الكنز المهدر.. خريطة السياحة العلاجية في مصر

تقارير وحوارات



مدن ومياه معدنية وكبريتية وجو جاف خالي من الرطوبة، هبات حظت بها مصر، على مر تاريخها، تربتها مشكلة من رمال وطمي صالح لعلاج الأمراض العديدة، وشواطئ ومياه بحار لها من خواص طبيعية مميزة، تجعلها مقصدًا لجميع هواة السياحة العلاجية حول العالم.

ويعتبر الدكتور حسن بك محمود حكيم،  أول من وضع الأساس العلمي للسياحة العلاجية بمصر، من خلال المخطوطة التي اكتشفتها داخل مكتبة البلدية بمحرم بك، والمعنونة بـ"ينبوع شفا الأبدان في حمامات حلوان" والتي وضعها منذ نحو 127 عامًا.

وانتشرت فى مصر العيون الكبريتية والمعدنية التي تمتاز بتركيبها الفريد، والذى يفوق فى نسبته جميع العيون الكبريتية والمعدنية حول العالم، علاوة على توافر الطمي فى برك هذه العيون، وما له من خواص علاجية تشفي العديد من أمراض العظام والجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض الجلدية وغيرها، كما ثبت ايضا الاستشفاء لمرضى الروماتيزم المفصلي عن طريق الدفن في الرمال، وهو ما توفره شواطئها المميزة.

الأبحاث أكدت أن مياه البحر الأحمر، والشعاب المرجانية فيها، تشفي من مرض الصدفية، حيث تتعدد المناطق السياحية التي تتمتع بميزة السياحة العلاجية في مصر وهي مناطق ذات شهرة تاريخية عريقة مثل: حلوان، عين الصيرة، العين السخنة، الغردقة، الفيوم، منطقة الواحات، أسوان، سيناء، وأخيرًا مدينة سفاجا على شاطىء البحر الأحمر، والتي تمتلك جميع عناصر السياحة العلاجية، وأهمها الرمال السوداء، ومال لها القدرة على التخلص من بعض الأمراض الجلدية.

ولا تحصل السياحة العلاجية في مصر، على اهتمام كافٍ، في بلد يشتهر بطبيعة مناخية وأرض، خلابة، تجعله قبلة لكل من يقصد السياحة العلاجية في العالم، فمنذ القدم ومصر، تمتاز بهذا النوع من السياحة، لما تحويه في جوفها من عيون وأنهار ومياه جوفية ومعدنية، وتربة خصبة مشمولة بالعديد من المعادن العلاجية التي تساعد في التخلص من الأمراض المختلفة.

الأمر لما له من أهمية، دفع مجلس النواب في الأسبوع الماضي، إلى التصديق، على إنشاء اللجنة العليا للسياحة العلاجية، والتي تتولى إعداد مشروع الخطة العامة لمنظومة السياحة العلاجية في مصر، واختيار المستشفيات والكوادر البشرية التي يمكن الاستفادة بها ضمن هذه المنظومة، مع وضع آليات للمتابعة ومراقبة الأداء للتأكد من تحقيق المستوى المطلوب.

حلوان اشتهرت بأنها مدينة الشفاء المقدس، ووادي مريوط ووادي النطرون وواحة منيا بالصحراء الغربية وواحة آمون والعين السخنة وحمامات كليوباترا بالبحر الأحمر وغيرها، وقدرت عدد العيون الموزعة في معظم أنحاء مصر بـ 1356 عينًا منها خمسة في حلوان و3 في عين الصيرة و36 في الفيوم و4 في وادي الريان و33 في شبه جزيرة سيناء و315 في الواحة البحرية و106 في سيوة إضافة إلى عدد هائل يقدر بـ 564 في الواحات الداخلة و188 في الخارجة و75 في الفرافرة والباقي ينتشر في خليج السويس والقطارة ووادي النطرون والجارة. 

وأيضًا تعد مدينة الغردقة، من أشهر المناطق في السياحة العلاجية، فهي تشتهر بالجمع بين العلاج بالمياه البحرية، وطينة الشعب المرجانية، وأشعة الشمس، والرمال الغنية بالعناصر المعدنية وتراب المناجم المتميز، بجانب أن مدينة الغردقة تتميز بالعديد من الفنادق والمنتجعات السياحية، وتتميز بمراكز للعلاج الطبيعي وعلاج الروماتيزم وأمراض الشيخوخة والشلل الرعاش وغيرهم.

وتنافس الإسكندرية الآن، في مجال السياحة العلاجية، خصوصًا وأن طقس برج العرب، يتناسب تمامًا مع هذا المشروع؛ لأن درجات الرطوبة متوسطة مع درجة حرارة بين 15و20درجة مئوية، ما يؤثر على الحالة المزاجية والصحية للسائح الذي يبغي الاستشفاء، خاصة وأن السائح العلاجي يمتاز عن السائح العادي بطول مدة إقامته في مدينة العلاج، إذ تتراوح هذه المدة ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع.

كما تعد حمامات فرعون على خليج السويس، على بعد 250 كم من القاهرة, من أشهر أماكن السياحة العلاجية في مصر، وهى مجموعة ينابيع للمياه الكبريتية الساخنة تبلغ درجة حرارتها 27 مئوية وتتدفق من جبل حمام فرعون على هيئة بركة بقوة 3000 متر مكعب فى اليوم الواحد على وجه التقريب وتمتد على الشاطئ بطول 100 متر, وهى ملاصقة لمياه البحر, ويوجد أعلاها كهف صخرى منحوت بالجبل يستخدم كحمام ساونا طبيعى نظرًا لانبعاث الحرارة من المياه الساخنة الكبريتية من أسفل الكهف إلى أعلاه.

كما تتميز منطقة سفاجا أيضًا بالكثير من العوامل تجعلها من أنسب المناطق في العالم، لعلاج مرض الصدفية وأمراض الجلد بشكل عام، حيث أنها تحاط بالجبال المرتفعة من جميع جوانبها ما يجعلها حائط صد طبيعي ضد الرياح والعواصف الرملية، ومناخها يتميز بالشمس الدافئة وله فوائد عديدة خاصة لمرضى القلب والكبد والكلى والدرن الرئوي وضغط الدم المرتفع والصرع والأمراض العصبية، وتحتوي رمالها على مواد مشعة غير ضارة كاليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم، وارتفاع في نسبة أملاح الذهب التي تستخدم في علاج مرض الروماتويد والالتهابات المفصلية المزمنة والحادة والتورم والارتشاح المفصلي والالتهابات الجلدية المصاحبة للروماتويد.

الواحات البحرية، تعتبر مقصدًا لسائحي وسط وغرب وشمال أوروبا، الذين يقصدونها للاستشفاء، وتحديدًا في منطقة عيون بئر حلفا، ذات المياه الدافئة التي تبلغ درجة حرارتها 45 مئوية, ومنطقة عيون القصعة (30–40 مئوية) , ومناطق الآبار الرومانية التاريخية وبئر البشمو الشهيرة التي تستمد ماءها من مصدرين أحدهما بارد والآخر ساخن ينتهيان الى مجرى صخرى عميق واحد.

وتتبع الواحات محافظة الجيزة, وتجمع ما بين مقومات السياحة التاريخية والأثرية ومن أهم معالمها، مقابر الأسرة 26, وجبانة الطيور المقدسة وبقايا قوس النصر الروماني, وأطلال معبد إيزيس, وأطلال معبد يرجع الى عصر الإسكندر الأكبر، كما تحتوى على مقبرة وادى المومياوات الذهبية، وبها نحو 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة والباردة التي أثبتت البحوث التي أجرتها الجامعات المصرية والمراكز القومية للبحوث والمراكز العلمية الأجنبية قيمتها العلاجية فى أمراض الروماتيوم والروماتويد والأمراض الجلدية, ما يؤهلها لأن تصبح من أهم المنتجعات العلاجية فى العالم لتميزها بالمناخ الجاف المعتدل والشمس الساطعة طوال العام.

كما تعد سيناء من المناطق التي تشتهر بالسياحة العلاجية، لما تحتويه من العيون المائية، وأشهرها حمام فرعون وحمامات موسى وبها المياه الكبريتية التي تستخدم في علاج الكثير من الأمراض كالروماتيزم، وأمراض الجهاز الهضمي وحساسية الرئة وأمراض الكبد والأمراض الجلدية وإصابات لاعبي الكرة.

ويوجد بسيناء الكثير من العيون المائية الحارة مثل حمام فرعون وحمامات موسى ذات الأهمية التاريخية، كما أن لهذه الحمامات أهمية علاجية تعزي إلى احتوائها مياهُا كبريتية، والمناخ المعتدل والموقع الفريد على شاطئ خليج السويس وقدسية المنطقة وموقعها الخاص من قلب معتنقى الأديان السماوية الثلاثة على حد سواء.

وأيضًا محافظة أسوان، التي تعد من أروع الوجهات في العالم، كما تتميز بالعديد من مواقع السياحة العلاجية، ويناسب مناخها مرضى الكلى والجهاز التنفسي والروماتيزم، ويوجد بها مراكز للعلاج بالرمال والمياه، حيث يغمر جسم المريض بالروماتيزم في الرمال الساخنة، ومن أشهر المناطق السياحة العلاجية بأسوان هي جزيرة إلفنتين، ومنتجع جزيرة إيزيس، ويشتهر أهل النوبة بطب الأعشاب خاصة تلك التي تعالج أمراض البرد والمغص الكلوي والدوسنتاريا المعوية والإمساك وعسر الهضم، كما أن بها مناطق للعلاج بالطمر في الرمال الساخنة.

ويوجد بها مركزان للعلاج بالرمال والمياه، ومن المقترح إنشاء قرية سياحية في المنطقة الممتدة ما بين فندق كتراكت وخزان أسوان تشتمل على مراكز خاصة للعلاج الطبيعي، ومصحات لمرضى الروماتيزم والأمراض الجلدية، وأماكن لإقامة المسارح و دور السينما والملاعب الرياضية، وبناء المراسي للقوارب النيلية والبواخر السياحية.

محافظة الوادي الجديد، تنتشر بها الرمال الناعمة والأعشاب والنباتات الطبية التي تستخرج منها العقاقير والزيوت النباتية، كما أنها غنية بالعيون والآبار الطبيعية، وأشهر المناطق العلاجية بها آبار بولاق ومجموعة آبار ناصر بالواحات الخارجة، وآبار موط والفرافرة بالواحات الداخلة، وتحتوي العديد من آبارها على عناصر معدنية مفيدة للغاية في علاج الروماتيزم والصدفية والآلام الجسمانية.

سيوة بدورها تعد من أشهر المناطق في مصر التي تتميز بالسياحة العلاجية والشفاء الطبيعي، وتتمتع بالهدوء واعتدال المناخ طوال العام، وتشتهر بجبل الدكرور، والذي اكتسب عند أهالي سيوة منذ قديم الأزل أهمية علاجية في أمراض الروماتيزم وآلام المفاصل والشعور العام بالضعف، وتنتشر في واحة سيوة العيون المعدنية التي تستخدم للعلاج الطبيعي من أمراض الصدفية الجلدية، وأمراض الجهاز الهضمي والأمراض الروماتيزمية.