في يومها العالمي.. 5 نساء جسدن دور المرأة في الروايات العالمية

الفجر الطبي



يهدف يوم المرأة العالمي إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، ودفعها وتشجيعها للعمل والتفوق، للوصول لمكانة مرموقة في المجتمع، ففكرة الشعوب قديمًا كانت تنظر للمرأة بأنها كائن ضعيف لا يتسطيع الخوض للحياة العملية والتجربة، ويقتصر دورها في بيتها ترعى شئون أسرتها. 

وقد جاءت فكرة 8 مارس لكي يصبح اليوم العالمي للمرأة تكريمًا لها على دورها في المجتمع حتى لو لم تكن إمرأة عاملة ولكن يكفي أن يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة تتحملها وحدها في المنزل تبني أسرة كاملة تصنع أجيال تقود زوجها وتدفعه للامام، فهي تستحق مثل هذا اليوم عن جدارة فبدونها لا تصبح الحياة حياة.

ومن هنا نقدم لكم مجموعة من الشخصيات النسائية التي جسدت دور المرأة في الروايات العالمية وأثرت في المجتمع حتى الآن:-

قيرا باقلوقنا.. بطلة رواية "ما العمل؟ – What’s to be done"

تعد الرواية للكاتب والفيلسوف الروسي نيكولاي تشيرنيشيفسكي والتي ألهمت العديد من المفكرين الروس آنذاك وعلى رأسهم ڤلاديمير لينين.

قام لينين بقراءة هذه الرواية خمس مرات خلال صيفٍ واحد، الأمر الذي دفعه فيما بعد إلى إصدار إحدى أهم أعماله الأدبية والفكرية مستخدماً نفس عنوان رواية تشيرنيشيفسكي “ما العمل؟ – What’s to be done“.

تدور أحداث القصة حول ڤيرا باڤلوڤنا، تلك الفتاة الروسية غير التقليدية، التي تهرب من بيت أسرتها بعد أن قرروا تزويجها، وذلك لتحقق استقلالها الذاتي في المجتمع.

ڤيرا شخصية طموحة ولكنها غير جشعة، شجاعة ولكنها غير طائشة، كما أن ذكاء باڤلوڤنا وصراحتها وثقافتها كانت السبب في ارتياد أمهر الفنانين والموسيقيين والطلبة -الذين كانوا يمثلون حينها الشباب التقدمي الروسي الذي يسعى إلى نشر الفكر الإشتراكي في مجتمعهم- لمنزلها.

لم تكتفي ڤيرا باستقبال نخبة الشباب الروسي في منزلها ومناقشتهم لجميع أفكارهم التقدمية والاشتراكية، إنما قامت أيضاً بإنشاء ورشة عمل فريدة من نوعها تدعم دور المرأة في المجتمع وتساعدها على تحقيق استقلاليتها. 

فقد كانت الورشة تستقبل الفتيات اللواتي ينتمين إلى الطبقة الفقيرة من المجتمع، حيث كانت ڤيرا توفر لهن عملاً وراتباً ومكاناً للسكن ووجبات طعامٍ مقابل مبلغٍ زهيد كانت تأخذه منهن.

طموح باڤلوڤنا لم يتوقف عند هذا الحدّ، بل وصل بها إلى حصولها على شهادة الطب، لتصبح من أوائل الطبيبات في سان بطرسبرغ. كما أنها كانت أول من وضع نهايةٍ لارتداء النسوة للكورست (مشد الخصر).

شخصية ڤيرا كانت شخصية نسائية استثنائية في القرن التاسع عشر. فثورة باڤلوڤنا على الواقع الروسي السياسي والاجتماعي، وتحدّيها لكل تقاليد مجتمعها آنذاك، وعملها المستمر في سبيل تمكين المرأة وجعلها تلعب دورا أساسيا في إحداث تغييرٍ في نظام روسيا القيصرية آنذاك والمشاركة في صنع مجتمع اشتراكي وصناعي، تجعلنا بلا شك نضعها على لائحة أهم الشخصيات النسائية في الأدب العالمي.

كيرا نايتلي في دور البطولة في فيلم آنا كارِنينا، رائعة ليو تولستوي
وهي بطلة رائعة الكاتب الروسي الكبير ليو تولستوي؛ إمرأة فائقة الجمال، ذكية، مثقفة ومطلعة على الفن، كما أنها تعشق القراءة وتكتب قصصاً للأطفال.

سعي آنا وراء الحب والصدق، ورفضها للتظاهر بأشياءٍ غير حقيقة لإسكات المجتمع، يحوّلها من سيدة مجتمع من الدرجة الأولى إلى إمرأة ينبُذها كل من حولها.

وقوع آنا في حب الضابط ڤرونسكي، ودخولها في علاقةٍ غير شرعيةٍ معه، يُظهر لنا كمية النفاق وازدواجية المعايير التي كانت تطغى على المجتمع الروسي آنذاك. فلم يقم أحد من المجتمع بنبذ شقيقها ستيڤا أو حتى بمعاتبته عند قيامه بخيانة زوجته دوللي، في حين أن المجتمع مارس كل أنواع التحقير والنبذ والإهانة بحق آنا، حين اكتُشِفت علاقتها مع ڤرونسكي واعترافها بحبها له ورفضها لزوجها الحقيقي.

وعدا عن مدى تعلق جنس آنا بردّة فعل مجتمعها على تصرفاتها، فإن شخصية آنا وتجرؤها على العيش وفقاً لمبادئها هي، لا مبادئ غيرها، ورفضها للمظاهر التي كانت تملىء الوسط الذي كانت تعيش فيه، وتمردها على خلو هذا الوسط من الشغف بالحياة، جعل المجتمع يقسو عليها أكثر وأكثر، وينفيها منه إلى الأبد.

شجاعة آنا، وجرآتها وصدقها مع نفسها ومع غيرها جعلاها أهم إمرأة عرفها التاريخ على الرغم من كونها شخصية أدبية خيالية وغير حقيقية. كما أن تولستوي كان موفقاً في اختيارها لختم روائعه الأدبية التي لازالت إلى حد اللحظة مثاراً للجدل.

ميا واشيفاسكا في دور إيما بوفاري بطلة رواية "مدام بوفاري"
وهي بطلة رواية “مدام بوڤاري – Madame Bovary” للكاتب الفرنسي چوستاڤ فلوبير. هذا العمل الذي أثار جدلاً كبيراً في الأوساط الأدبية وقتها والذي أدّى بدوره إلى اتهام چوستاڤ بخدش الحياء العام والتعاليم الدينية، وذلك لحديث القصة عن الزنا الذي كانت تقوم به مدام بو بوڤاري وهي متزوجة من الطبيب شارل بوڤاري.

شخصية إيما بوڤاري، شخصية معقدّة على الرغم من وضوح معالمها وعلى الرغم أيضاً من علم القارئ لما تحب إيما ولما تكرهه. التعقيد الذي تحتويه شخصية إيما يكمن في أن فلوبير صنع إيما وقدّمها من وجهة نظره هو، وتشارك معها في العديد من الصفات، فبعد إنهائه لهذه الرواية قال فلوبير “إيما بوڤاري هي أنا”.

إيما كانت تعيش طفولة غير سعيدة، لذلك كانت تجد في الروايات الرومانتيكية والخيالية مهرباً لها، لعالمٍ يلائمها أكثر. إلّا أن هوس إيما بهذه الكتب جعلها تفقد فيما بعد الإحساس بالواقع، فأصبحت تبحث عن الحب، والثروة والوضع الإجتماعي الجيد بكل الوسائل غير المشروعة؛ حيث تدخل إيما في علاقاتٍ محرمةٍ مع الرجال من أجل الحصول على المال أو على الحب.

شخصية إيما لم يكن لها أثرٌ على المجال الأدبي فقط، وإنما على المجال الطبي أيضاً، فهنالك اضطراب نفسي يُعرف طبيّاً ال”Bovarysme” -مُشتّقاً من مدام بوڤاري- وهي حالة يحلم فيها المريض أحلام يقظةٍ عن المجد والبطولة والثروة، رافضاً كل الظروف الواقعية المحاط به.  

جلين كلوز في دور ماركيز دو مورتيل، بطلة رواية "العلاقات الخطرة"
وهي بطلة رواية "العلاقات الخطرة" للكاتب الفرنسي بيير دو لاكلو. وتعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات الفضائحية التي عرفها التاريخ. فرواية العلاقات الخطرة نُشرت على شكل رسائل تتبادلها شخصيات القصة فيما بينها، تدور مواضيعها حول الماركيز دومورتيل وعشيقها السابق ڤيكونت دو ڤيلمون اللذان يستمتعان بإهانة الناس والانتقام منهم عن طريق العلاقات الجنسية.

وما يجعل شخصية الماركيز دو مورتيل من أهم الشخصيات النسائية في الأدب العالمي، هو ذكائها وإصرارها منذ أن كانت صغيرة على العيش بحسب شروطها هي لا شروط غيرها، شخصية الماركيز بَنَت نفسها بنفسها، ولم تترك للمجتمع أو للقدر مجالاً لحصر حياتها وتصرفاتها في زوايةٍ واحدة.

ولكن مشكلة الماركيز تكمن في تسخيرها لجميع تلك الصفات القوية في القيام بالانتقام من هذا وذاك على حساب أناسٍ ساذجين وبريئين، وبالتالي تبنيها لمبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” جعلها تُدمر حياة العديد من الناس حولها وحياتها هي في النهاية.


ميا واشيفاسكا.. بطلة رواية "جين آير" للروائية الرائعة شارولت برونتي
وهي بطلة رواية "جين آير" للكاتبة شارولت برونتي، والتي جعلت فيها شارلوت من جين صوتاً لها، تُعبِّر من خلاله عن آرائها – التي كانت تُتعبر راديكالية حينها- حول الدين، الطبقات الإجتماعية والجندرية.  

شخصية جين آير من أجمل الشخصيات النسائية في الأدب العالمي وأكثرها تمردّاً وعقلانية. فجين اليتيمة كانت فتاة ذكية، موهبة وقارئة من الدرجة الأولى. 

كما أن قوة شخصيتها لم تسمح للمعاملة السيئة التي كانت تعاملها إياها زوجة خالها السيدة رييد بأن تمنعها من تحقيق سعادتها، فكانت جين تقرأ وتقرأ وتقرأ، إيماناً منها بأن القراءة سوف تحسّن من وضعها الإجتماعي وستساعدها من الهروب من واقع طفولتها المرير.

ملامح شخصية جين تظهر منذ طفولتها، فهي فتاة ذكية، متمردة، غير تقليدية، تكره الظلم وتعشق الحرية والنجاح، فعندما كانت زوجة خالها تعاملها بظلم، كانت جين تقف مدافعةً عن نفسها ولم تسكت في يومٍ من الأيام على المعاملة السيئة التي كانت تتلقها من زوجة خالها وأولادها.

شخصية جين تقودها لرفض التمييز الموجود في المجتمعات سواء كان على مستوى الطبقات الإجتماعية أو على مستوى الجندر، كما أنها ترفض وتتمرد على القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة ونشاطاتها، فجين تؤمن بأن تعليم المرأة وتثقيفها مهم مثلما يعتبره المجتمع مهماً بالنسبة للرجل.