محمود مازن يكتب: الجنس البشري ما بين بدء الخليقة والعصر الحديث

ركن القراء

أرشيفية
أرشيفية


كثيرا ما سمعنا مصطلح التطور وما إن يذكر هذا المصطلح حتى ينقسم الناس حوله ما بين مؤيد و معارض و يتبارى كل طرف فى إبداء وجهة نظره من حيث التأييد أو المعارضة فهذا يستند إلى الدين وهذا يستند إلى بعض الفرضيات العلمية و قد يتحول الأمر بدون دراسة إلى تبادل الاتهامات نتيجة الجهل بالأمر ولكن فى حقيقة الأمر لا تعارض بين هذا و ذاك .

أول من تحدث عن التطور هو داروين و كانت له العديد من النظريات و كان هناك نظريات تم التوافق عليها وأخرى عليها علامات استفهام و أخرى مرفوضة تماما كنظرية أصل الإنسان و التي تعتبر افتراضية غير مقبولة تماما طبقا للعقل و العلم و كذلك الدين و لكن وجود افتراضية غير صحيحة لا يهدم علم التطور جملة و تفصيلا.

عندما ننظر فى عالم الحيوان على سبيل المثال نجد أن للتطور أثر ملموس من خلال الحفريات الجيولوجية المكتشفة و مقارنتها ما هو موجود الآن بأسلافه و اختلاف و تطور الشكل و الناحية الفسيولوجية أو الخصائص و اكتشاف أسلاف قد انقرضت كالماموث و الديناصورات و كذلك نجد فى عالم الحيوان حتى فى عصرنا هذا من الكائنات من تستطيع أن تعوض أطرافا لها قد فقدتها مما قد يكون بصورة أقل فى الإنسان كأن يفقد ظفره فينمو غيره و هكذا و هذه الصورة الأضعف.

بالنظر فى التاريخ البشرى نستطيع أن نلمس ذلك فى العديد من الجوانب ما بين إنسان بدء الخليقة نبي الله آدم أبو البشر و ما بين أى إنسان منا يعيش الآن على الأرض مرورا بالعديد من الحقب و العصور و الأزمنة، فعندما تعلم أن نبي الله آدم كان يصل طوله إلى 70 ذراعا فى بعض الروايات فهل سألت نفسك إذا كان بداية البشر بهذا الحجم فلما نحن وصلنا لهذه الصورة التي نحن عليها و كيف وصلنا لها  

هنا يأتي دور العلم ليفسر ذلك و بالأخص نظرية التطور فهناك قاعدة علمية تقول (كل عضو عامل نامي و كل عضو مهمل ضامر) وهنا يتبين لنا الأمر أن البشر أول الأمر كان سلحهم الوحيد و الآلة الوحيدة التي سوف يواجهون بها الطبيعة القاسية الخالية من أي مظاهر الحضارة هو جسده فقط فكان لابد لهذا الجسد أن يكوه بهذه القوة فكان الجسد حينها يمثل الآلات الميكانيكية فى عصرنا هذا و لكن مع مرور السنين بدأ الإنسان يتعرف أكثر على الأرض الأم و يبدأ يأخذ منها ما يساعده على مشقة الطبيعة فبدأ اعتماده على جسده يقل فبالتالى أصبح حاجته لهذا الجسد الضخم أقل فبدأت من هنا عملية التطور المتمثلة فى النظرية السابق ذكرها و توالت الأجيال فرأينا التاريخ يتحدث عن قوم عاد الذين كانوا ما يزالون فى طور العمالقة لدرجة أن نحتوا من الجبال بيوتا و بدأ الإنسان يكتشف الأرض أكثر و أكثر و يستخدم الألة أكثر فأصبج اعتماده الجسدى شبه معدوم إلى أن وصلنا لهذا الحجم البشرى الذى نراه اليوم.

هنالك أمثلة أيضًا نراها فى أيامنا هذه تحقق هذه النظرية فمثلا بعض الأعمال الشاقة التى تتطلب مجهود بدنى قاسى نجد أصحابها يمتلكون مع الوقت أجسادا تناسب هذه الأعمال كالحداد مثلا يمتلك يدا قوية وضخمة نتيجة طبيعة عمله و كذلك أولئك الذين يمارسن الرياضة البدنية القوية و رفع الأثقال نجد أنها تؤدى إلى نمو العضلات و الجسد بصورة ملحوظة ليلاثم المجهود البدنى المبذول كتحقيق لنظرية العضو العامل نامى و عندما يتوقف عن الممارسة يحدث الشق الثانى و هو العضو المهمل ضامر هذا بالنسبة لتطور حجم الإنسان ما بين الأمس و الحاضر.

أيضًا من الأشياء التى طرأ عليها تطور للجنس البشرى معدا الأعمار فنجد أن نبى الله آدم كان عمره ألف عام و كذلك نبى الله نوح فى عصور كانت يحتاج الإنسان للكثير منالوقت للتنقل فى عصور ما قبل ترويض الحيوان فكان الإنسان يحتاج مئات السنين لنجاز أموز أصبحت بالسهولة فيما بعد منذ أن استطاع ترويض الحيوان و اخضاع الطبيعة له إلى أن وصلنا إلى عصر الطائرات الوصواريخ و الصعود إلى القمر فأصبح معدل أعمار البشر ما بين ال60 و ال 70 و بأى حال من الأحوال ل يتعدى عمر بشرى ال100 إلا فى حالات نادرة لأن ما كان يقتضى شهور لنجازه أصبح اليوم فى عصر السرعة يمكن فى ساعات قليلة فصار هذا التطور على معدل أعمار الجنس البشرى كما طرأ على حجمه.

ومن هنا يتبين لنا فعلا أن الجنس البشرى قد طرأ عليه فعل التطور و لكن طبقا لضوابط معينة و ليس بالمفهوم الذى يقتضى بأن له أصلا آخر فنجد البشر أقل الكائنات الحية تعرضا للتطور و لكنه فى نفس الوقت ملموس و لا يمكن نكرانه أو نفيه جملة واحدة و يبقى التطور علما مهما يجب دراسته و التعامل معه بجدية طبقا لما يستوعبه العقل و لا ينفيه الدين.

قال الله تعالى : {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة العنبكوت - الآية 20]