د. ماريان جرجس تكتب: مفاوضات سد النهصة بتوقيت القاهرة

ركن القراء



بعد نجاح المفاوضات المصرية السودانية الاثيوبية عقب زيارة هايلي ديسالين رئيس وزراء اثيوبيا السابق للقاهرة، وتحسين العلاقات المصرية السودانية، شهد البلدان الشقيقان اضطراباتًا داخلية مما أضر بمفاوضات السد الألفى أو سد النهضة، فباتت المفاوضات فى حالة مماطلة من الجانب الاثيوبيى وتأجيل مستمر بعد تولى أبى أحمد رئاسة الحكومة الاثيوبية.

إن المماطلة السياسية عامة ما هى إلا خطر يدق ناقوسه عن بعد, فربما تكون المماطلة تلك نتيجة الاضطرابات العرقية فى اثيوبيا بتغير رئيس الوزراء هناك ولكنها تظل شئونًا داخلية لأشأن لنا بها، فالمماطلة السياسية سواء كانت عن عمد أو عن غير عمد تضر بالصالح المصرى بشكل أو بأخر، فان كانت المماطلة السياسية عن عمد فهذا يعنى أن الطرف الأخر يدبر شيئًا ما لصالحه وليس لصالح المفاوضات الثلاثية قد يكون تقدمه فى بناء السد حتى يضع على طاولة المفاوضات الجميع أمام الأمر الواقع وأن جزءًا كبيرًا من السد قد تم بنائه وحتى حقنا فى التحكم فى توقيت ملئ السد لم يعد لنا معتمدًا على طريقة مصر الحكيمة الدبلوماسية التى لن تغامر فى تدخل عسكرى أو هجوم على السد مما قد ينتج عنه فيضانات تقتل الكثير من الأبرياء.

المماطلة أيضًا فى مثل هذا المشروع لا يكون إلا لصالح الإدارة الاثيوبية، لانها دولة بسيطة لم تشهد مشاريع ضخمة كتلك التى نراها يوميًا تفٌتتح وكأنها شيئًا روتينًا فذلك المشروع القومى التى تقدمه الادارة الاثيبوبية للشعب ما هو الا امتصاص لكل الاضطرابات العرقية هناك وليس لديها شيئًا غيره لتقدمه فتشبثها بهذا السد من المؤكد أنه كبير جدًا، قد يكون طوق النجاة من كل الاضطرابات الداخلية هناك.

أما اذا كانت المماطلة غير مقصودة وذلك بسبب الاضطرابات ليس أكثر فهو أيضًا يلعب لصالح الجانب الأثيوبيى ويهدر الثمار التى خرجت بها مصر من المفاوضات الناجحة مع ديسالين حتى تُنسى ونعود للمربع صفر مرة أخرى، لذا وفى كل الأحوال لابد أن تنتهى تلك المماطلة بأى شكل وبأى طريقة على الفور مراعاة لعامل الوقت ونتائجه.

دائمًا مصر تنبذ مفاوضات الدماء ويتم احلالها بمفاوضات على الماء, مفاوضات دبلوماسية تدعو للسلام وتؤكد مذهب مصر فى السلام ولكن على المفاوضات الدبلوماسية المصرية أن تضع حدًا قاطعًا وموعدًا محددًا لانهاء تلك المماطلة وتحديد موعد جديد للمفاوضات وان لم تستجب اثيوبيا اليوم فلن ننادى بتدخل عسكرى تستطيع مصر أن تنجح فيه ولكن ما أبعد فكرة الحرب عن مصر وعن قلبها الذى لا يستطيع الاضرار بالأبرياء فيتبقى الحل الأمثل –فى رأيى- وهو البحث عن مصدر تمويل ذلك السد وشله أو صمه كما يفعل الطبيب فى صم الشريان الذى يغذى الورم واصابته بالانصمام أو التجلط، فحق مصر لن يضيع بأى شكل  حتى بقوة مصر الناعمة.