"عفيفي": "الطيب" استعرض في كلمته بموريتانيا دور الأزهر في الحفاظ على هوية الأمة

أخبار مصر



قال الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بين في كلمته التي ألقاها أمام كبار العلماء في موريتانيا دروسا مستفادة ينبغي أن تعيها الأجيال، حيث بيّن دور مصر الحضاري والعلمي، مصر حاضنة الأزهر الذي حفظ تراث الأمة في فترات تاريخية صعبة، تعرض العالم العربي والإسلامي فيها لهجمات وموجات غزو وتدمير عصفت بمقدرات الأمة العربية.

حيث تعرض التراث لعمليات حرق وتدمير كبير، وقد تكفل الأزهر الشريف بجمع هذا التراث من خلال هذا الحصن الآمن الذي حافظ عليه جمعًا وتدريسا وشرحًا وفهمًا ونشرًا واستيعابًا وهضمًا، مما يؤكد على العقلية الأزهرية الواعية، والذاكرة التاريخية لهذه المنارة العلمية العظيمة.

وأضاف عفيفي أن الإمام الأكبر أكد في كلمته الماتعة الجامعة المانعة أمام كبار علماء موريتانيا أننا في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم والتي تستوجب التصدي للعنف والإرهاب، وضرورة التعاون المشترك بين الأزهر الشريف وعلماء شنقيط وهذه المحضرة العلمية التي انتشرت في ربوع موريتانيا، وكان لها دور كبير في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للشعب الموريتاني الذي يعد نموذجًا طيبًا في التماسك؛ حيث عزى الإمام ذلك إلى محافظة العلماء على تراث الأمة حفظًا ورواية وشرحًا وتعليقًا وهو ما يتسق مع منهج الأزهر الشريف تلك القلعة العلمية التي تميز منهجها بالجمع بين علوم العقل والنقل والذوق.

وتابع الأمين العام أنه يجب أن نتوقف عند هذه القضية الكبرى التي لم يفهمها من يهاجمون الأزهر ويتهمونه بالجمود والتعصب وغير ذلك، ونقول إن الحفاظ على هوية الأمم والمجتمعات والأفراد هو أساس بقائها، ومقاومتها لعوامل الاستقطاب والهيمنة، والواقع يؤكد ذلك، وقد تعرض تراثنا على مر تاريخه لعدوان مادي تمثل في إحراق الكتب والمخطوطات وعمليات تدمير المكتبات العامرة في بغداد ودمشق وعدد من المدن، وأيضًا تلك المحاولات المستمرة للغزو الفكري، والطعن في كل ما يتعلق بالتراث وحملات التشكيك المستمرة في السنة والنيل من جهود العلماء باسم التنوير والحداثة والعقلانية والبنيوية والهرمينوطيقا وغير ذلك مما يتم استدعاؤه ومحاولات إخضاع التراث له ومحاولات قراءته بدون ضوابط تعين على فهم هذا التراث.

ولفت إلى أن الإمام الأكبر بيّن بموضوعية وبمنهجية، أن الأزهر الشريف على مر تاريخه لم يكن مجرد حارس للتراث فقط، ولكن تم إعمال العقل وفق ضوابط دقيقة فاجتمع النص والعقل والذوق وهو ما أعاد الحياة للتراث، ويسر سبل الاستفادة منه، ومعرفة كيفية قراءته، وبالتالي يمكننا أن نقول إنه لا يمكن أن يقرأ التراث بعيدًا عن الواقع الذي وجد فيه والظروف المختلفة التي تزامنت معه، ولا يمكن لأمة أن تستغني عن تراثها، وإلا فما الحكمة من حديث القرآن عن أحداث ووقائع حدثت ولم نشهدها ولم يشهدها أصحاب رسول الله ﷺ ولا الرسول ﷺ.

وأوضح عفيفي أن الزمن يعني: الماضي والحاضر والمستقبل، ولا يمكن أن يتحقق العيش للإنسان دون الاستفادة من الماضي، كما انه لابد وأن يدرك تحديات الحاضر لمعرفة كيف تكون المواجهة ويجب التفكير في المستقبل، وإلا لما تحدث القرآن عن المستقبليات وما سيحدث من أحداث، وأحاديث الرسول ﷺ عن الفتن وما سيحدث منها، مما ينبغي الحذر منه.

واستطرد قائلا: كما أن الأزهر الشريف حافظ على تراث الأمة، وأكد على ضرورة إعمال العقل ومعايشة الواقع حتى نحافظ  على هويتنا العربية والإسلامية ونقوي المناعة لدى الأجيال التي تتعرض للمحاولات المستمرة لتدمير هويتها عبر مسارات ثقافية وإعلامية، وتغير أنماط السلوك والأخلاق، وعمليات المسخ ومحاولات استنساخ أجيال لا تعرف ماضيها ولا تعي حاضرها ولا تستشرف مستقبلها.