ربيع جودة يكتب: صلاح في مدينة الضباب

ركن القراء



.
في كل يوم .. منذ بداية الكون يعطينا القدير درساً عن كيفية البناء..  تلك الخلية المتناهية في الصغر..  التي انقسمت لتصبح الكون الفسيح بأجرامه وسماواته..  لم يشأ القدير..  أن يخلقه جملة واحدة.. ليتعلم من أُُعطي العقل..  كيف يبني حلمه..  أحقاب من الزمن مرت لتصير الدنيا علي ما هي عليه..  وفي كل مره تتجدد الحياة بنفس الطريقة التي بدأ الكون عليها..  فتري الشجرة الوارفة تبدأ بذرةً يحجبها الطين..  والسيل الجارف يحكي عن رحلته  منذ أن كان بخاراً..  والشاب الفتيُّ اليافع كان نطفة مهينة في رحم أمه..  والجبل الشاهق تعاتب كبرياءه حبة الرمال..  ليس مجرد إعجاز .. وإنما تأكيد وبيان لدرس واحد..  كيف تبني حلمك ؟؟؟.بدلا من الغرق في ظلمات اليأس والإحباط.  لتسكن في غيابات نفسك  .. محطماً لا تقدر علي شيء .. ها هو شاب صغير يجري خلف الكرة في ملعب خماسي لدوري بيبسي..  تلمحه عينٌ بصيرة .. لينتقل الي نادي ليس بالأفضل .. بل علي العكس. ربما تطمع في مبارياته معظم الفرق .. لكنه وإن هُزم كل من حوله .. يبقي علي عهده مع الطموح..  لا يصيبه نَصَب .. ولا يهزم حلمه تعب.. حتي تلمح عزيمته عين أخري تنتقل به الي عالم آخر..  ليتدرج من مستوي الي اخر..  كعصفور يتعلم الطيران .. يقفز  من غصن الي غصن ..  وكلما علا صيته..  ازداد وقاره..  وعرفانه بربه وأهله البسطاء.. يستشعر صيحاتهم في كل مرة يلمس فيها الكره.. إنه محمد صلاح الذي جعل من تلك الكرة.  المعبأة بالهواء رسالة..  تلهم النفس..  لقد امتلأ حلقي بكاءاً  . وهو يُتوج أفضل لاعب افريقي في أكرا.. وكنت أتوق للرسالة التي يبعثها بجائزته..  ولم يخب ظني به..  مرة أخرى  .. حين قال بكلمات بسيطه ما كان يجول في صدري .. أهدي جائزتي لأطفال مصر وافريقيا.. وأقول لهم لا تتوقفوا عن الحلم.. ثم يواصل السير.. الي لندن..  ليتوج أفضل لاعب في الدوري الانجليزي...  لقد ألهمتنا أيها الخلوق.. لقد حطمت عجزنا بإصرارك..  لقد أوقدت نيران العزم فينا بحماسك وشغفك.. وارسلت برقية عاطرة عن الاسلام بسجودك ..  من العجز أن لا أحضر الآن ورقة بيضاء..  وقلماً رصاص..  لأرسم خطوة واحدة لحلمي .. لن أبالي بجعلها طويلة الأجل..  لن أبالي بإحكام خطتها..  سأخطو الخطوة الأولي وحسب.. حتي وان كنت بساقٍ واحده..  وأنا علي يقين أن تأتي الخطوات تباعاً ..شكراً محمد صلاح الذي أتي من ربوع قريته البسيطة .  ليحصد صنيعة الأمل .. وتلون الأقدار رسمة حلمه التي بدأت بسيطة كبدء ذاك الكون الفسيح .. حتي أضاء نوره مدينة الضباب
.