتب التمثيل التجاري في الخارج.

مصر مؤهلة لتكون حديقة الدول العربية

قال عبدالحميد دمرداش، رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إن مصر تصدر 3 مليون و800 ألف طن من الحاصلات الزراعية الطازجة سنويًا، بقيمة 2,2 مليار دولار، وهذا بخلاف تصدير منتجات غذائية يدخل في تصنيعها حاصلاىت زراعية بقيمة 2 مليار و800 ألف دولار سنويًا.

وأوضح "دمرداش"، خلال تصريح، إن دخول الهواه في قطاع التصدير أحد المعوقات التي تواجههم، موضحًا أن هناك 1500 مُصدر مسجل في المجلس التصديري، بينما يوجد 800 مُصدر آخر غير مسجل، منوهًا بأنهم طالبوا وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل وضع آلية تضبط عملية تسجيل المُصدرين بحيث لا يكون هناك مُصدر غير مسجل، وهو ما جاري تنفيذه حاليًا.


ولفت إلى أن متبقيات المبيدات أحد الأمور التي يجب مواجهتها بشدة، حيث يوجد دول عربية تستورد من مصر على مدار الـ 30 عام السابقة، ولكنهم منذ عامين اهتموا بقواعد سلامة الغذاء مثل دول أوروبا ، بحيث لا تزيد نسبة متبقيات المبيدات عن النسبة الموجودة بدستور الغذاء العالمي.

وأوضح أن وزارة الصناعة بالتنسيق مع المجلس التصديري وضعوا منظومة متكاملة لبحث أسباب حظر بعض المحاصيل، فقد تم عقد دورات تدريبية، وورش عمل للفلاحين لتوعيتهم بقواعد استخدام المبيدات، حتى لا نواجه حظر أخر على المحاصيل المصرية.

وأضاف أنهم طالبوا وزارة الصناعة بتكويد كل المزارع التي تصدر للخارج، كما تفعل إيطاليا المسئول سبب عند حدوث أي أزمة في التصدير، معلنا أن هناك وفد إيطالي سيزور مصر قريبًا لنقل خبرة إيطاليا في تكويد المزارع إلى مصر، مؤكدا أن القطاع التصديري لم يواجه أي معوقات من جانب الحكومة على مدار الثلاث أعوام الماضية، حيث هناك تنسيق كامل بين المجلس ووزارتي الصناعة والزراعة، فلا تصدر تشريعات إلا بعد التنسيق بين الجهات الثلاث، وبشكل مناسب للمصدرين الصغير فيهم قبل الكبير.

وعن مستقبل تصدير الحاصلات الزراعية في مصر، أكد أن مصر مؤهلة أن تكون حديقة الدول العربية، بحيث لا يستوردوا إلا من مصر، ولكن يشترط أن يلتزم المصدر بالشروط كنسبة استخدام المبيدات، مؤيدا قيام أمريكا ودول أوروبا بمعاقبة المُصدر المخالف فقط لشروط التصدير، مع إعطاء إنذار للدولة المُصدرة، معتبرا أن قيام بعض الدول العربية بإيقاف التصدير من الدولة بأكملها عند مخالفة مُصدر واحد لشروط التصدير ظلمًا.

وأشاد بدور مكاتب التمثيل التجاري في الدول المختلفة، مشيرًا إلى أنها قامت بدور رائع في الترويح للمسلع المصرية، وتنمية صادرات الحاصلات الزراعية المصرية.

معادلتنا "التصدير = نقل"

وعن الحاصلات البستانية، أفاد أسامة خير الدين، الرئيس الفخري للمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن تصدير الحاصلات البستانية كالموالح، والفراولة، والفلفل الرومي والحريف، والجوافة والرومان تحكمها معادلة مفاداها "التصدير = نقل".

وأوضح "خير الدين"، أنهم يواجهون مشكلة في عملية النقل حيث تعد تكلفة النقل الجوي كبيرة للغاية، منوهًأ بأن تكلفة االرحلة من القاهرة إلى لندن أضعاف تكلفة الرحلة من جنوب شيلي إلى البرازيل، بالإضافة إلى أنه رغم وجود قناة السويس لم تستغلها مصر بصورة جيدة لتصدير منتجاتنا.

صادرات الجلود ستشهد طفرة بعد النقل للروبيكي

واعتبر أنه لا يوجد حلول جذرية لمشكلة النقل، مشيدا بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي بزراعة 100 ألف فدان صوب من حاصلات بستانية، وحضروات وفواكه، مشددا على ضرورة تصدير الأفضل منها للخارج، ولكن ستبقى المشكلة كيفية النقل، وبدون تكلفة مبالغ فيها، مطالبا بوضع حل سريع لعملية النقل.

وأوضح محمود سرج، رئيس المجلس التصديري للجلود، أن ارتفاع أسعار الجلد الخام أكبر عقبة تواجه مصدري الجلود، حيث يشتري المصدرين الجلود وفقا لأسعار عالمية، وتكون مرتفعة، ولا يتمكنون من تصديره، مطالبا أن يكون هناك توازن بين المناطق الحرة التي تستحوذ على كميات كبيرة من الجلود، ومسموح لهم بالتصدير بأي شكل، والمناطق العاملة داخل مصر.

وقال "سرج"، خلال تصريحات خاصة، إن حجم صادرات قطاع الجلود 140 مليون دولار سنويًا، مؤكدًا أن هذا المبلغ سيتضاعف بعد نقل المدابغ والمصانع إلى مدينة الروبيكي، لافتًا إلى أن قطاع المنتجات الجلدية يحصل على دعم مادي من الدولة نسبته 12% من المبلغ المقرر لدعم الصادرات ، ولكن قطاع دباغة الجلود لا يحصل على دعم.

وأشار "سرج"، إلى أن المجلس وضع خطة لزيادة حجم صادرات المنتجات الجلدية، والتي تمثل 4 مليون دولار من إجمالي حجم صادرات قطاع الجلود، وذلك من خلال العمل على فتح أسواق جديدة في أفريقيا، وأمريكا، والدول العربية، منوهًا بأنه لا يوجد معوقات من جانب الدولة تعرقل عملية تصدير الجلود.

لابد من مواجهة مصانع "بير السلم"

وأما عن قطاع الصناعات الكيماوية، قال خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديري للبتروكيماويات، أن صادرات الصناعات الكيماوية والأسمدة سجلت خلال الربع الأول ما قيمته 1,2 مليار دولار بمعدل نمو نسبته 24% عما تحقق لنفس الفترة خلال عام 2017، موضحًا أن صادرات الصناعات الكيماوية تمثل 20% من إجمالي الصادرات المصرية الغير بترولية.

وأوضح "أبو المكارم"، أن ارتفاع تكلفة أسعار الطاقة، وأسعار المواد الخام والمعدات ومستلزمات الإنتاج نتيجة لارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري من أهم المعوقات التي تواجههم، بالإضافة إلى أن عدم استقرار سعر الصرف أدى إلى صعوبة تسعير المنتجات المصرية المصدرة للأسواق الخارجية.

ولفت أن انتشاار القطاع الغير رسمي وهو ما يطلق عليه "مصانع بير السلم" يؤثر على الموقف التنافسي للمصانع المرخصة التي تتحمل كافة الأعباء المالية والضريبية، مطالبا بتقديم حزم من الإجراءات والإعفاءات لتحفيز تلك المصانع للدخول في الاقتصاد الرسمي.

ونوه بأن السلع المصدرة من مصر بحاجة إلى تلبية معايير الجودة الدولة، مشيدا بالتعاون بين الوزارات المعنية لوضح حل لمشاكل القطاع، حيث تعاونت وزارتي الصناعة والبترول لوضع خطة واضحة لأسعار الطاقة لمدة 5 سنوات قادمة لكي يتمكن أصحاب المصانع من وضع تصور واضح لتكلفة المنتج النهائي.

وأضاف أنهم يعملون على وضع آلية لمساعدة المصنعين على تقليل تكلفة استيراد المواد الخام من خلال آلية الشراء الجماعي عبر شركات متخصصة، والذي بدوره سيوفر للمصنع المصري مرونة في التفاوض على أسعار المواد الخام المستوردة.

وقال إنهم يعملون على تفعيل منظومة البعثات التجارية حيث يستهدف المجلس تسيير عدد 4 بعثات تجارية خلال عام 2018، وقد استهل المجلس بعثاته الخارجية بدولة غانا بعدد 13 شركة مصرية من مختلف قطاعات الصناعات الكيماوية بالتعاون مع هيئة تنمية الصادرات، وجمعية المصدرين المصريين "إكسبولينك".

وطالب أنه قبل اتخاذ أي قرار بتعلق بالصناعة والتجارة، يتم الرجوع للجهات ذات الاختصاص لدراسة جدوى تنفيذه من عدمه، وألا يتم تطبيق القرارات الجديدة بآثر رجعي، مع ضرورة التوسع في مكاتب التمثيل التجاري في الدول المستهدفة مثل تجمع دول الميركسور، ودول شرق أوروبا، مقترحا اعتماد علامات تجارية بعينها للترويج للمنتجات المصرية.

مصر بها 2000 مُصدر ولديها 33 مكتب تمثيل تجاري

ومن ناحيته، أوضح المهندس ناجي الفيوم، المدير التنفيذي لجمعية المصدرين المصريين "إكسبولينك"، أن هناك معوقات داخلية تواجه المُصدر المصري، حيث تقوم دولة مثل أمريكا بطلب كميات كبيرة من منتج مصري معين، ولا نستطيع الإيفاء بالكميات المطلوب، كذلك هناك دول أفريقية تطلب كميات صغيرة من المنتجات المصرية، وأيضا يكون تصديرها صعب لارتفاع تكلفتها بدون عائد جيد لصغر حجم الكمية المطلوبة، كما توجد دول حديثة يصعب الوصول إليها لعدم وجود موانىء بها.

وقال "الفيومي"، إن جمعية المصدرين المصريين تعمل منذ إنشائها منذ 20 عام على هدف واحد فقط وهو تنمية الصادرات، حيث كانت السبب في رفع صادرات مصر إلى المليارات في مجالات عديدة، كما أنها تمكنت من عقد 600 معرض بالخارج لللمنتجات المصرية.

وأشار إلى أنهم يعملون على تطوير عملهم لتقديم خدمة أفضل للدولة من خلال إنشاء أكبر مركز معلومات موجود في مصر، يتيح كافة المعلومات عن طبيعة الدول التي يرغب المُصدر في التصدير إليها، والذوق العام بها، وما يريدون توافره في السلع المصدرة إليهم، بحيث لا يكون هناك مجال لرفض المنتج المصري، أو ألا يكون مطابقًا للمواصفات.

وأضاف انهم يقومون بإرسال وفود من مركز المعلومات إلى الدول المختلفة للترويج للصادرات المصرية، كما أنهم يقومون بدعوة مستوردين من دول العالم إلى مصر لتعريفهم بالمنتج المصري وجودتهم، ولعقد اتفاقيات معهم، موضحًا أن مصر بها 2000 مُصدر رئيسي، بخلاف الغير مسجلين في المجالس التصديرية، بالإضافة إلى أن هناك مصدرين يصدرون مرة واحدة ويتوقفون بعد ذلك.

وأشاد بمكاتب التمثيل التجاري، قائلا: "مكاتب التمثيل التجاري لمصر بالخارج ممتازة.. ولكن المشكلة الناس مبتعرفش تسأل السؤال بطريقة سليمة، حتى تحصل على الإجابة الصحيحة والدقيقة"، موضحا أن مصر لها 33 مكتب تمثيل تجاري بالخارج، مشددا على ضرورة تقديم الدولة الدعم اللوجيستي لهم بشكل أكبر من المتاح لهم حاليا.

وطالب الدولة بالعمل على زيادة حجم الاستثمارات، والذي بدوره سينعكس بصورة إيجابية على الصادرات المصرية، والتي تزداد عام عن الآخر، وذلك من خلال إيجاد بديل للمواد الخام التي نستوردها من الخارج وتكون مرتفع الثمن يكون محليا وبثمن أقل، وأن يكون هناك شركة لتأمين الصادرات من أي مخاطر، وأن تعمل البنوك على تقديم حزمة جيدة من طرق التمويل والسداد للمصدرين، مستنكرا حرمان دولة بأكملها من تصدير منتج معين لمخالفة مُصدر واحد، مشددا على ضرورة الوصول لحل لهذا الأمر.