ماذا تكشف هتافات الشعب الإيراني ضد حكامه؟(تحليل)

تقارير وحوارات

احتجاجات إيران
احتجاجات إيران


تشهد إيران، احتجاجات شعبية واسعة منذ عدة أيام، اعتراضًا على تداخل الرئيس الإيراني حسن روحاني في شؤون الدول العربية، وتركه الوضع الداخلي، فضلًا عن تردي الأوضاع وضعف المرتبات، وأسفرت عن مقتل عدد من المواطنين برصاص الشرطة والأجهزة الأمنية، وردد المشاركون في الاحتجاجات هتافات عدة، أبرزها؛ "الموت للحرس الثوري"، "الموت لحزب الله".

 

احتجاجات إيران

ويحتج عشرات الآلاف في مختلف أنحاء البلاد منذ يوم الخميس على حكومة الجمهورية الإسلامية والنخبة الدينية، فيما أظهرت مشاهد مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي أن الشرطة في وسط العاصمة طهران استخدمت مدافع المياه في محاولة لتفريق متظاهرين تجمعوا في ميدان الفردوس.

 

وتحولت المظاهرات إلى أعمال عنف في مدينة شاهين شهر في وسط إيران، وأظهرت مشاهد مصورة محتجين يهاجمون الشرطة ويقلبون سيارة ويضرمون فيها النار، ووردت تقارير عن تنظيم احتجاجات في مدينتي سنندج وكرمانشاه في غرب إيران بالإضافة إلى مدينة تشابهار في جنوب شرق البلاد وفي إيلام وايذه في الجنوب الغربي.

 

وصب المتظاهرون غضبهم في بادئ الأمر على المصاعب الاقتصادية ومزاعم الفساد لكن الاحتجاجات أخذت منحى سياسيا نادرا مع مطالبة أعداد متزايدة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي بالتنحي، وأظهرت قوات الأمن الإيرانية ضبط النفس فيما يبدو لتجنب تصاعد الأزمة.

 

وأعلنت السلطات اعتقال 200 متظاهر في طهران، بينهم 40 من قادة التظاهرات خلال احتجاجات أمس.

 

الموت لحزب الله

ولفتت الاحتجاجات الإيرانية، أنظار العالم أجمع، حث ردد المشاركون عدة هتافات، أبرزها؛ "الموت لحزب الله"، وهو دليل واضح على دعم إيران لحزب الله، فمنذ تأسيس حزب الله في مطلع الثمانينات كان الدعم المالي الأساسي يأتي من إيران وإن كان الحزب فيما بعد حاول ان يعتمد على وسائل تمويل أخرى كغسيل الأموال والمخدرات، لكن ظل الدعم الإيراني هو العمود الفقري لعملياته ونشاطاته سواء الداخلية أو الخارجية.

 وفي عام 2002 كان الديبلوماسيون الغرب والمحللون اللبنانيون قد قدروا الدعم الإيراني لحزب الله بـ 60-100 مليون دولار سنويا، أي ما بين 5-10 ملايين دولار شهريا، بينما تصل بعض التقديرات إلى 200 مليون دولار سنويا.

 ثم ارتفع الدعم نتيجة لحرب 2006 فبلغ 200-300 مليون دولار سنويا لينفق جزءا منها في إعادة الإعمار.

 وفي يناير عام 2008م، صرح مدير مشروع مستقبل الإرهاب والزميل بمؤسسة الدفاع عن الديمواقراطيات بواشنطن دي سي الأستاذ وليد فارس أن الدعم الإيراني لحزب الله ارتفع في عام 2008 من 400 مليون دولار إلى 1 مليار دولار.

ويستطرد وليد فارس قائلا: إن "هذه القفزة سوف تمكن التنظيم من القضاء على أي معارض في الداخل اللبناني والانخراط في عمليات تستهدف الديموقراطيات الغربية والمعتدلين العرب حول العالم".

 وبين العام 2012 و2016 بسبب تداعيات الأزمة السورية وانخراط حزب الله فيها والمفاوضات في الملف النووي الإيراني كان التمويل الإيراني يصل إلى ٨٠٠ مليون دولار بحسب كثير من التقارير.

 

"اتركوا سوريا وفكروا فينا"

وتشهد إيران تظاهرات جابت شوارع المدن الكبرى؛ احتجاجًا على التضخم والبطالة، وأطلقت هتافات سياسية غير مسبوقة ضد النظام، كـ"اتركوا سوريا وفكروا فينا"، حيث يرجع ذلك إلى التدخل الإيراني في  سوريا.

 

وفي مقال تحليلي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، يرى الكاتب افشون استوفر، أن إيران، لا روسيا، هي الأكثر تأثيرًا في الحرب المشتعلة في سوريا، وثمة اختلاف بين الأهداف والمصالح الإيرانية والروسية التي تدفع البلدين لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، لافتًا إلى أن الحرب الأهلية السورية لن تنتهي إلا عندما يتم التفاوض مباشرة مع إيران، ولكن هذا لا يعني بالطبع أن السلام سيتحقق على الفور.

 

ويشير الكاتب إلى أن إيران، التي أرسلت مئات من جنودها إلى سوريا وعمدت إلى تسهيل مشاركة عدة آلاف من الميليشيات الشيعية (من خارج سوريا) لدعم نظام الأسد، تُعد الأكثر نفوذا في سوريا، لافتا إلى أن سوريا في ظل حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كانت الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي دعمت إيران في حربها المدمرة مع العراق خلال ثمانينيات القرن الماضي. والواقع أن طهران لا يتوافر لديها سوى عدد ضيئل جداً من الحلفاء، ومن المتوقع أن تضحى بالكثير لتفادي فقدان أقدم صديق لها.

 

ويضيف الكاتب: “بيد أن التحالف الإيراني- السوري يتجاوز مجرد المشاعر الشخصية؛ إذ ازداد التقارب ما بين إيران وسوريا خلال فترة التسعينات بسبب العداء المشترك لإسرائيل، وباتت سوريا معبراً لإيصال الإمدادات إلى حزب الله في لبنان الذي استخدمته إيران وكيلاً لتهديد إسرائيل والضغط عليها، فضلاً عن أنه بمثابة ركيزة لإستراتيجية الردع الإيرانية تجاه واشنطن“.

 

ويلفت الكاتب إلى أن فقدان القدرة على الوصول إلى الأراضي السورية من شأنه أن يقوض الردع الإيراني ويجعل طهران أكثر عرضة لخطر الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، وهو ما يتضح بصورة أكبر في ما ذكره أحد المسؤولين السابقين بالحرس الثوري الإيراني من أن "سوريا ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة إلى إيران؛ إذ تعتبرها المحافظة الإيرانية رقم 35، كما أن خسارة محافظة غنية بالنفط في جنوب غرب البلاد أمام القوى المناوئة (كما حدث في الحرب الإيرانية- العراقية) أفضل بالنسبة إلى إيران من خسارة سوريا؛ ويرجع ذلك لأنه إذا كنا نسيطر على سوريا فسوف نتمكن من استعادة (محافظة خوزستان)، ولكن إذا فقدنا سوريا، فإننا لن نتمكن حتى من الحفاظ على طهران".

 

نحن لا نريد جمهورية إسلامية

وفي عرض نادر للغاية للمعارضة السياسية العامة، ردد الشعب الإيراني، هتافات "لا نريد جمهورية إسلامية" و "الموت للديكتاتور" أثناء احتجاجات في البلاد.

 

هذه الهتافات غير المألوفة للمعارضة العامة، أي استهداف مفهوم الجمهورية الإسلامية كتعبير عن الغضب، يضع هذه الاحتجاجات في فئة مختلفة عن المظاهرات التي جرت في سَنَةُ 2009 والحركة الإصلاحية في التسعينيات.

 

الموت للحرس الثوري

كما ردد المشاركون في الاحتجاجات، الشعارات المناهضة للحكومة، يمكن أيضا سماع هتافات "الموت للحرس الثوري" أثناء احتجاجات في عدة مناطق بالبلاد، في إشارة إلى دعم الحرس الثوري، للإرهاب، وتركه دعم بلاده.