مجلة فرنسية تفضح فساد النائب العام القطري

السعودية




نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية في عددها الأخير تحقيقاً صحفياً، عن النائب العام القطري علي بن فطيس المري، والمشرف على ما يعرف بـ"مركز سيادة القانون ومحاربة الفساد" في جنيف، كشفت خلاله أنه يختبئ خلف ستار مكافحة الفساد ليمارسه بنفسه، مدللةً على ذلك بكثير من القرائن، وأبرزت شراءه منزلاً في باريس بنحو 10 ملايين يورو، متسائلةً عن مصدر ثرائه، خاصةً أنه موظف حكومي وليس من عائلة ثرية.

وفتح هذا التحقيق الباب أمام قضايا فساد كثيرة يغرق فيها تنظيم الحمدين نتيجة اعتماده على المال في شراء السمعة والمكانة المزعومة، خصوصاً بعد فضائح الرشى المتعلقة باستضافة قطر مونديال 2022، فيما طالبت منظمة الشفافية العالمية بالتحقيق مع المسؤول القطري في دور المنظمة القطرية في توجيه وحث الدبلوماسيين والصحافيين على التغاضي عن الفساد أو عدم التعرض له، محذرةً أن ثبوت الاتهامات جرس إنذار جديد لأوروبا.

ونشرت مجلة لوبوان، التي تعتبر إحدى أهم خمس مجلات وطنية في فرنسا، في عددها الأخير، تحقيقاً صحافياً عن علي بن فطيس المري، الرجل الذي يشغل منصب النائب العام القطري، موظف برتبة وزير، ولا يكتفي -حسب المجلة- بممارسة مهامه في الدوحة، ولكنه أيضاً حاضر على المسرح الدولي، من خلال الإشراف على ما يعرف بـ«مركز سيادة القانون ومحاربة الفساد» في جنيف.

ويعد هذا المركز ضمن سلسلة هيئات ومراكز أسسها تنظيم الحمدين من أجل استخدامها غطاء لصفقات ورشى وشراء ذمم من أجل تبييض صفحة قطر المنخورة بدعم الإرهاب وقتل الأبرياء في مختلف أنحاء العالم.


ذكرت مجلة «لوبوان» أن المري، الذي ينتمي إلى عائلة لا يعرف عنها الثراء، اشترى لنفسه في أكتوبر 2013 مبنى من ثلاثة طوابق في 83 شارع ديينا قرب قوس النصر في باريس بمبلغ 9.6 ملايين يورو، وهو ما يثير التساؤل عن مصدر ثراء هذا الناشط في «محاربة الفساد»، خاصة أن متوسط دخل كبار الموظفين في الحكومة القطرية لا يتجاوز 12 ألف دولار شهرياً.


وكر فساد
ويتساءل التحقيق المطول أيضاً عن المنظمة القطرية التي أنشئت بمبرر محاربة الفساد: «كيف يمكن أن يكون مقرها في مبنى شخصي لرئيسها، كما أنه من المدهش أن يختار رئيسها أحد أفراد عائلته لمنصب أمينها العام». وكانت قطر قد أنشأت مؤسسة لمكافحة الفساد، ليس لها مقر في الدوحة، وشبهات عديدة تدور حولها بسبب تحولها إلى وكر للتغطية على الفساد الذي تمارسه قطر على الصعيد الدولي.


ومن المشاهد التي تنقلها «لوبوان» صورة الاحتفالية بـ«جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمكافحة الفساد»، التي أقامها المري في قصر الأمم المتحدة في جنيف في 8 ديسمبر 2017، ولم تكتف فيها الهيئة الدولية بتوفير قاعة الاحتفال، بل حضرت ممثلة بالمدير العام للأمم المتحدة في جنيف، كما حضر رئيس مجلس مدينة جنيف وغيره من كبار الضيوف، وأكثر منذ ذلك أن مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات في الأمم المتحدة كان من بين رعاة الاحتفالية، لكن «لوبوان» تفسر لغز هذا الاهتمام الكبير، بكرم الدوحة التي وقّعت شيكاً بقيمة 18 مليون يورو لتجديد مبنى الأمم المتحدة في المدينة السويسرية.


ويغرق تنظيم الحمدين في سلسلة فضائح متعلقة بشراء الذمم ودفعها أموالاً لوزراء وإعلاميين وسياسيين ومثقفين للتغطية على سمعتها. وبعد هذا، تتساءل المجلة الفرنسية عما إذا كان هذا النشاط الذي يقوم به المدعي العام القطري محاولة لتبييض صورة الدوحة، وصرف الأنظار عن شكوك الرشى وشراء الأصوات التي ارتبطت بملف إسناد كأس العالم 2022 لقطر.


ويأتي ذلك في وقت تراجع فيه ترتيب قطر في مكافحة الفاسد على مؤشر الشفافية الدولية، وفقاً لموقع «وورلد نيوز ميديا دوت كوم» من المرتبة 22 عام 2015 إلى المرتبة 31 عام 2016.
وتقول مجلة لوبوان إن محاولاتها للحصول على ردود على أسئلتها عن ممتلكات المري لم يتم الرد عليها، وأنها حاولت أيضاً الحصول على تعليق من عبد المحسن حمد فطيس (قريبه الذي يعمل أميناً عاماً لمركز مكافحة الفساد في جنيف) دون رد أيضاً.


«الشفافية الدولية»
في الأثناء، طالبت منظمة الشفافية العالمية بالتحقيق مع المسؤول القطري، علي بن فطيس المري، رئيس مركز قطر في جنيف بسويسرا لمكافحة الفساد وحكم القانون، أو ما يدعي أنه كذلك. وأكدت المنظمة العالمية أن هناك شكوكاً وتساؤلات عن دور المنظمة القطرية غير الهادفة للربح، في توجيه وحث الدبلوماسيين والصحافيين على التغاضي عن الفساد أو عدم التعرض له، بل إبعاد وتشتيت الانتباه عن الممارسات التي تدعي قطر أنها تدينها وتحاربها.

وتم استدعاء المسؤول القطري بن فطيس للتحقيق معه، وطلب التعليق على تلك المعايير والممارسات المزدوجة، وكذلك لسؤاله عن حياة البذخ التي يعيشها. وأشارت المنظمة إلى أن المري يمتلك قصراً في فرنسا قيمته 10 ملايين يورو، ويمتلك حسابات مالية ضخمة في الكويت، كما تمتلك ابنته شركة عقارات في سويسرا، هي في الوقت نفسه مقر مركز قطر في جنيف لمكافحة الفساد وحكم القانون.


وإذا ثبت من هذه القضية، مرة أخرى، أن هناك فضائح مالية ومكاسب غير قانونية وأموال ملوثة، فسوف تكون ضربة قاسية لجهود مكافحة الفساد، وجرس إنذار جديد للحكومات الأوروبية للتحقيق في الصفقات المشبوهة والأموال القذرة.


وأشارت إلى أن أوروبا تصحو كل عام على نهب مليارات من اليورو لتمويل حياة البذخ التي يعيشها من يدعون أنهم يكافحون الفساد في الخارج، خاصة الذين يعيشون في فرنسا. والمثير للسخرية أن هناك جائزة سنوية باسم الأمير تميم بن حمد آل ثاني لمكافحة الفساد، الهدف منها تشجيع الأفراد والمؤسسات على مكافحة الفساد في بلادهم.


أدلة ووثائق
يُذكر أن هناك أدلة ووثائق تثبت أن المدعو علي بن فطيس المري يمتلك شركة عقارية في جنيف بالشراكة مع مها فطيس وهي طالبة تعيش في الدوحة، والشركة التي أسسها المري في جنيف اشترت عقاراً في جنيف بقيمة 3.3 ملايين يورو، وهو العقار الذي يضم مكتب جنيف لحكم القانون ومكافحة الفساد.