دكتور أحمد أبورحيل يكتب: القانون.. والعدالة الغائبة

ركن القراء



نجد الكثير من الحقوقيين يطالبون بتطبيق دولة القانون،وإننا يجب أن نفعل القانون على الجميع رغبة منهم فى تحقيق العدالة بين الناس.

ونجد ايضاً أن الناس عندما يتعرضون للظلم والقهر والاضطهاد يطالبون بحكم القانون.
 
والسؤال الذى نطرحه هنا هل القانون يحقق العدالة فى المجتمع؟
فإننى استطيع أن اجيب على هذا التساؤل فى بداية مقالتى بإجابة قاطعة وهى ((لا))
وذلك من خلال العرض الآتى:
فالعدالة هى اعطاء كل ذى حق حقه ,والاخذ من الظالم وإعطاء المظلوم،والعدالة تقيم الحق وتهدم الباطل ،والعدالة تبحث عن الحقيقة وتبحث عنها بتمعن ،وتبنى رأياً مستقلاً مبنياًعلى ماتصل إليه من مسلمات،ثم تصل الى تحديدالظالم والمظلوم.

وهنا نستعمل القانون المحقق للعدالة ولكن بعد معرفة الظالم والمظلوم، ونرى انه واجب القضاء الحقيقى ليس تطبيق القانون وحسب بل الاستفادة منه بعد تحديد الظالم والمظلوم.

لذلك كان القضاه فى العصور السابقة التى انتشر فيها العدل وتحققت فيها العدالة غالباً ماكانوا فلاسفة يتمتعون بالحكمة والمنطق ولديهم دراية بأمور الحياة،حيث انهم قبل تطبيقهم للقانون يعرفون من الظالم ومن المظلوم، لذلك فالقانون هنا وسيلة لتحقيق العدالة،لأن منفذيه لديهم دراية وعلم بمخالفيه ،فيرجعون الحقوق لأصحابها طبقاً للقانون.

أما الآن فقد حل القانون محل العدالة،لأن من يمتهنون مهنة القضاء يشتغلون بالقانون ونصوصه ومواده فقط وليس بمعرفة من هو الظالم ومن هو المظلوم ويأخذون من القانون المبررات عندما يصعب عليهم إدانة الظالم وإنصاف المظلوم، والقانون لايهتم بالحقيقة بل يهتم بمن تثبت عليه أدلة الإتهام او أدلة البراءة بصرف النظر عن انهما حقيقة أم لا، والقضاة هنا ليس لديهم ذنب فى ذلك  بل هم ضحية أيضاً لهذا القانون، وإنما العتاب هنا واللوم على المشرع.

وبالتالى تضيع العدالة بسبب عدم ثبوت الأدلة بالرغم من أنها قد تكون حق، ومن هنا يكون القانون الذى ننادى بتطبيقه حاجزاً يمنع تحقيق العدالة، وبالتالى يجب على الاجهزة المعنية باستصدار القوانين ان تطرح القانون اولا للمناقشة المجتمعية وان تراعى ظروف المجتمع وسمات المواطنين الذين يطبق عليهم القانون ويقوم بتسيير امور حياتهم.

فالقانون ليس للردع فقط وانما هووسيلة لحفظ الحقوق وتنظيم الاعمال ايضاً،وليس وسيلة تعجيز للقيام بالأعمال ،ويؤسفنى أن اقول أن بعض القوانيين تحتاج الى مراجعة سريعة لانها تعمل على انتشار الفساد من شدة صرامتها مما جعل المواطنيين يبحثون على الطرق والبدائل  لتجاوزها ومخالفتها فهى تفتح باباً للرشوة ،والغريب انك تجد بعض القوانيين وكأنما وضعت من اجل مخالفتها فهى توجهنا الى الفساد مباشرة !!، (فإن امرت أن تطاع فأمر بما يستطاع).

وفى النهاية اطرح على حضراتكم عدة تساؤلات:
هل نحن نسير طبقا للقانون ام نسير طبقا لمزاج منفذ القانون؟
هل الذى يضع القانون لكى يطبقه على نفسه ألم يضع به ثغرات لكى يخرج منها عند الحاجة إلي ذلك؟
 هل القانون يطبق على الجميع ؟
لنفترض إنه يطبق على الجميع هل هذه عدالة ؟
أليس لدينا فروق فردية؟
أليس لدينا ظروف مختلفة وبيئات مختلفة وخبرات مختلفة ....الخ؟
هل هذه عدالة عندما نعاقب الشخص الذى يسرق ليشبع بطون ابنائه ويمنعهم من الجوع، كالذى يسرق من اجل أن يشبع رغبات ابناءهفى الحصول على السيارات الفارهة والقصور العالية، هل هذه عدالة ؟!!
فيجب علينا قبل تحقيق القانون تحقيق العدالة حتى يحقق القانون الهدف المنشود منه 
وهو الأمن والسلامة على النفوس والاملاك والمقدرات،فإذا كان الامن اهنئ عيش فان العدالة اقوى جيش.