أحمد شوبير يكتب: الكابيتانو

الفجر الرياضي





رغم أن كل التوقعات كانت تشير إلى أن هذا الموسم هو الأخير للنجم حسام غالى مع النادى الأهلى إلا أن قرار اعتزاله سبب حزنا كبيرا لجماهير النادى الأهلى والتى ارتبطت به عبر سنوات طويلة فكثير من اللاعبين جاءوا ورحلوا وأعطوا كثيرا لأنديتهم واحترمتهم الجماهير بشدة ولكن ظلت هناك علامات مضيئة فى تاريخ الكرة المصرية منها بالتأكيد حسام غالى نجم وقائد النادى الأهلى وهذا لم يأت من فراغ بل لأن غالى كان نموذجا فريدا للاعب كرة القدم سواء فى طريقة لعبه أو فى شخصيته الفريدة كقائد داخل وخارج الملعب فمنذ بدايته مع منتخب الناشئين ثم منتخب الشباب أعطى للجميع انطباعا بأنه لاعب غير عادى وأن الملاعب المصرية ستشهد لاعبا من نموذج جديد وهذا هو الأساس لأن مركز حسام غالى فى الملعب لم يكن يتطلب لاعبا ذو مهارات أو إبداع فهو مدافع وسط الملعب وبالتالى فالمطلوب منه أن يلعب دون مهارة أو فلسفة إلا أن غالى غير تماما من مفاهيم هذا المركز وأضفى عليه حلاوة وجمالا فأصبحت الجماهير تنتظره فى المباريات وتتوقع منه دائما غير المتوقع وكان غالى دائما عند حسن ظن الجميع فقد أصبح له طعم آخر ومختلف عن الجميع ولم يكن غريبا أن يحترف مبكرا فى الدورى الهولندى فى صفوف فينور الهولندى ومعه قدم مستوى أبهر الجميع مما دفع المسئولين فى نادى توتنهام الإنجليزى أن يضموه لصفوف هذا النادى الإنجليزى العريق. وسأذيع سرا لأول مرة فلم تكن شروط الاحتراف فى الدورى الإنجليزى تنطبق على غالى وكنت وقتها نائبا لرئيس اتحاد الكرة المصرى وحدثنى حسام تليفونيا طالبا المساعدة ولم أكن أستطيع أبدا أن أدع هذه الفرصة تفلت من الكرة المصرية خصوصا أن أحمد حسام ميدو كان قد فتح باب الدورى الإنجليزى أمام اللاعبين المصريين فطلبت منه أن يترك الأمر لى لإيجاد حل للأزمة لأن المسئولين فى إنجلترا لا يخالفون القواعد أبدا ولم يكن الوقت يسعفنا لإيجاد الحلول وأذكر أننى ظللت حتى ساعة متأخرة داخل اتحاد الكرة مع المسئولين فى محاولة لإيجاد أى حل فالقانون الإنجليزى ينص على أن أى لاعب لا يمكنه الانضمام للدورى الإنجليزى إلا إذا كان قد شارك فى 75٪ من مباريات منتخب بلاده وللأمانة كان غالى قريبا جدا من النسبة المطلوبة وبعد ساعات طويلة جدا من التفكير خطر ببالى فكرة أن أضم مباريات المنتخب الأوليمبى إلى مباريات المنتخب الأول ووقتها سيكون قد تجاوز بسهولة الرقم المطلوب وبالفعل أصدرنا خطابا من اتحاد الكرة بهذا المعنى وأرسلناه متأخرا جدا إلى الاتحاد الإنجليزى وظللنا فى حالة ترقب وانتظار خوفا من رفض الاتحاد الإنجليزى للخطاب إلى أن جاءت الموافقة من الاتحاد الإنجليزى بالموافقة على الخطاب ليبدأ غالى مشوارا رائعا مع توتنهام. وأذكر أننى كنت فى زيارة للندن وركبت تاكسى وسألنى السائق عن جنسيتى فلما ذكرت له أننى من مصر كاد يطير فرحا لأننى من بلد حسام غالى ووقتها شعرت بالفخر والزهو لما يقدمه غالى باسم المصريين هناك.. ولولا خطأ ساذج من غالى فى إحدى المباريات عندما اعترض بطريقة خاطئة على خروجه من الملعب فكان قرار النادى بعدم استكماله لمسيرته مع الفريق ووقتها طلب منه المدرب الانتقال على سبيل الإعارة لفريق آخر فى الدورى الممتاز حتى شهد الضجة المثارة حوله إلا أنه رفض بشدة وصمم على العودة إلى مصر ليستكمل مسيرته مع الأهلى بعد رحلة قصيرة إلى نادى النصرالسعودى قدم خلالها مستوى متميز للغاية وظل يتردد بين النادى الأهلى وعدة فرق مختلفة مثل ليرس البلجيكى ونجح معه نجاحا ساحقا إلا أن المسئولين فى النادى الأهلى طلبوا منه العودة من جديد نظرا لحاجة الأهلى إليه ولم يفكر غالى لحظة وكان قراره العودة فورا إلى النادى الأهلى لتزداد العلاقة بينه وبين جماهير النادى الأهلى وينجح فى مصر فى حصد كافة البطولات مع الفريق ثم قرر غالى بالتنسيق مع إدارة الأهلى أن يخوض تجربة احترافية أخيرة فى النصر السعودى من جديد لم يكتب لها النجاح ليعود ويطلب أن ينهى مشواره الكروى مع الأهلى وهو ما وافق عليه على الفور كل المسئولين فى الأهلى إدارة وجهازا فنيا تقديرا لتاريخه ومشواره الفنى الحافل والكبير مع النادى الأهلى ورغم قناعتى الشخصية بأن غالى كان يستحق أن يتواجد فى كأس العالم إلا أن شخصيته العنيدة ورفضه تقديم أى تنازلات بعد مشكلة حدثت بينه وبين أحد أعضاء الجهاز الفنى لمنتخب مصر فابتعد غالى عن صفوف المنتخب الوطنى ليحرم نفسه من التواجد فى كأس العالم حلمه الأول وحلم كل لاعب مصرى ولكن عزاءه هو هذا الاحترام الكبير الذى وجده من الجميع خصوصا وهو يعلن اعتزاله وسط دموعه والتى أبكت كل الحضور لأن الجميع يعلم أن غالى شخصية قوية للغاية ومن الصعب جدا بكاؤه ولكن فراق الأهلى وجماهيره كان صعبا جدا ولحظة ضعف لغالى فغالبته دموعه ولكن عزاءنا جميعا أن مشوار غالى لن ينقطع مع كرة القدم وحسب معلوماتى أن بانتظاره منصبا مرموقا فى إدارة الأهلى مما يعد تجهيزا وتأهيلا له للوصول إلى مراكز أعلى وأكبر داخل النادى الأهلى فى المستقبل القريب جدا لذلك أقول إن حسام غالى من نوعية اللاعبين الذين لا تنتهى مسيرتهم باعتزال كرة القدم بل العكس هو الصحيح واعتقادى أنه سيكمل مسيرة نجوم عظام كبار فى تاريخ النادى الأهلى وأن المستقبل يحمل له ولجماهير وأعضاء النادى الأهلى الكثير من الأخبار السارة.. ولعل ذكاء حسام غالى فى إقامة مباراة اعتزاله فى دولة الإمارات الشقيقة ومع ناد كبير بحجم أياكس الهولندى ليعيد من جديد للجميع متعة وحلاوة وقيمة مباريات الاعتزال ولا يوجد لدى شك من أن الجماهير ستملأ مدرجات ملعب هزاع بن زايد فى الإمارات لوداع النجم الكبير الكابيتانو حسام غالى.