د. بهاء حلمي يكتب: التحصين والدفاع ضد خطر الشائعات

مقالات الرأي



نلاحظ زيادة حدة الشائعات مع توقع إثارة بعض أحداث للفتنة الطائفية كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة فى ضوء فشل الماكينات الإعلامية الموجهة ضد مصر فى إطار الحرب النفسية التى تستهدف التأثير المباشر على عقول الناس والتشكيك فى إجراءات الانتخابات، إلا أنه مازالت المحاولات مستمرة للتأثير على القناعات فى الذهاب للصناديق والتصويت.

وتتمثل الشائعات فى نشر الأخبار والمعلومات عن قضايا وموضوعات قابلة للتصديق وتهم قطاعًا عريضًا من المواطنين، وتكون أكثر إثارة إذا ما وضعت الشائعة فى صورة فاضحة أو قصص مثيرة من خلال نسج معلومات كاذبة ومفبركة أو التشويه والتحريف وتشويه السمعة الشخصية وعلى الأخص الطعن أو الافتراء ويمكن للإشاعات أن تستهدف قطاعًا معينًا مؤثرًا مثل المرأة أو الشباب لزعزعة ثقتهم بمعتقداتهم وقيمهم ومجتمعهم.

لقد انتشرت شائعة الدجاج وما يحمله من خطر على صحة الإنسان، وكذا تتداول الشائعات نحو التطعيم وآثاره وخطورته وغيرها، وعلى الرغم من استخدام نفس الأساليب فى الانتخابات السابقة من خلال الماكينة الإعلامية للجماعة الإرهابية التى تعتمد على وسائل ووسائط تكنولوجية وتتعاون مع جهات دولية وإقليمية وعربية ومحلية لها مصلحة وأهداف مشتركة معها ضد مصلحة الوطن والأمن القومى إلا أن البعض لم يستفد من تلك الدروس.

صحيح يعتبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى مكانًا خصبًا لانتشار الشائعات بل ويستخدم فى تنفيذ ونشر هذه الشائعات ليس على المستوى المحلى أو الوطنى والإقليمى فحسب بل على المستوى الدولى أيضاً لما تتميز به تقنيات المعلومات من القدرة على الإخفاء والسرعة والانتشار وسرعة تحول الشائعة إلى مسموعة ومرئية وبتكلفة منخفضة للغاية تكون عابرة للحدود وعالمية.

ونحن هنا لا نروج لمسألة أو نظرة المؤامرات ولكن الواقع يؤكد استهداف الشعب المصرى وأفراده والرأى العام ووحدته لأنه هو الصخرة التى تحطمت عليها كل المؤامرات الخبيثة التى كشفت عنها أحداث الربيع العربى والفوضى الخلاقة كما أطلقوا عليها.

ومن المؤكد أن هناك أجهزة رسمية منظمة تتولى مسئولية ورصد الشائعات والعمل على إبطال مفعولها لحماية المجتمع من أخطارها، ولكننا نرى ضرورة نشر الوعى بين الجمهور حول أخطار وأهداف مرسلى الشائعات من خلال استراتيجيات التحصين والدفاع التى تقوم على بناء الوعى وزيادة الثقة فى مؤسسات الدولة، وإطلاع الجمهور على حقيقة ما يجرى فى الوقت المناسب، وعلى الجوانب القانونية والمنطقية التى استندت عليها خطط الدولة وإجراءاتها، وإظهار الأطراف التى يتوقع أن تكون مصدر الشائعات، وسرعة التدخل لمواجهة تلك الشائعات فى مهدها، كما يقوم التحصين على محورين الأول: وقائى متمثلاً فى بناء الثقة لدى الجمهور بالدولة وأمنها القومى، والثاني: كشف مصدر الشائعات وأهدافها باعتبارها خطرًا يهدد تماسك المجتمع وأمنه واستقراره، مع تقديم الحقائق، ويناط بوسائل الإعلام الوطنية الاضطلاع بمسئوليتها ودورها الحيوى فى توعية وتلقين المواطنين للحفاظ على الأمن والاستقرار وتماسك الجبهة الداخلية.

أنه يجب التعامل مع الشائعات بحذر شديد وبخطى علمية مدروسة جيداً لأن الشائعة لا تستهدف جهة أو شخصاً بحد ذاته وأن بدت كذلك، إنها خطر على المجتمع بشكل عام، وأن مسئولية التصدى لها يجب أن يشارك فيها الجميع كل حسب مجاله وعلاقاته سواء كانت هيئات ومؤسسات مجتمعية أو أجهزة أمنية وإعلامية وثقافية ورياضية ونقابات مهنية وتنظيمات سياسية وعلماء الدين ومؤسسات الدولة مع أهمية معالجة المعلومات والتحليل لحماية الجمهور لأن (العقول ليس لها جدران أو حواجز للحماية)، ولا مناص إلا بالتخطيط والمتابعة للتحصين ضد الشائعات واليقظة من مخاطر الفتن الطائفية ومقاومتها.