محمد زكريا يكتب: تدخين الأطفال

ركن القراء



منذ ما يقرب من عشرة أعوام كنت أدخن بشراهة، ألجا للتدخين لأهرب من هموم العمل وأزفر بالدخان وأنا غير مبالي على تلك الأضرار التي ستنتج عنه، حتى جاءت لحظة وقررت فيها أن أقلع نهائيًا عنه، تلك اللحظة كانت عزيمتي تخبرني بأنني قوي وسأقدر على ذلك، خاصة أن كل من حولي أخبروني أنني لن أقدر وأن أغلب المدخننين حاولوا ولم يستطيعوا، جازفت وحاولت حتى أنني فى تلك اللحظة لا أطيق رائحة السجائر ولا اي دخان عمومًا، حاربت نفسي بكل عنف واستطعت لعبت رياضة وأصبحت أكثر صحة بفضل الله مما كنت عليه وأنا مدخن.
 
اليوم أجلس وأنا معافي من شر التدخين، أري حولي ملايين الشباب والبنات يدخنون بشراهة ولا يعملون حساب للحظة انتكاستهم صحيًا وأتساءل أين عزيمتهم وإصرارهم؟. كيف جعل التدخين الإنسان عبدًا له؟ كيف أصبحوا مجرد آلات تزفر دخانًا؟.

تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أثبت أن 60 % من المدخنين يصابون بمرض السرطان سواء سرطان الرئة أو الحنجرة أو اللسان وما يثير دهشتي واستعجابي أن علب السجائر مرسوم عليها تحذيرات من أخطار السجائر ومع ذلك يدخنون بلا مبالاة حتى أن بعضهم يتحايل على هذا الأمر ويضع لاصقة على تلك الرسومات لأنها تثير اشمئزازه.

المريب في الأمر عند زيارتي لمصر في الآونة الأخيرة أنني رأيت أطفال لم يتجاوزوا السادسة عشر من عمرهم يدخنون السجائر علي كورنيش البحر أو في المقاهي البلدي يدخنون الشيشه، ما استدعى انتباهي أكثر أن أصحاب تلك المقاهي يتركون هؤلاء الأطفال يدخنون الشيشة بلا مبالاة فما يهم صاحب المقهى هو الربح فقط، فكلما زاد رواد المقهى من الأطفال يوميًا كلما ربح أكثر.
 
أصبح الأمر أكثر خطورة بدون رقابة من الأسرة أو من الدولة أو من الأشخاص العاديين عندما يعلمون بتدخيين هؤلاء الأطفال ولا يبالون بل إن التربح من وراءهم أصبح أمرًا اعتياديًا.

أجيال كامله تقتل نفسها بالبطئ على مدى سنوات ولا يوجد رقيب لهذا الأمر الخطير، من المسؤول؟ هل الأسر أم الناس أم شركات التبغ أم الدولة؟، لست أدري من المسؤول ولكنني أعلم أنها منظومة خطأ يدور فيها الجميع بمسؤولية تقع على عاتقهم وهم لا يعملون.

لعل المسؤول الأول هي الظروف الاقتصادية والانفلات الأخلاقي والديني الذي أدى إلى إباحة كل شئ حتى دارت الدائرة على الأطفال وأصبحوا أكثر خطورة على أنفسهم أولًا ثم على تلك البلد.