7 آلاف حضانة غير مرخصة

العدد الأسبوعي



عندما يتحكم الجهلاء فى مستقبل الأطفال

يشرف عليها حملة دبلومات.. والأخونة والاعتداء الجنسى أهم الأخطار المعرض لها الصغار


رعاية الأطفال فى الحضانات، أصبحت مهنة أى عاطل أو جاهل، أو فاشل وسبوبة لكل من عجز عن الحصول على وظيفة، استغلالاً لانشغال الوالدين فى العمل لتوفير حياة لائقة للسرة ومواجهة تكاليف المعيشة الباهظة.

ويمكن لأى عاطل، لم يصل فى تعليمه سوى لمرحلة الدبلوم، أن يصبح صاحب حضانة، إذا قرأ بعض الكتب التى يتم بيعها على الأرصفة، وحصل على شقة أو بدروم بالإيجار، وقام بتعليق لافتة تعلن عن وجود حضانة للأطفال، حيث يسرع المواطنون الموجودون فى المنطقة إلى إرسال صغارهم إلى المكان متمنيين الحصول على مكان لأطفالهم بسبب انشغالهم فى العمل، خصوصاً إذا كان المقابل فى حدود إمكانياتهم.

ويتطلب إنشاء حضانة للأطفال عدة خطوات بسيطة سهلة أمام أى راغب فى الإشراف على رعاية أبناء المواطنين أولها التوجه إلى الحى التابع له مقر الحضانة، والذى يحول صاحب الطلب للهيئة العامة للبنايات، والتى تقوم بدروها بتحويله إلى موظف يذهب لمعاينة مقر الحضانة ومشتملاته من مرافق، والذى يملك سلطة رفض الطلب فى حال عدم توافر اشتراطات تأسيس حضانة، وفى حال توافرها يمنح صاحب الطلب تصريحاً مؤقتاً، وبعد اطلاع مسئولى الحى على التصريح المؤقت يتم تحويل كل العدادات الموجودة فى مقر الحضانة من خاصة إلى تجارية، ثم يقدم صاحب الحضانة طلباً يحتوى على بياناته، وتفاصيل ومكان الحضانة كى يحصل على ترخيص لإقامتها، بالإضافة إلى معرفة اسم الحضانة والمرافق الملحقة بها، ومساحتها وعدد ساعات العمل بها والفئة العمرية التى تستضيفها.

مسئول بوزارة التضامن، قال إن مصر تضم نحو 25 ألف حضانة، منها 7 آلاف غير مرخصة، لاتخضع لإشراف أى جهة رقابية بالدولة، لضبط العملية التربوية بها، مشيراً إلى أن الوزارة أرسلت لكثير منها إنذارات بالغلق، إذا لم يكملوا أوراق التراخيص.

والتقت «الفجر»، عدداً من المشرفين على تعليم الأطفال فى هذه الحضانات، حيث لاحظت أن مديرى تلك الحضانات أو أصحابها لا يشترطون حصول المشرفين على الصغار أى مؤهلات الدراسية، وتعيينهم يكون عن طريق مالك الحضانة، وعادة ما يكونوا من أقارب أو معارف المالك، الذى لا يهتم بأفكارهم أو المواد التى يدرسونها، وتؤثر على سلوكيات الأطفال فى المستقبل.

أما المناهج التى يتم تدريسها فى هذه الحضانات فاطلع عليها محرر «الفجر» بعد تواصله مع أحد ملاك الحضانات بمنطقة السيدة زينب، بحجة رغبته فى إنشاء حضانة بمنطقة فيصل، فأبلغه بأن الكتب التى يتم توزيعها على الأطفال بالحضانة مجهولة المصدر، اشتراها من منطقة الفجالة، وتحتوى هذه الكتب على طرق تعليم الحروف العربية والإنجليزية، وبعض الأنشطة البسيطة، بالإضافة لكتب لتعليم الرسم والألوان، لافتاً إلى أن هناك أشياء يضطر لنقلها من مواقع على الإنترنت مثل بعض الرسومات ويقوم بطباعتها وتوزيعها على الأطفال.

وأضاف أصحاب الحضانة أن الحصول على الترخيص يتطلب كثيراً من الأموال لأن الشروط التى وضعتها وزارة التضامن، مكلفة جداً مثل وجود «شبابيك معزولة ومؤمنة، أجهزة إطفاء حريق، وسرير، وحدة إسعافات أولية، ومقاعد للأطفال بمواصفات معينة»، بالإضافة لضرورة أن يتوافر بالمكان نفسه عدة شروط من حيث كفاءة البناء وغيرها، لافتاً إلى أن كل ذلك مكلف جداً فى ظل أن الطفل يتواجد بالحضانة مقابل 50 جنيهاً فى الشهر، حيث تضم الحضانة فى المتوسط 75 طفلاً، لذا لا تكفى الحصيلة لهذه المتطلبات فضلاً عن أجور العاملين بالحضانة أرباح المالك.

وأوضح أنه لا يشترط حصول المشرفين على الأطفال على مؤهل تربوى أو مؤهل عالِ من الأساس، وقال: «أ ب ت مش محتاجة مؤهل وكل الناس عارفاهم»، لافتاً إلى أن بعض العاملين لديه حاصلون على الإعدادية وأحياناً دبلوم فنى تجارى، ويستطيعون تعليم الأطفال كل شىء.

وبسؤاله عن طريقة التصرف فى حالة مرض أو إصابة طفل أثناء وجوده بالحضانة قال إنه فى هذه الحالة يتم إرسال الطفل إلى منزله حتى لا تتحمل الحضانة المسئولية، وضحك: «أصلاً مفيش حاجة تثبت أنه عندنا»، ناصحاً محرر «الفجر» بأن يقوم بإرضاء المسئولين بالحى حتى تستمر الحضانة فى العمل.

وعن الحضانات الملحقة بالجمعيات الشرعية والخيرية والتى تسمى بـ»الحضانات الإسلامية» فيتم تأسيسها فى الأساس لزيادة دخل الجمعية، وتتم إنشاؤها بتخصيص جزء من الجمعية وتجهيزه ليكون حضانة للأطفال، ويختلف سعر الالتحاق بهذه الجمعيات على حسب مناطق وجودها، وتتراوح أسعارها بين 20 و70 جنيها.

ويقتصر التدريس بهذه الجمعيات على تعلم الحروف الأبجدية والإنجليزية والرسم والألوان، على حد قول أحد أولياء الأمور بتلك الحضانات، مشيراً إلى أنهم يعلمون الأطفال الصلاة والوضوء، بالإضافة إلى بعض العادات الإسلامية والاجتماعية.

ومن جانبه استنكر مصطفى حمام، أحد القاطنين بجوار إحدى الجمعيات بمدينة جرجا فى محافظة سوهاج، وجود حضانة داخلها، بسبب توجه بعض القائمين عليها، حيث أن بعضهم له توجهات معادية للنظام، متسائلاً: كيف نسلم عقول الأطفال لمثل هؤلاء؟ لافتاً إلى أنه فى نفس الوقت يغيب دور وزارة التضامن فى الإشراف على تلك الجمعيات.

ولفت مصطفى إلى أن هناك واقعة شهيرة داخل المركز حيث قام شاب من ضمن المشرفين على الحضانة بالجمعية بالتعدى على طفلة جنسياً، ولم يتم إثبات الواقعة، وتم الاكتفاء بطرد الشاب من المنطق، مشيراً إلى أن هذه الجمعيات لو كانت مرخصة وتابعة لوزارة التضامن الاجتماعى ما عمل كل من هب ودب» مدرساً للأطفال.

وقالت منار أبوالحسن، أم لطفل، بإحدى هذه الحضانات إنها لا تثق فى وجود طفلها هناك، ولكن مضطرة لذلك بسبب توجهها للعمل بشكل يومى، بالإضافة لارتفاع سعر الحضانات الخاصة، مشيرةً إلى أنها تدفع 60 جنيهاً فقط مقابل وجود طفلها بالحضانة، مشيرة إلى أنها تشعر بالقلق الشديد عليه أثناء وجوده هناك، بسبب عدم تخصص القائمين على الحضانة، فى رعاية الصغار ولعدم وجود من يسعفه طبياً لو تعرض لمكروه هناك، خاصة أنها تظل خارج المنزل طوال ساعات النهار.

واقترحت أبوالحسن إسناد ملف الحضانات ليكون تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، لتختص بتحديد مناهج علمية مدروسة وثابتة، تكون باستطاعتها تنمية فكر الطفل ومهاراته بشكل صحيح.