محمد صلاح بين أصالة الشخصية المصرية وثقافة النصر.. كتب جديدة في روسيا تزامنا مع المونديال

الفجر الفني

محمد صلاح
محمد صلاح


بقدر ما تسري الفرحة بين جوانح كل المصريين منذ الاعلان عن فوز محمد صلاح بجائزة افضل لاعب في افريقيا لعام 2017 ، فان هذا النجم الكروي المصري الذي يحلق في سماء المجد سواء على المستوى القاري أو العالمي يعبر بالأقوال والأفعال عن اصالة الشخصية المصرية ومنظومة قيم البطولة وثقافة النصر.


ومحمد صلاح الذي قال :"لدي حلم..لدي طموح..وفي ذهني أريد الفوز دائما" ، هو ثاني لاعب مصري يتوج بلقب افضل لاعب في افريقيا بعد محمود الخطيب الذي توج بهذا اللقب في عام 1983 ، فيما بدا سعيدا للغاية بانجاز محمد صلاح الذي يعتزم مجلس ادارة النادي برئاسته تكريمه.


وفضلا عن محمد صلاح ، فاز المدير الفني لمنتخب الفراعنة هيكتور كوبر بجائزة افضل مدرب في افريقيا كما فاز منتخبنا الوطني بجائزة افضل منتخب في القارة الافريقية لعام 2017 ، فيما تعيد هذه الصفحة المصرية المجيدة للأذهان العلاقة الوثيقة بين الرياضة والثقافة وتحفز على تأمل الجديد على هذا الصعيد .


فمن الطريف ان القاص والناقد والأستاذ الجامعي البريطاني في الأدب تيم باركز عقد مقارنة في دورية "نيويورك ريفيو" بين البطولات الكروية العالمية الكبرى مثل بطولة كأس العالم "المونديال" وبين المنافسات على الجوائز الأدبية العالمية وفي مقدمتها جائزة نوبل للأدب وهو ما يعيد للأذهان ايضا "الولع الكروي لثلة من ابرز المثقفين والمبدعين المصريين ومن بينهم الأديب النوبلي الراحل نجيب محفوظ ".


وإذا كان جوهر كرة القدم أو "الساحرة المستديرة" هو الصراع والندية والضغط المستمر على الخصم ، فان نقادا ثقافيين ورياضيين قد أشاروا مرارا الى علاقة هذه الحقيقة بنظرية التحدي والاستجابة للمؤرخ البريطاني الكبير آرنولد توينبي.


والأمر لاينحصر في كرة القدم وهي أكثر الألعاب الرياضية شعبية في العالم وإنما يشمل كل الألعاب الرياضية مثل السباحة والاسكواش والدراجات والعاب القوى المتعددة ناهيك عن المصارعة والملاكمة.


وها هي البطلة المصرية رنيم الوليلي قد حظيت أيضا بتكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوجت مؤخرا بوسام الجمهورية من الطبقة الأولى بعد أن فازت ببطولة العالم لفردي السيدات للاسكواش التي أقيمت في انجلترا فيما تقول هذه البطلة المصرية التي تقترب من عامها الثلاثين ان سر تفوقها يكمن في التدريب بانتظام والصبر في المكسب والخسارة. 


وقصة بطل مصري راحل مثل عبد اللطيف أبو هيف الذي اختاره الاتحاد الدولي للسباحة كأفضل سباح مسافات طويلة في القرن العشرين هي قبل أي شيء اخر قصة التصميم والجسارة وتحدي كل الظروف المعاكسة مثلما فعل عندما عبر بحر المانش ثلاث مرات قاهرا بارادة مصرية اصيلة التيارات الجارفة والبرودة القاتلة.


وفي سباق مونتريال الدولي بكندا عام 1965 وهو سباق تتابع يقوم على فكرة تناوب سباحين يشكلان فريقا واحدا السباحة كل ساعة وعندما اصيب رفيقه الايطالي بوعكة صحية مفاجئة في بداية السباق جراء البرودة الشديدة وانسحب أصر ابو هيف على الاستمرار بمفرده في السباق ليسبح لأكثر من 29 ساعة ويحصل على المركز الأول ويصر على تقاسم الجائزة مع رفيقه الايطالي الذي انسحب في بداية السباق.


وتتجلى الاخلاق الرياضية والقيم المصرية في اقوال وافعال النجم العالمي محمد صلاح الذي ولد يوم الخامس عشر من يونيو عام 1992 ببلدة بسيون في محافظة الغربية ويؤكد دوما اهمية "الحلم" كدافع للنجاح.


ولعل عبد اللطيف ابو هيف الذي قضي يوم الحادي والعشرين من ابريل عام 2008 عن عمر يناهز الـ 79 عاما فضلا عن غيره من الابطال الرياضيين المصريين مثل محمد صلاح ورنيم الوليلي بحاجة لكتب رفيعة المستوى ثقافيا مثل ذلك الكتاب الذي صدر بالانجليزية بعنوان "حياة في بركة..يوميات سباح" والكتاب أصدره رجل في الثمانينيات من العمر عن نفسه وهو الشاعر والكاتب والسباح البريطاني ومتسلق الجبال آل فاريز.


وهذا الكتاب ينفذ في جوهره لثقافة الانتصار في الرياضة والحياة على وجه العموم "بتحدي الظروف القاسية وقهر المعوقات بدلا من الاستسلام لها" كما تعبر عنها جسارة قفزة لسباح في مياه الشتاء القاسية "فألفاريز الكاتب والشاعر والسباح ومتسلق الجبال رجل عنوانه الاصرار وشعاره: قلت وفعلت كل شيء بمهارة وجسارة".


والنجاح في الرياضة والحياة عموما يتطلب أن يتحلى المرء بالصبر كما قالت بطلة الاسكواش العالمية رنيم الوليلي وكما كان يفعل سباح العالم المصري عبد اللطيف أبو هيف في سباقات المسافات الطويلة التي لايتربع على عرشها الا من يتمتع بفضيلة الصبر والجلد حتى انه اذهل العالم في سباق روساريو بالأرجنتين عندما سبح لمدة 70 ساعة بلا هوادة ليقطع مسافة 250 كيلومترا في انجاز تاريخي توج مسيرته العظيمة والحافلة بالعبر والدروس في ثقافة الانتصار.


وعندما تحتفل الشعوب بأبطالها الرياضيين ، فانه تحتفل وتحتفي بالعديد من القيم الايجابية وهذا ما يحدث الآن في أوروبا مع فريق مثل برشلونة حتى أن التقويم الميلادي او "نتيجة الحائط المزينة بصور الفريق الكاتالوني او ليونيل ميسي ورفاقه" او تلك المزينة بصور فريق ريال مدريد و"كريستيانو رونالدو ورفاقه في الفريق الملكي" كانت من الهدايا المفضلة في الاحتفالات الأخيرة بأعياد الميلاد.


ومع اطلالة العام الجديد تنشر صحف ووسائل اعلام قوائم بأسماء افضل اللاعبين في عام 2017 معتمدة على آراءالخبراء الكرويين حول العالم فيما يسطع النجم المصري وايقونة فريق ليفربول الانجليزي محمد صلاح جنبا الى جنب مع اسماء نجوم الساحرة المستديرة في العالم مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.


كما بدأت دور النشر الغربية في اصدار كتب حول مونديال هذا العام في روسيا ومن الكتب الجديدة التي تتناول هذا العرس الكروي العالمي كتاب صدر بالانجليزية بعنوان :"كل ماتحتاج معرفته وأكثر عن كأس العالم 2018 :حقائق , متعة وكرة قدم" ويقدم فيه المؤلف آلان بيترز كل ما تتصوره من معلومات عن البطولة التي تستضيفها روسيا في صيف هذا العام وتشارك فيها مصر بعد غياب طويل.


وفيما يطرح السؤال الكبير: من سيتوج بلقب البطولة الكروية العالمية ؟!..هل تتوج بها الماكينات الألمانية من جديد بدقتها وانضباطها ونزعتها الجديدة نحو اللمحات الجمالية ام يستعيد سحر الكرة البرازيلية بريقه وسطوته ويعود أبناء بيليه بالكأس لبلاد السامبا فان قلوبنا وعقولنا وكل مشاعرنا مع منتخبنا الوطني آملين ان يقدم افضل أداء ويصنع مفاجآت مبهجة لعشاق الساحرة المستديرة.


وآلان بيترز مؤلف هذا الكتاب الجديد لا يستبعد مفاجآت في لعبة المفاجآت مثل فوز المنتخب البلجيكي المتعدد المواهب والمهارات بالبطولة بل انه لايستبعد ان يتجاوز منتخب إنجلترا عقدته التاريخية في بطولات كأس العالم ويحقق "منتخب الأسود الثلاثة" المفاجأة التي تسعد جماهيره المحرومة من كأس العالم منذ ان توج منتخبها بالبطولة في مرة وحيدة ويتيمة عام 1966 رغم ان إنجلترا تتفاخر بأنها "مهد كرة القدم الحديثة".


واذا لم يكن هناك ما يدعو للدهشة ان فازت بالبطولة منتخبات اسبانيا او الأرجنتين وفرنسا ، فان آلان بيترز يؤكد بحق انه لايمكن لأحد ان يتحدث بلغة اليقين عن اسم الفريق الذي سيتوج في العرس الكروي العالمي بروسيا التي يمكن ايضا لمنتخبها ان يحقق المفاجأة الكبرى فكل شيء وارد في اللعبة الجميلة التي كثيرا ما يحلو لها أن تتحدى كل التنبؤات وتخرج على كل التوقعات حتى أن "الأسماك الصغيرة قد تلتهم أحيانا الأسماك الكبيرة".


ومن ثم فللفراعنة ان يخوضوا المعترك الكروي الأكثر اهمية في العالم بذهنية الندية والتحدي وثقافة النصر التي يجسدها نجم عالمي مثل محمد صلاح أمسى اسمه موضع اهتمام كبير من النقاد والكتاب الرياضيين في الصحافة الغربية.


وبمعالجة تاريخية معمقة ومعلومات غزيرة يتوقف آلان بيترز أمام كل الفرق التي ستتنافس في مونديال 2018 ويعود هذا الكتاب الجديد لنحو تسعة عقود مضت عندما استضافت اورجواي اول بطولة لكأس العالم لكرة القدم في صيف عام 1930.


وتتقافز صفحات الكتاب بالحقائق والنوادر والطرائف في مرح بين يدي القاريء العاشق للساحرة المستديرة والمرحة بطبيعتها بقدر ما تستعصى غرائبها أحيانا على التفسير المنطقي والتوقعات التي تقوم على الحسابات العقلانية وحدها!.


وبالتأكيد ليس كتاب آلان بيترز هو الكتاب الوحيد عن مونديال 2018 فالكتب الجديدة تتوالى لتثري المكتبة الرياضية العالمية ومن بينها كتاب صدر بالانجليزية ايضا بقلم ايليوجي جوكيلسون وعنوانه :"نجوم كأس العالم 2018 :اساطير الكرة العالمية" ويتحدث عن 30 نجما في سماء الساحرة المستديرة والتوقعات بشأن هؤلاء النجوم أو "سادة كرة القدم الحديثة" في مونديال روسيا.


وسيجد القاريء اسماء لاعبين مثل ميسي ورونالدو ونيمار وزلاتان ابراهيموفيتش ولويس سواريز وجيمس رودريجيز وعثمان ديمبلي فيما نتطلع لتوهج نجوم منتخبنا الوطني مثل رمضان صبحي وأحمد فتحي وعبد الله السعيد ومحمد النني ومحمود تريزجيه الى جانب النجم الساطع وهداف الدوري الإنجليزي الممتاز محمد صلاح في سماء هذا العرس الكروي العالمي الذي سيشهد مولد اساطير جديدة.


وفي كتاب جديد صدر بعنوان :"سادة الكرة الحديثة" ، يتناول الكاتب الرياضي الأمريكي جرانت واهل أنماط التفكير لشخصيات كروية ومهارات وقدرات لاعبين يعتبرهم سادة كرة القدم الحديثة أو على حد قوله المتسائل في العنوان الفرعي لهذا الكتاب الذي يستهدف مشجعي الساحرة المستديرة :"كيف يلعب افضل اللاعبين قي القرن الواحد والعشرين" ويسلط أضواء على لاعبين حققوا شهرة على مستوى العالم.


ومن المنتظر ان يزداد تألق بعض هؤلاء اللاعبين على المستطيل الأخضر في العام الجديد مثل المصري محمد صلاح والبلجيكي فينسنت كومباني قلب الدفاع العتيد في مانشستر سيتي الإنجليزي وحارس المرمى الألماني مانويل نوير وكريستيان بوليسيتش اللاعب الأمريكي في فريق بروسيا دورتموند الألماني وخافيير "تشيشاريتو" المهاجم المكسيكي في فريق وست هام يونايتد، كما توقف امام لاعب معتزل هو تشابي الونسو لينوه بانجازات لاعب الارتكاز الأسباني خلال رحلته على المستطيل الأخضر في فرق ليفربول وريال مدريد وبايرن ميونيخ وحتى اعتزاله في الموسم الماضي.


وواقع الحال ان جرانت واهل يستهدف بكتابه في المقام الأول جماهير كرة القدم في الولايات المتحدة حيث تكتسب الساحرة المستديرة ارضا جديدة في كل عام حتى أن الصورة التقليدية المتوارثة عن الأمريكيين كشعب يختلف عن اغلب شعوب العالم التي تعشق كرة القدم تتغير الآن بدرجة كبيرة.


ومن المؤكد أنها ستتغير أكثر في هذا العام مع مونديال 2018 وإن تابع الأمريكيون هذا الحدث الكروي العالمي بكثير من الحسرة لغياب منتخبهم عن البطولة ، والطريف بقدر ماهو دال على مدى الشعور الأمريكي بالحسرة لعدم المشاركة في العرس الكروي العالمي بروسيا ماتردد من انباء عن اتجاه الاتحاد الأمريكي لكرة القدم لتنظيم بطولة هذا العام للفرق التي أخفقت في الصعود للمونديال ومنها منتخبات إيطاليا وهولندا وشيلي وغانا.


ويبدو أن الأمريكيين عليهم التحلي بالواقعية وقبول منطق الساحرة المستديرة في الفوز والخسارة لو أرادوا حقا أن يصنعوا لأنفسهم مكانة في عالم اللعبة الجميلة وهي نصيحة يسديها الناقد الكروي الإنجليزي بول ويلسون لكل من يخوض المعترك الكروي.


ولئن كانت بطلة الاسكواش العالمية المصرية رنيم الوليلي تتحدث عن أهمية الصبر في المكسب والخسارة ، فالأمر ينطبق على كل الألعاب الرياضية بل وكل اوجه الحياة الانسانية وقد تكون الهزيمة الحقيقية سواء في الملعب الصغير او في الملعب الكبير للحياة ككل هي التخاذل وتدمير الذات وعدم الثقة بالنفس والافتقار للحد الأدني المقبول من كفاءة الأداء والتثاقل عن المواجهة عندما تحين لحظة المواجهة والرسوب في اختبار المصداقية.


وإذا كان المدير الفني لمنتخب الفراعنة هيكتور كوبر قد فاز بجائزة افضل مدرب في افريقيا لعام 2017 فالكاتب الرياضي الأمريكي جرانت واهل توقف أيضا في كتابه الجديد عند مدربين يرى إن تجاربهم مؤثرة في مسارات اللعبة الجميلة في القرن الحادي والعشرين مثل الاسباني روبيرتو مارتينيز الذي يتولى الآن تدريب منتخب بلجيكا وكذلك استراتيجيات الألماني مايكل زورك مدير الكرة بنادي بروسيا دورتموند.


ويمكن للقاريء أن يلاحظ بسهولة أن مؤلف كتاب "سادة الكرة الحديثة" عندما يتناول اللاعبين يركز على مدى نجاحهم في توظيف قدراتهم ومهاراتهم الفردية ضمن "اللعب الجماعي للفريق من أجل الفوز والتفوق" وتلك هي طريقة منتخب الفراعنة ونمط التفكير السائد بين لاعبي منتخبنا الوطني كما تجلى في مسيرة الصعود لمونديال 2018.


ولئن حث المصري محمد صلاح كل أطفال القارة الافريقية "لعدم التوقف عن الحلم" بعد تتويجه في العاصمة الغانية اكرا بجائزة الاتحاد الافريقي لكرة القدم "الكاف" لأفضل لاعب عام 2017 فان كل المصريين والأفارقة يتطلعون بالفخر لهذا الشاب الذي توشح بوشاح البطولة وعلى جبينه اسم مصر.