مكتبة الإسكندرية تستغل قصر الأميرة خديجة فى توثيق تاريخ يهود مصر

العدد الأسبوعي

الدكتور مصطفى الفقي
الدكتور مصطفى الفقي


أعلن المفكر السياسى البارز الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، أنه سيتم تحويل قصر الأميرة خديجة، كريمة الخديو عباس حلمى الثانى، بمدينة حلوان، إلى متحف للأديان. يعود بناء القصر لعام 1895، وجرى استغلاله كمقر إدارى للمدينة، عقب إقرارها محافظة مستقلة، قبل ضمها فيما بعد للقاهرة مرة أخرى.

ومنذ أيام تم توقيع بروتوكول تعاون ثقافى، مع محافظة القاهرة، يتم بموجبه تسليم القصر للمكتبة لتجهيزه ليصبح صرحا ثقافيا جديدا.

وبحسب «الفقى» خلال لقاء مع صحفيى مدينة الإسكندرية، فإن «القصر» جرى تجديده وإعادة إحلاله فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بتكلفة بلغت نحو 40 مليون جنيه، وأن «متحف الأديان» المزمع تدشينه، سيضم التراث الدينى والثقافى بمصر، منذ عهد إخناتون، مرورا بوثائق ومقتنيات العصور اليهودية والقبطية والإسلامية، ليكون بمثابة رسالة سلام لشعوب العالم، باعتبار مصر مهد الديانات وملتقى الرسالات السماوية، ويوجد على أرضها 10 معابد لمختلف الديانات.

وأضاف أنه تم التواصل مع رئيس الطائفة اليهودية بمصر، ماجدة هارون، للحصول على بعض مقتنيات المعبد اليهودى، ووثائق اليهود المصريين لضمها للمتحف، مشيرا إلى أنه تتم حاليا دراسة التكلفة، وسوف تقوم المكتبة بفتح باب التبرعات لمن يرغب فى المساهمة، كما سيتم خلال الأشهر المقبلة، إعادة افتتاح «قصر أنطونيادس» بحدائق النزهة بالإسكندرية، الخاضع لإشراف المكتبة - كان يتبع القصور الرئاسية - لأغراض ثقافية وفنية.

وأضاف أن المكتبة ستشهد خلال العام الحالى، الاحتفال بذكرى ميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، بمناسبة مئوية ميلاده، وذكرى ميلاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فى 25 ديسمبر، كما سيتم الاحتفال أيضا بذكرة ثورة 23 يوليو، خلال العيد القومى لمحافظة الإسكندرية، فى 26 يوليو، والاحتفال أيضا خلال العام المقبل بمئوية ثورة 1919، والزعيم سعد زغلول، كما حصلت المكتبة على مبلغ 50 مليون جنيه من حاكم الشارقة، الشيخ سلطان القاسمى، لإقامة مخازن للكتب بمنطقة «أبيس»، نظرا لكثرة الإهداءات، التى فاقت قدرة مخازن المكتبة على استيعابها.

وأشار إلى أن فروع مشروع «سفارات المعرفة»، بلغت 20 فرعا، كان آخرها فرع جامعة عين شمس، مؤكدا أن تلك السفارات تعد بمثابة مراكز فرعية للمكتبة.

من جانبه قال الدكتور سامح فوزى، المتحدث الإعلامى لمكتبة الإسكندرية، فى تصريح خاص لـ«الفجر»، إن قصر الأميرة خديجة، يعد تحفة معمارية، وتم تسجيله كطراز معمارى متميز، بقوائم الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، ويقع على مساحة 500 متر، وله جناح غربى يشغل مساحة 300 متر، فى حين يشغل الجناح الشمالى مساحة 200 متر، ويحتوى القصر على 50 قاعة تتدرج مساحتها من 25 إلى 100 متر، ومؤخرا تم تشكيل لجنة فنية من المكتبة لاستلام القصر.

وكشف عن أنه تم بالفعل التواصل مع العديد من الهيئات والطوائف الدينية بمصر، من أجل الحصول على بعض المقتنيات التاريخية الخاصة بهم، لعرضها بالمتحف، بينهم «رهبان بأديرة» و«قساوسة» أقباط، أبدوا ترحيبا شديدا بإهداء المكتبة، وثائق ومقتنيات قبطية نادرة، لعرضها بالمتحف، كذلك أفراد بعائلات قبطية شهيرة، إضافة لترحيب ماجدة هارون- رئيس الطائفة اليهودية- بفكرة المتحف. جدير بالذكر أن وثائق ومذكرات المحامى اليسارى الشهير يوسف درويش، اليهودى الأصل، الذى اعتنق الإسلام، ورحل عن عالمنا فى 2006 عن عمر يناهز 96 عاما، موجودة بمكتبة الإسكندرية، منذ عام 2009، ضمن وثائق وأرشيفات مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، الذى يشرف عليه الدكتور خالد عزب، مدير إدارة المشروعات الخاصة بالمكتبة، حيث قامت كريمته نولا درويش، الباحثة والمترجمة والناشطة النسائية- والدة الفنانة الشهيرة بسمة – بإهدائها للمكتبة، وكان من المفترض إصدار كتاب عنها، لكن المشروع توقف لأسباب غير معلومة. يعتبر «درويش»، المولود فى 2 أكتوبر 1910، وشحاتة هارون- المحامى الراحل، ووالد ماجدة هارون، رئيس الطائفة اليهودية، من أبرز اليهود المصريين الذين عارضوا قيام دولة إسرائيل، ومن أبرز المحامين المصريين انخراطا فى الحركة الوطنية، والدفاع عن قضايا العمال، وتعرضا للسجن والتنكيل أكثر من مرة، خلال حكم الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات.

التحق يوسف درويش، المولود بالقاهرة، بمدرسة التجارة العليا بتولوز بفرنسا عام 1930وحصل أيضا على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1944، وتخصص فى عمله بالمحاماة بقضايا العمال وفى النشاط النقابى العمال وأصبح محاميا لأكثر من 60 نقابة عمالية وقتها بالقاهرة والمحافظات المصرية، وأشهر إسلامه عام 1947. كانت نقابة الصحفيين قد احتفلت فى أكتوبر 2010، بمئوية ميلاده، باعتباره واحدا من أبرز النشطاء السياسيين المصريين فى مواجهة الحركة الصهيونية العالمية، بعرض فيلم: «يوسف درويش.. راعى الأمل» للمنتج محمد العدل، وإخراج عمرو بيومى، وكتبه الكاتب الصحفى سيد محمود. ضم الفيلم لقاءات مصورة وتسجيلات نادرة مع «درويش» أجراها فريق العمل قبل عام من رحيله، كما ضم لقاءات مع أكثر من 20 قيادة وطنية فى مراحل العمل السياسى المختلفة، ومن بين الشخصيات التى ظهرت فى الفيلم، الكاتب الصحفى الراحل صلاح عيسى، وسعد زهران، والراحل رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، وآخرين، إضافة إلى كريمته نولا درويش وحفيدته الفنانة بسمة، وأفراد من أسرته وأحفاده وأصدقائه، ممن تبقوا على قيد الحياة.