أحمد شوبير يكتب: المهزلة "2"

الفجر الرياضي




يبدو أن ما كتبناه فى العدد الماضى كان حافزا ليس لعلاج مهزلة الانفلات الإعلامى فى مصر بل لزيادته فما حدث على مدى الأسبوع الماضى لهو أمر فى غاية الخطورة حيث شاهدنا المزيد من المهازل والانفلات الإعلامى الذى لا حدود له على الإطلاق بل إن البعض تبارى فى إظهار مدى خروجه عن النص حتى وصلنا إلى درجة السباب بالأب والأم وبكل أسف دون أدنى حساب أو عقاب للمخطئ والغريب أن الأمر تجاوز البرامج الرياضية ليصل إلى برامج أخرى وما أصابنى شخصيا بالذهول عندما شهدت فى أحد البرامج إحدى الأمهات تأتى على الهواء مباشرة لتعلن أن زوجها قد اغتصب ابنها وهو فى نفس الوقت والده وتحاول بكل الطرق أن تثبت أن الواقعة صحيحة بل إنها استدعت قريبتها لتكون هى وقريبتها ضيفتين فى البرنامج وعندما تدخل الطبيب الذى تابع حالة الطفل صرخت فى وجهه وانهارت فى وصلة تمثيلية من البكاء على الشاشة فى محاولة لجذب عطف السادة المشاهدين وإثبات أن الواقعة صحيحة فى مشهد لا يمكن على الإطلاق أن يصدقه شخص.

ولا أعرف كيف تم السماح لظهور هؤلاء على الشاشة فى محاولة لإفساد الذوق العام وبعث رسالة مهينة عن المجتمع المصرى فى ظاهرة لا يمكن أن نراها على الإطلاق فى أشد المجتمعات تحررا ولكن يبدو أن المعادلة معكوسة فى مصر فاللعب على وتر الفضائح أصبح هو الأساس أما الاستثناء فهو المهنية الإعلامية واحترام المشاهد وبالعودة إلى البرامج الرياضية والتى تشهد الآن ظاهرة غريبة لا أفهم لها معنى حيث انتشرت ظاهرة شراء وقت على الهواء من بعض الأشخاص لكى يظهروا على الشاشة ويقدمون برامج مباح فيها كل شىء إلا الحديث فى القضايا الرياضية فشهدنا الأسبوع الماضى سبابا وتطاولا وخروجا عن النص بين بعض الشخصيات الرياضية وبعض هؤلاء السادة الذين فجأة أصبحوا مذيعين يظهرون على الشاشة ليتكلموا فى كل شىء دون أدنى حساب أو عقاب وكما ذكرت فى المقال الماضى فقد توقعنا جميعا أن تكون بداية عودة الانضباط إلى الشاشة هو تشكيل لجنة القيم والانضباط الإعلامى برئاسة الإعلامى الكبير الأستاذ فهمى عمر ولكن يبدو أن الضغوط أكبر بكثير مما كان يتوقعه الخال فهمى عمر فتم ضرب عرض الحائط بأول قرارات اللجنة واعتقد للأسف الشديد أن دورها انتهى قبل أن تبدأ ومما يثير الاندهاش أيضا أنك تجد قرارا من إحدى الجهات الإعلامية الكبرى بمعاقبة أحد الأشخاص ثم بعدها بوقت وجيز تأتى بها أخرى لتؤكد أن ليس لأحد عليها سلطان وترفض تنفيذ القرار وهو ما يؤكد غياب التنسيق بين الجهات وما يجعل الساحة الإعلامية أكثر عرضة للانهيار الأخلاقى مما نحن عليه الآن وعن نفسى لن أمل أو أيأس من الاستمرار فى الكتابة والتنويه عن هذه الظاهرة مع اعترافى الكامل بأننا جميعا وقعنا فى أخطاء فى الماضى كانت نتيجة لقلة الخبرة أو الانفعال الزائد وتجاوزنا هذه المرحلة السيئة فى محاولة لوضع ميثاق أخلاقى ذاتى للإعلام الرياضى المصرى، وأؤكد مرة أخرى أن كلمة ميثاق الشرف الإعلامى لن يكون لها أبدا وجود فى مصر فى ظل هذا الانفلات الذى لم يعد أحد يصدقه حيث وصل إلى مراحل غير مسبوقة وغير معقولة وإن لم نتصد بالقوانين واللوائح الصارمة فعلينا انتظار المزيد من الخروج عن النص وأخشى ما أخشاه أن تتحول مثل هذه البرامج إلى ما يشبه أفلام البورنو الفاضحة نظرا لغياب الرقابة وعلينا جميعا أن نفرق بين الحرية والاحترام فليس معنى الحرية أن تستباح الأعراض وأن تصبح الشاشة مصرحا لكل من هب ودب وهو ما سيؤثر بالتأكيد على متابعة الجيل الحديث للبرامج المصرية ويكفى ما حدث من خروج المشاهد المصرى من دائرة البرامج المصرية وتوجهه إلى قنوات أخرى ليست مصرية لمتابعتها بدلا من الوقوع فى فخ المهازل التى نراها الآن على بعض الشاشات التليفزيونية.