عبدالرحمن صلاح يكتب: إني في عشقك متيم

مقالات الرأي

بوابة الفجر


في احدى ليالي الشتاء قبل ست سنوات من الآن، كنت كغيري من أبناء جيلي الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.. أشعر أنني أمتلك كل شيئ، ولا أبالي بشئ.. أتحرك هنا وهناك.. أسعى لاستغلال كل لحظات السعادة الممكنة.. خوفا من حقيقة كنت أتجاهلها.
 
في هذا الوقت لم تكن هناك قصة حب تمثل لي أي سعادة.. ولا مجرد غراميات يعيشها من هم في سن المراهقة.. أو حتى مجرد هاتف حديث يشغل جزء من وقتي.. ولامهنة ربما أجد فيها نفسي.

وسط كل هذه الأجواء كنت أملك أمي وفقط.. حياتي وعالمي الخاص.. عشقي الذي لم ولن يكون هناك مثله أبدا.. قصة الحب التي لن تنتهي رغم فراق بطلتها الحقيقية.. نعم كانت وستظل البطلة.. بطلة أعطت كل شيئ دون حساب.. كنا نعيش سويا وكأننا اثنين من العشاق، يربطنا تفاهم وانسجام ربما يفتقده زوجان عاشا سويا مئات السنين.

بين ضحكات وهمهمات، وربما غضب من حب وخوف زائد في بعض الأحيان.. كنا نخاف سويا من الحقيقة التي لانريدها.. نخشى ونرتعد من ساعة الفراق.. نرفض مجرد الحديث عنها أو تخيلها.. لدرجة أنني لم أكن أترك لها الفرصة كي تقول لي وصيتها، وكنت أفارق غرفتها في عجل.. أصم آذاني رعبا من هذا المجهول..

هل ستموت يوما؟.. ماذا سأفعل حينها؟.. هل.. حتى هذه الأسئلة لم أعط لنفسي فرصة استكمالها، وبالتالي لم أجب عليها..

وعلى حين غفلة مني.. ارتقت روح أمي الغالية إلى السماء.. ذهبت من كان يكرمني الله لأجلها، ومن كنت أسعد في حياتها.. ماتت سعادتي الحقيقية.. ماتت من فشلت ست سنوات ماضية، وما يكتبه الله لي من عمر في نسيان أي ذكرى أو موقف يجمعني بها.. ولما لا وقد بنيت سعادتي وكل أحلامي على وجودها بجانبي..

فيا كل كتاب القصص والروايات.. ويامن تشرعون الدساتير.. بل يامن تكتبون التاريخ.. دونوا في أوراقكم أن هناك قصة ليس كمثلها في الغرام.. قصة يتعلم منها كل العشاق، ولأجلها يكون الوفاء..

أسكن الله أمي وكل موتانا الفردوس الأعلى.. ورحم أناس يموتون كل يوم من ألم فراق الأحباب..