حرية بطعم جديد على "بودكاست"

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


موقع للتسجيلات الصوتية يتناول المحرمات بالعالم العربى من الحجاب والمثلية لعلاقة الدين بالدولة


تحت شعار «اتكلم بحرية» يتيح عالم البودكاست حرية جديدة ليست فقط فى إمكانية صنع برنامج الراديو خاص لكل شخص دون قيود أو رقابة أو سياسة محطة أو مواعيد محددة، ولكن البرنامج يتيح أيضاً حرية الاستماع لما يريده الشخص وقتما يرغب فى شكل جديد للتواصل الاجتماعى.

البودكاست أو التسجيلات الصوتية هى سلسلة وسائط متعددة صوتية أو مرئية، مثل أى ملف موجود على الشبكة ويتم تخزين الملف على الإنترنت حتى تلتقطه برامج البودكاست، ثم يتم بث هذه الملفات عبر قناة ثابتة تمكن الأشخاص من الاشتراك فيها وتنزيل آخر الحلقات تلقائياً والنشر على المنصات المختلفة.

أما عالم البودكاست العربى فيحمل ملامح وتفاصيل خاصة، فأغلب البرامج، مع استثناء البرامج الساخرة أو الترفيهية، تتناول قضايا جادة تحتاج للنقاش.

حسب موقع ومضة بلغ عدد البالغين الذين يعرفون معنى مصطلح التسجيلات الصوتية «البودكاست» فى عام 2006، 22% فقط، وارتفعت النسبة فى العام التالى لـ60%، ما يشير إلى زيادة شعبية التسجيلات الصوتية، فى العام نفسه استمع 40% من السكان فى الولايات المتحدة إلى البودكاست، فى وقت يتوقع ارتفاع عائدات الإعلانات المنشورة على التسجيلات الصوتية فى نهاية العام الحالى لـ220 مليون دولار بمعدل نمو سنوى 85%.

لا يزال التدوين الصوتى يخطو خطواته الأولى فى العالم، ولكنه بالتأكيد واحد من أهم الوسائل التى تؤكد أن الرقابة لم يعد لها وجود إلا فى ذهن الرقيب، وأن وسائل التعبير بأشكالها توفر للجميع فرصة للتعبير والتأثير والاختلاف.

أصبح الإعلام البديل بمنصاته المختلفة وسيلة للتأثير لا يمكن تجاهلها، وكان موقع مكتب الصحافة الاستقصائية هو منظمة إعلامية مستقلة فى أوروبا نشر تحقيق تحت عنوان: «معركة على الإنترنت لربح قلوب وعقول جناح اليمين فى الانتخابات الألمانية» أكد فيه أن المنصات الإلكترونية ساعدت حزب البديل من أجل ألمانيا، على الفوز فى انتخابات البرلمان الألمانى بنسبة 13%، رغم أن الحزب لا يزال يخطو خطوات الأولى حيث تأسس فى عام 2013.


1- حكايات

هناك العديد من المنصات التى يمكن من خلالها نشر البودكاست الخاص بك، أشهرها منصة صوت أو «sout.com»، التى تضم مجموعة كبيرة من البرامج المنفذة بدرجة كبيرة من الاحترافية وتتميز بقدر كبير من الجرأة والاختلاف، وتصفح هذه المنصات أقرب لمغامرة بين عقول الشباب العربى الباحث عن الفرصة للتعبير لحرية.

على سبيل المثال، يمكن الاستماع على موقع صوت إلى بودكاست «عيب» الذى يصف نفسه بأنه يعطى الصوت لأشخاص تأثرت حياتهم من قواعد فرضها المجتمع عليهم بناء على النوع.

ويؤكد صناع هذا البودكاست أنهم يقدمون أجرأ القصص الواقعية من أصحاب التجارب أنفسهم عن الطلاق والصحة العاطفية والنفسية، ويقدم البرنامج سلسلة من الحلقات الجريئة التى تتخطى التابوهات المعتادة فى وسائل الاعلام، حيث تتناول حلقة العلاقة المثلية بين الفتيات، ومن خلال تجربة حقيقة لفتاتين هما غدير ووجود يسرد البرنامج كواليس هذا العالم السرى.

وفى حلقة أخرى يتساءل البرنامج عن إمكانية تحدى الصور والأدوار النمطية سواء للمرأة أو الرجل فى المجتمع العربى، ويسرد كيف وجدت سيدة فى منتصف العمر شغفها فى مجال السباكة وماذا جذب شاب عشرينى إلى عالم الباليه المعاصر.

وتتعرض حلقة للمضايقات التى تتعرض لها الفتيات فى مكان العمل خاصة تحرش الرؤساء بالموظفات، وتبدو هذه الظاهرة وكأنها ظاهرة عالمية فى ظل الانتشار الواسع لحملة «Me too» أو «أنا أيضاً»، والتى تكشف حجم التحرش الذى تتعرض له النساء فى مختلف أنحاء العالم وبمختلف مجالات العمل.

ويقدم البرنامج فرصة للفتيات اللاتى تعرض لتحرش فى مكان العمل لسرد حكاياتهم، حيث التقى البرنامج مع فتاة تعمل فى منظمة غير ربحية بمشروع مع واحد من الشخصيات المعروفة والمحترمة فى المجتمع، لتفاجأ به يطلب لقاءها بشكل منفرد فى المكتب، فى البداية اعتقدت أنه معجب بأدائها وسيطلب منها المزيد من التعاون ولكنها فوجئت بتلميحات تعتبر تحرشاً صريحاً فرفضت فطلب منها مغادرة المكتب بطريقة مهذبة ولكن أثناء تبادل السلام معه اقترب منها وشد يديها بشكل غير لائق جرح كرامتها.

على soundcloud، يمكن أيضاً الاستماع إلى بودكاست «احكى يا مصر» باللغتين العربية والإنجليزية، والذى يتميز بتقديم رؤية مختلفة للحياة فى مصر وتناول فكرة الحجاب وعلاقة الفتاة المصرية به كوسيلة للتعبير عن هويتها الدينية، ونقاش جرىء حول دور المظهر وفقا للمجتمع المصرى فى التعبير عن التدين.

البرنامج يستعرض قصة إيناس الفتاة التى ارتدت الحجاب خوفاً من أن تغضب الله بعدم تغطيتها لشعرها وبمرور الوقت بدأت فى الشعور بأن علاقتها بالله يجب أن يحكمها الحب وليس الخوف.

كما يستعرض البرنامج قصة ياسمين التى تحجبت وهى لا تزال طالبة فى المدرسة، ورغم المضايقات التى تعرضت لها فإنها تمسكت بحجابها، وفى المقابل تخلت إيناس عن الحجاب معترفة أنها ليست ضد ارتدائه، ولكنها ضد أن يفرضه المجتمع على الفتاة.

ويبدو أن علاقة الفتاة العربية بحجابها يشكل قضية محورية فى عقول كثير من الفتيات، أن الحجاب يتخطى مجرد غطاء يتم وضعه على الرأس حيث يصبح جزءًا من هوية الفتاة ومقياس لمقدار تدينها كما يفرض طريقة رؤية الآخرين لها وتعاملهم معها.

ويقدم بودكسات «Kerning Cultures» حلقات تحت بعنوان «ليس فقط حجابى» تتناول قصص 4 نساء مختلفة من أجزاء مختلفة من العالم يتحدثون عن علاقاتهن مع الحجاب، ويتميز البودكاست بتقديم حلقات تتشابك فيها الثقافة الغربية بالعالم العربى، وتتلامس فيه الثقافات المختلفة على نحو يصنع حكايات جديرة بالسرد.

من ضمن حلقات Kerning Cultures، حلقات تحمل عنوان «ما فى الاسم؟» والتى تسرد قصة شقيقين عراقيين سافرا إلى الولايات المتحدة كأولاد صغار فى أوائل الستينيات، وتعاملوا عادة مع أشخاص لا يستطيعون نطق أسمائهم العربية ما دفعهم لتغييرها وما تسبب فى مواقف كوميدية.

ومن عالم الحجاب وهوية المرأة المسلمة إلى عالم السلطة ودور الدين فى السياسة. يتناول بودكاست «الدين والدولة والعلمانية وعلاقتها بالدولة والدين والديمقراطية، من خلال نقاش بين مختصين وأساتذة جامعيين من اتجاهات فكرية مختلفة، فى محاولة للوصول إلى إجابات وافية، ويتضمن البرنامج الكثير من الحلقات التى تتناول بعمق علاقة الدين بالسياسة والحكم.

كما تحول عالم البودكاست إلى إحدى وسائل التعبير المؤثرة فى العالم العربى، يلقى أحد برامج موقع صوت الضوء على مجموعة من أهم المؤثرين فى العالم العربى.

وظهر تعبير المؤثرين مع اتساع نطاق تأثير مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبحت هناك شخصيات تؤثر فى عقل مستخدم الإنترنت بعيدا عن المنصات التقليدية.

يتلقى بودكاست «نسمعهم» فى حلقاته المختلفة بعدد من المؤثرين من مختلفة المجالات، وفى إحدى حلقاته يلتقى البرنامج مع إنجى أبوزيد التى يصفها موقع البرنامج بأنها ممثلة مصرية حاصلة على ماجستير العلاج بالفنون الإبداعية «دراما ثيرابى» من جامعة كونكورديا فى كندا وتشرح كيفية استخدام أدوات من المسرح والتمثيل للعلاج النفسى.

لدى إنجى أكثر من ٢٠٠ ألف متابع على شبكات التواصل، كما يلتقى البرنامج مع إيمى سلطان الراقصة الشرقية التى يصفها البرنامج بأن لديها أكثر من ٣٠٠ ألف متابع على شبكات التواصل، بدأت كراقصة باليه ثم قررت التحول للرقص الشرقى، وتعتبر كل حياتها ثورة نسوية، متفائلة وتطلب من النساء التفكير خارج الصندوق، والجدير بالذكر أن مقدم برنامج «نسمعهم» أحمد عزت أسس موقع ابتدى الذى يساعد فى إنتاج برامج البودكاست.