الصحافة العالمية تلاحق عرّاب صفقات "الحمدين" القذرة في أوروبا

السعودية




تحاصر فضائح الفساد القطري المسؤولين الدوليين الذين وقعوا في شباك "تنظيم الحمدين"، وشرع عدد من الكتاب والصحفيين الدوليين في ملاحقة المعلومات المتعلقة بملف قطر الداعم للإرهاب، فاضحين عدداً من السياسيين والرؤساء السابقين في أوروبا لضلوعهم في صفقات فساد مشبوه، وفي فرنسا تكشفت العديد من المعلومات عن عمق تغلغل الفساد القطري في دوائر صنع القرار بفضل شراء تنظيم الحمدين لخدمات الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي -حكم بين عامي 2007 و2012- الذي غرق في الفساد القطري حتى المنتهى، وبات عراب الصفقات القذرة للحمدين في القارة الأوروبية، وهو ما وثقه الصحفيان الفرنسيان فانيسا راتينيه وبيير بييون، في كتابهما "فرنسا تحت التأثير.. عندما تتخذ قطر من بلدنا ميداناً للعلب".

الكتاب الوثائقي يزخر بوقائع فساد حمد بن خليفة وحمد بن جاسم وثالثهما ساركوزي، كعصبة فساد وإفساد، الكاتبان رصدا كيف انهار ساركوزي أمام بريق الذهب القطري، وكيف باع ساركوزي نفسه تحت أقدام صناع الظلام القطري، فالرئيس الفرنسي الأسبق نفذ الكثير من الصفقات القذرة وغض النظر عن تمويل الدوحة للجماعات المتطرفة في فرنسا وأوروبا.

ويفضح الكتاب الفساد القطري المرتبط برمز السلطة القطرية، والسياسات المنحرفة للهيمنة المتزايدة على السوق الفرنسية، وحرص الصحفيان في الكتاب الصادر في 484 صفحة عن دار نشر "فيار" الفرنسية العريقة على إلقاء الضوء على الفساد السياسي الفرنسي، الذي ساند الخطط الخبيثة لدولة قطر في مقابل الحصول على النفط والأموال، وبصفة خاصة خلال فترة رئاسة نيكولا ساركوزي.

ويرصد الكتاب كواليس بداية العلاقات المريبة بين الحمدين وساركوزي منذ عام 2007، عندما موّل حمد بن خليفة قضية طلاق ساركوزي من زوجته سيسيليا، يقول الكتاب نصاً: "في صيف 2008 -ونقلاً عن قصر الديوان في الدوحة- جاء ساركوزي يبكي للشيخ القطري بسبب طلب زوجته السابقة ثلاثة ملايين يورو مقابل الطلاق، واستجاب الصديق القطري، وساعد الرئيس الفرنسي، ودفع متطلبات سيسيليا التي تزوجت فيما بعد ريتشارد أتياس، رجل الأعمال اللبناني المقيم في أمريكا".

كما أرادت قطر دفع تكاليف الطلاق الرئاسي شراء مواقف ساركوزي وإقناعه بالتصالح مع نظام بشار الأسد، بعد فترة توتر بعد مقتل رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري عام 2005، إذ وجهت باريس أصابع الاتهام إلى دمشق بالضلوع في التفجير الضخم، الذي هز بيروت وقتل الحريري، ورغب حمد بن خليفة في إنجاز مصالحة بين باريس ودمشق تكرس من الدوحة كلاعب أساسي في سياسة الشرق الأوسط، وهو ما تم فعلاً، وذلك قبل أن تنقلب قطر على سوريا، وتبدأ تمويل داعش والنصرة لتدمير بلاد الشام.

وجد حمد بن خليفة استعداد ساركوزي للانبطاح أمام المال القطري فرصة ذهبية من أجل إشباع أوهام الزعامة القطرية في المنطقة، فكان حمد أول مسؤول عربي يزور الإليزيه للتهنئة بتولي ساركوزي مهام منصبه، وبدأت عجلة الإملاءات سريعاً، إذ استأنفت العلاقات الدبلوماسية بين سورية ولبنان في 12 يوليو 2008 بعد توتر، وبعد يومين شارك بشار الأسد وحمد بن خليفة في احتفالات فرنسا بعيدها الوطني بالشانزليزيه وحضرا العرض العسكري.

فتدفقت الأموال القطرية على باريس، بحسب الكتاب، بصورة غير مسبوقة، وتم تسخير الأموال والاستثمارات القطرية لتحقيق الأطماع القطرية، يقول الكتاب بحسب صحيفة "الرياض" السعودية، التي قدمت ملخصاً له: "إن قطر تعلمنا الكثير عن أنفسنا وعن كيفية النظر إلى هذا الجسم السياسي الغريب، وكيف غرقت النخب الفرنسية في العولمة، وفي سحر هذه الأموال والرفاهية والبذخ، مشيرين إلى حفلات الاستقبال التي كانت تقيمها قطر في الجناح الأنيق جداً بقصر دوفين الواقع بمنطقة فاخرة على أطراف العاصمة الفرنسية، أو في أفضل المطاعم في باريس".

مغناطيس قطر

وأضاف المؤلفان: «ثروة قطر أصبحت بمثابة مغناطيس لا تمانع باريس في الانجذاب نحوه غير مبالية بالقيم التي تحملها جمهوريتنا»، وكشفا عن أن بعض كبار الرجال الفرنسيين كانوا يتزاحمون كل عام للمشاركة في «منتدى الدوحة»، لمناقشة الديمقراطية، وأن قائمة المسؤولين الذين كانوا يحرصون على حضور هذا المنتدى، وتطول القائمة لتنال أسماء مثل سيجولين رويال مرشحة الرئاسة الفرنسية السابقة، فضلاً عن أعضاء في البرلمان والحكومة الفرنسية، وانتقد الكاتبان تجاهل الوفود الفرنسية لما يجرى من تنكيل بالعمالة الأجنبية في قطر على مسمع منهم.

قمع ممنهج

أشار الكاتبان الفرنسيان  إلى القمع الممنهج داخل قطر لمن يجرؤ على الكلام لكشف فساد الحمدين: «منذ رحلتنا الأخيرة لقطر، وجدنا الإجراءات أكثر صعوبة، وأنه يتم توقيف عدد من الصحفيين الفرنسيين والأميركيين، ويطلب منهم نسخاً من جوازات السفر والأوقات المحددة للإقامة وأرقام الرحلات»، وذلك لضمان مراقبتهم وعدم نقلهم صورة عن قطر تختلف عما يروّجه نظام الحمدين.