بعد ثلاث سنوات من الحزم.. الحوثيون محاصرون داخل مثلث صنعاء

عربي ودولي




باتت ميليشيا الحوثي الإنقلابية، مع انقضاء العام الثالث على انطلاق "عاصفة الحزم"، للتحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية والدعم الواسع للإمارات العربية المتحدة، محاصرة ومهددة داخل مثلث "صنعاء - الحديدة - صعدة"، الذي تهتز جدرانه يوماً بعد يوم نحو انهيار شامل لم يعد بعيدا.

وتؤكد صحيفة الإتحاد الإماراتية، أن أول تدخل بري للتحالف العربي في اليمن عبر إنزال قوات من الجيش الإماراتي في سواحل عدن في 14 يوليو 2015، شكل حدثاً فارقاً في عملية "عاصفة الحزم"، أسهم بشكل كبير في تحرير المدينة الاستراتيجية والعاصمة المؤقتة للبلاد من ميليشيات الحوثي بعد شهور من المعارك العنيفة. 

كما أسهم هذا التدخل بعد أسابيع من الإسناد الجوي لقوات الحكومة الشرعية وجماعات المقاومة الشعبية، في تحقيق انتصارات ميدانية كبيرة أخرى ضد الميليشيات في بقية محافظات الجنوب.

وكان الحوثيون اقتحموا تعز، ثالث مدن البلاد، في 20 مارس 2015 قبل أن يسيطروا في الـ24 من الشهر ذاته -أي قبل يومين على انطلاق عاصفة الحزم- على بلدة كرش أولى مناطق الجنوب في محافظة لحج وتبعد 100 كيلومتر عن عدن. 

وخلف الاجتياح العسكري الحوثي لجنوب اليمن، أواخر مارس، دماراً هائلاً في البنى التحتية، وسقط مئات القتلى من المدنيين في المعارك التي اندلعت بين الميليشيات الزاحفة من أقصى الشمال، وفصائل المقاومة الجنوبية والقوات الموالية للرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي الذي كان نزح إلى عدن، نهاية فبراير، بعد سقوط صنعاء.

وتمكنت المقاومة الجنوبية في الضالع، وهي معقل رئيسي للحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط عن الشمال، من طرد ميليشيات الحوثي من معظم مناطق المحافظة أواخر مايو 2015 بعدما استفادت من الدعم الجوي الكبير للتحالف الذي دمر بشكل كامل قاعدة عسكرية رئيسية للمتمردين.

ويرى التقرير أن انتصار المقاومة الجنوبية في الضالع كان مهدداً بسبب استمرار الحوثيين بإرسال تعزيزات لاستعادة المحافظة مستغلين وجودهم في المدن الجنوبية المجاورة، وهو ما جعل تحرير عدن مطلباً يمنياً وعربياً ملحاً يفتح الطريق أمام استعادة كامل مناطق الجنوب من الميليشيات الإيرانية التي كانت فرضت سيطرتها الفعلية على مضيق باب المندب الاستراتيجي ونشرت مقاتليها على العديد من الجزر على البحر الأحمر.

وفي 14 يوليو 2015، بدأ التحالف العربي هجوماً كبيراً لتحرير مدينة عدن بمشاركة قوات برية وبحرية وجوية في إطار عملية عسكرية نوعية وسريعة حملت اسم "السهم الذهبي لتحرير عدن". 

وتمكنت قوات التحالف والقوات الحكومية خلال ثلاثة أيام من استعادة معظم مناطق وأحياء عدن، لتنهي بذلك نحو أربعة أشهر من النزاع الدامي، الذي تسبب بمقتل أكثر من ألف شخص وإصابة تسعة آلاف آخرين، حسبما أفادت في حينه السلطات الصحية بالمدينة.

وبحسب الصحيفة فقد كان تحرير عدن في اليوم الأول من عيد الفطر الموافق 17 يوليو، بوابة الانتصارات الكبيرة في جنوب اليمن، إذ لم يكد يمضي أسبوعان على استعادة هذه المدينة الساحلية حتى خسرت ميليشيات الحوثي نفوذها على محافظة لحج المجاورة أمام تقدم قوات الحكومة والمقاومة بدعم عسكري بري وجوي كبيرين من قوات التحالف العربي.

وبينما كانت جبهات الحوثيين تتهاوى في محافظات الجنوب خلال أغسطس 2015، كانت تعزيزات عسكرية ضخمة للتحالف العربي تعبر حدود السعودية في طريقها إلى محافظة مأرب شرقي اليمن حيث تدور منذ العام 2013 معارك متقطعة بين القبائل المحلية وميليشيات الحوثي الطامعة في السيطرة على حقول النفط. 

وكانت المعارك في مأرب احتدمت بشكل كبير بعد أيام على استيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء في 6 فبراير 2015 وإعلانهم فتح جبهات قتال جديدة في المحافظة القبلية، التي وقفت بقوة أمام التمدد الحوثي، الذي كان اجتاح أواخر 2014 العاصمة صنعاء ومحافظات حجة وذمار والمحويت والحديدة وريمة وإب والبيضاء.

وفي محاولة منهم لإيجاد منفذ بري لميليشياتهم إلى مأرب بعد فشلهم في اختراق جبهة الجدعان بمديرية مجزر الشمالية والمحاذية لمحافظة الجوف، فتح الحوثيون جبهات قتال أخرى في كل من مديرية صرواح الغربية والمتاخمة لصنعاء، ومديريتي ماهلية وحريب الجنوبيتين على الحدود مع محافظتي البيضاء. 

وتوغلت الميليشيات في جبهة صرواح وصولاً إلى شرق مأرب حيث سيطرت على السد القديم الذي يبعد 20 كيلومتراً عن وسط المدينة.

وفيما كانت الآلة الإعلامية للحوثيين تروج بالسيطرة على مدينة مأرب، أطلقت قوات التحالف العربي هجوماً برياً ضخماً لمساندة قوات الشرعية انتهى خلال أيام بتأمين محيط المدينة واستعادة السيطرة على السد القديم في 28 سبتمبر 2015.

ورفعت القوات اليمنية أعلام اليمن والإمارات والسعودية والبحرين فوق سد مأرب التاريخي الذي أعاد بناءه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على نفقته الخاصة بتكلفة قدرت بـ 90 مليون درهم إماراتي، وتم افتتاحه في الحادي والعشرين من ديسمبر 1986.

وتؤكد الصحيفة، أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كان قد تعهد برفع الأعلام فوق سد مأرب أثناء قيامه بواجب العزاء بأحد شهداء الجيش الإماراتي الذين قضوا في مأرب دفاعاً عن كرامة وعزة اليمن. 

وخلال أكتوبر 2015، أحكمت القوات اليمنية بدعم من التحالف العربي سيطرتها على محافظة مأرب بالكامل باستثناء منطقة صرواح القريبة من صنعاء، في إنجاز عسكري نوعي سمح للشرعية لاحقاً بالانطلاق صوب العاصمة ومحافظة الجوف.

وأكدت الصحيفة، أن "عاصفة الحزم" حملت في عامها الثاني انتصارات كبيرة ضد ميليشيات الحوثي في معقلها محافظة صعدة الشمالية التي شهدت في العام 2016، وللمرة الأولى، مواجهات ميدانية بين قوات الشرعية الزاحفة من الأراضي السعودية، وميليشيات الحوثي التي كانت في السابق تخوض معاركها في مناطق بعيدة عن معاقلها.

وفي 11 أكتوبر 2016 نجحت قوات الشرعية بإسناد بري وجوي من التحالف العربي في تحرير منفذ البُقع الحدودي مع السعودية في بلدة كتاف شمال شرق صعدة. وبعد أقل من شهر، حررت قوات الشرعية منفذ علب الحدودي في بلدة باقم شمال محافظة صعدة.

واستعادت القوات الحكومية وحلفاؤها، العام الماضي، مناطق واسعة في بلدتي كتاف وباقم، بما في ذلك قواعد عسكرية ومطار عسكري ترابي والعشرات من الجبال والتلال الاستراتيجية. 

وفي تطور عسكري كبير للعمليات القتالية في معقل الحوثيين، اقتحم الجيش الوطني مدعوماً بقوات برية وجوية عربية، في 22 يناير الماضي، مديرية رازح الحدودية غرب محافظة صعدة بالقرب من مديرية حيدان مقر زعيم الميليشيات.

ومع تصاعد الهجمات الإرهابية لميليشيات الحوثي على السفن البحرية في البحر الأحمر، أطلق التحالف العربي والجيش اليمني، عملية عسكرية واسعة لتحرير الساحل الغربي البالغ طوله نحو 460 كيلومتراً.

وقالت الحكومة اليمنية، في ردها على مخاوف دولية من تعرض السكان في المناطق الساحلية لمخاطر، إن الهجوم العسكري يهدف لإنهاء معاناة اليمنيين وحمايتهم من انتهاكات ميليشيات الحوثي، "التي لا تحترم أي مواثيق أو قوانين دولية".

ونجحت عملية "الرمح الذهبي"، باستعادة معسكر العمري الاستراتيجي في بلدة ذوباب على بعد 30 كيلومتراً من مضيق باب المندب. 

كما حررت القوات اليمنية المدعومة بقوات برية إماراتية، معظم مناطق بلدة ذوباب الساحلية في جنوب غرب تعز، وتقدمت شمالاً باتجاه مدينة وميناء المخا على بعد 84 كيلومتراً شمال مضيق باب المندب.

وفي 7 فبراير 2017، حررت القوات اليمنية والإماراتية بإسناد جوي من التحالف العربي مدينة وميناء المخا في واحد من أهم الانتصارات العسكرية في عملية "عاصفة الحزم"، كونه انتزع من الميليشيات منفذاً بحرياً استراتيجياً ومهد تقدم قوات الشرعية إلى الحديدة.

وتؤكد الصحيفة، أن تحرير المخا شكّل صدمة كبيرة لميليشيات الحوثي، وفي 26 يونيو 2017، حققت قوات الشرعية بإسناد كبير من القوات الإماراتية وطيران التحالف إنجازاً عسكرياً نوعياً بعدما انتزعت السيطرة على قاعدة خالد بن الوليد العسكرية الواقعة في مديرية موزع غرب تعز على بعد 40 كيلومتراً شرقي ميناء المخا.

وفي 7 ديسمبر 2017، حررت قوات الشرعية مدعومة بالجيش الإماراتي وطيران التحالف العربي مدينة الخوخة الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة الإستراتيجية في نصر كبير فتح الطريق نحو ميناء الحديدة الذي بات على بعد 122 كيلومتراً.

وجاء تحرير الخوخة بعد ثلاثة أيام على اغتيال ميليشيات الحوثي الرئيس السابق علي عبدالله صالح داخل منزله بصنعاء، وتزامن أيضاً مع انتصارات كبيرة للشرعية في محافظة شبوة انتهت في 15 ديسمبر بدحر الحوثيين من مديريتي عسيلان وبيحان.

وواصلت قوات الشرعية في جبهة الساحل الغربي تقدمها لتنزع في 5 فبراير 2018 مدينة حيس، جنوب محافظة الحديدة، في عملية عسكرية كبيرة شاركت فيها القوات الإماراتية ضمن التحالف العربي. وتقترب قوات الشرعية حالياً من اقتحام مدينتي الجراحي والتحيتا، جنوب الحديدة، حيث تستمر معركة الساحل الغربي التي تعد من أعنف جبهات الصراع في اليمن كلفت الميليشيات آلاف القتلى والجرحى.

وشكلت معركة البيضاء حسبما ترى الصحيفة إرباكاً كبيراً لميليشيات الحوثي التي تقاتل حالياً في 32 جبهة قتال رئيسية في محافظات الجوف، صعدة، حجة، صنعاء (نهم وصرواح)، تعز والحديدة، وذلك بسبب الموقع الاستراتيجي لمحافظة البيضاء التي تتوسط ثماني محافظات، أربع شمالية وأربع جنوبية. 

وسيمهد تحرير البيضاء، تقدم قوات الشرعية إلى محافظتي إب وذمار حيث الأخيرة تبعد 99 كيلومترا عن جنوب صنعاء. 

كما سيساهم تحرير البيضاء في القضاء على جيوب الميليشيات في محافظتي أبين والضالع الجنوبيتين.