2017 عام سقوط الأقنعة القطرية في دعم الإرهاب والتآمر على الأمن الخليجي

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


حمل 2017، أكبر ضربة لتنظيم الحمدين، تكشف فيه دعمه للإرهاب العالمي في 5 يونيو الماضي، حين قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقتها الدبلوماسية مع قطر، ليتوالى إدراج المنظمات والشخصيات التابعة لها على لوائح الإرهاب، ولتتوالى التصريحات والمؤتمرات في أنحاء العالم المنددة بالدعم القطري للإرهاب.

وبدا إصرار قطر على دعمها لحركات التخريب والتدمير في المنطقة تحت اسم «ثورات الربيع العربي» في اللعب على العالم بوتر الاستعطاف والخداع. ومن هنا بدأت مرحلة أبواق الدوحة المسمومة في نشر الأكاذيب وبث الفتن والتغني بالمظلومية الكاذبة، وسرعان ما تحولت هذه المظلومية المزعومة إلى هجوم حاد على الدول المقاطعة وصلت إلى حد الفبركات الإعلامية.

في 25 يونيو سلمت الكويت، التي تقوم بمهمة الوساطة بين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وقطر، قائمة تتضمن 13 بنداً كشرط لعودة العلاقات الدبلوماسية، وأعطت مهلة مدتها 10 أيام من تاريخ تقديمها وإلا تعتبر لاغية.

بعد تسليم المطالب وقبل انتهاء المهلة أعلن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت خلال زيارته إلى واشنطن، عن موافقة قطر على الشروط الـ 13 لحل أزمتها مع الدول الأربع. سرعان ما ظهر التلون القطري ليعلن وزير خارجية قطر نفي تلك التصريحات بشدة، بل زاد عليها أن الشروط «أصبحت من الماضي».

نفي وزير خارجية قطر لم يكن المسمار الأول في نعش الوساطة، بل قامت الدوحة بتسريب تلك المطالب.

شهر كامل من التعنت القطري أمام المطالب المشروعة للدول المقاطعة، وسط محاولات عرقلة الوساطة الكويتية والاستخفاف بها، وهو ما ظهر جلياً منذ بدء الأزمة وحتى انتهاء مهلة الأيام العشرة التي تم تمديدها 48 ساعة استجابة للوسيط الكويتي.

قوائم الإرهاب

أدرجت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب منذ بداية مقاطعة قطر وكشف إرهابها نحو 80 فرداً وكياناً على قوائم الإرهاب المحظورة التي قسمت إلى 3 قوائم ضمت 23 كياناً و57 فرداً، منهم شخصيات مطلوبة دولياً. ومن الأسماء البارزة في تلك القوائم مفتي الإرهاب يوسف القرضاوي، صاحب التاريخ الطويل من التحريض على العنف، والإرهابي طارق الزمر، والليبي إسماعيل الصلابي وعبدالحكيم بلحاج، والإرهابي القطري عبدالله بن خالد آل ثاني نجل ابن عم أمير قطر الحالي، وهو متورط بتمويل ورعاية قيادات كبيرة في تنظيم القاعدة.

كما تم إدراج الإرهابي حمد المري، قائد القوات الخاصة بدولة قطر، الذي شارك في تدريب إرهابيين في ليبيا، وله صلة بمقتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. ومن أبرز الكيانات التي تم إدراجها على لائحة الإرهاب المجلس الإسلامي العالمي (مساع)، وما يسمى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين وقطر الخيرية.

خطابات تميم

ألقى أمير قطر تميم بن حمد ثلاثة خطابات منذ المقاطعة، وصفت بالمتلونة والمتناقضة، فالأول جاء بعد مرور 40 يوماً من الأزمة، ليظهر متلعثماً في سرده لمتناقضاته اللانهائية.

وكانت أفضل خلاصة لمحتوى الخطاب ما غرّد به المستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني قائلاً: «كلمة إنشائية أعدّها عزمي بشارة لتميم، لو كتبها طالب بالمرحلة المتوسطة في حصة التعبير لرسب». وبعد الخطاب المهزوز تحدث تميم بعد شهرين أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة مستعطفاً إياها بمظلومية ما أسماه «الحصار» الذي تتعرض له بلاده، دون أن يوضح كيف وصل إلى نيويورك وقطر محاصرة. وهو خطاب وصفه المراقبون بغير اللائق بزعيم حريص على كرامة شعبه.

وبعده اختفى الأمير أيضاً لنحو شهرين قبل أن يظهر مخاطباً اجتماع مجلس الشورى في بلاده، مكرراً خطابيه الأول والثاني، لكنه زاد هذه المرة أن علاقة الدوحة مع الدول الكبرى باتت أفضل مما كانت عليه قبل قرار المقاطعة.

ادعاءات واهية

ورغم أحاديث المصالحة التي روجت لها قطر كذباً قبل انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي بالكويت، فإن تطورات الأزمة اليمنية جاءت لتؤكد من جديد زيف ادعاءات الدوحة في حل أزمة قطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب علاقتها معها، بسبب دعمها ورعايتها التنظيمات الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة.

ومنذ إعلان المقاطعة مع قطر في الخامس من يونيو الماضي، لم تفوت الدوحة أي فرصة حتى تتأكد صحة قرار الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وزيف ما روجت له في حينه من اختراق وقرصنة لأجهزتها، تلك القضية التي وعدت بالكشف عن المتورطين فيها من وقتها وحتى الآن، ذلك دون تقديم دليل واحد.

ومع استمرار سياسة التزييف وقلب الحقائق القطرية التي قللت من تأثير المقاطعة عليها، إلا أنها لم تفلح في إخفاء مدى انعكاس إجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على معاناة الدوحة في شتى المجالات.

المستوى السياسي

نجحت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب في فرض العزلة السياسية على نظام الدوحة، لتتجرع بمرور الوقت ثمن سياستها الداعمة للإرهاب، وهو ما جاء أبرز ملامحه واضحاً فيما شهدته قمة التعاون الخليجي الـ 38 من غياب شبه جماعي لزعماء دول الخليج عن أول مؤتمر قمة منذ اندلاع أزمة المقاطعة مع الدوحة.

كذلك فقد نجحت المقاطعة في قطع أذرع الإرهاب القطرية في بؤر الصراع المشتعلة، حيث خسرت الدوحة عضويتها في التحالف العربي باليمن، إلى جانب دورها في فلسطين بعد إتمام مصر جهود المصالحة وإنهاء حالة الانقسام بين حركتي فتح وحماس، كما تم إعلان النصر على داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الممولة من قطر في كل من سوريا والعراق.

أيضاً فقد نجحت المقاطعة في إفشال الخطط القطرية لضرب استقرار لبنان، إلى جانب شل حركتها في ليبيا بعد النجاحات العسكرية التي حققها الجيش الوطني الليبي، فيما خسرت دورها في أفريقيا، عقب إعلان موريتانيا وتشاد والنيجر انضمامها لدول المقاطعة.

في المقابل، فشلت محاولات أمير قطر عبر جولاته الخارجية إلى أوروبا وآسيا وأميركا في إحداث أي ثغرة في جدار المقاطعة، أو اكتساب ما يمكن تسميته «حلفاء جدد»، بل وعلى العكس رافقته في مختلف محطات قطار جولاته جميعاً المسيرات المطالبة بفضح إرهاب الدوحة غير المقصور على محيطها العربي، بل وتعداه إلى مختلف دول العالم، التي شهدت على مدى الأعوام القليلة الماضية العديد من الهجمات الإرهابية على أراضيها، ما أسفر عن سقوط الكثير من الضحايا من الأبرياء.

وكانت أهم نقطتين انكشفتا في السياسة القطرية تحالفها مع إيران في ملفات المنطقة عبر توزيع الأدوار في دعم وتحريك المنظمات الإرهابية، والثانية خيانتها للتحالف العربي في اليمن عبر تزويدها الانقلابيين بإحداثيات عسكرية للتحالف، وهو ما أسفر عن استشهاد عدد من جنود القوات المسلحة الإماراتية العاملة في اليمن.

المستوى الاقتصادي

ترافقت المقاطعة مع تدابير اقتصادية تشمل غلق الحدود البرية والبحرية، وحظر الرحلات التابعة للطيران القطري، وغيرها. كما اعتاد المتعاملون بأسواق المال مشهد اللون الأحمر لأسهم بورصة قطر، كدلالة على الخسائر في تعاملاتها بفعل التأثيرات السلبية نتيجة المقاطعة. وخسرت بورصة قطر خلال الشهور الماضية منذ بدء المقاطعة في يونيو وحتى نهاية نوفمبر الماضي أكثر من 112 مليار ريال قطري (30.7 مليار دولار) من قيمة أسهمها السوقية.

كما تراجع عدد المستثمرين الأجانب (أفراداً وشركات) بنسبة 3.34% منذ بدء المقاطعة ووصل عددهم إلى 187 ألفاً و631 مستثمراً. وإقراراً بالمعاناة، أعلنت قطر عن برنامج للسماح بدخول البلاد دون تأشيرة لمواطني 80 دولة بهدف تشجيع النقل الجوى والسياحة، كما سمحت لمواطني 33 دولة بالبقاء مدة 180 يوماً، ولمواطني 47 دولة بالبقاء حتى 30 يوماً. ويمثل الزوار من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست نحو نصف عدد زوار قطر، بينما تمثل الرحلات الجوية التي أوقفتها الدول الأربع (السعودية- الإمارات- البحرين- مصر) نحو 25 في المئة من رحلات الطيران القطري.

المستوى الإعلامي

كشفت المقاطعة عن وهن الآلة الإعلامية القطرية الممثلة في قناة الجزيرة، بوق الأكاذيب، من خلال التناقض الواضح بين التصريحات والسياسات، بالشكل الذي راح يثبت يوماً بعد آخر تهمة الإرهاب على الدوحة، ما أسفر عن فشل الدوحة في تمرير ادعاءاتها وافتراءاتها للعالم، وإيهامه بما وصفته بـ«الحصار» من جانب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بحقها، بعد ما ثبت للعالم أجمع صحة ما اتخذته من إجراءات ضدها.

فشلت الدوحة في كسب أي تعاطف إقليمي أو دولي واسع، حيث اكتفت معظم الصحف والمواقع العالمية بمتابعة أخبار الأزمة كما هي، مستعرضة في الوقت نفسه انتقادات بعض الأوساط لقطر بسبب دعمها جماعات مسلحة في مناطق النزاع العربية، ودعمها وإيواءها قيادات تنظيمات إرهابية على رأسها جماعة الإخوان، إلى جانب إدراج بعض المواطنين القطريين ممن يمولون الإرهاب على قائمة وزارة الخزانة الأميركية لمكافحة تمويل الإرهاب.

فضائح مدوية تلك التي كشفتها وثائق أميركية ونقلها موقع «ويكيليكس»، حيث اعتقد المسؤولون القطريون أن أحاديثهم السرية مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية ستبقى كذلك، إلا أن الوثائق كشفت عن عدة فضائح قطرية رغبت الدوحة في أن تخفيها عن العلن. وأكدت الوثائق كذبة إغلاق المكتب الدبلوماسي الإسرائيلي في الدوحة، إضافة إلى تفضيل تقديم مساعداتها إلى غزة من خلال إسرائيل بدلاً من مصر، إلى جانب الدفع باتجاه اعتراف حركة حماس بإسرائيل، من أجل التحريض على الدور المصري لتحقيق السلام الفلسطيني-الإسرائيلى، والدفاع القطري عن البرنامج النووي لإيران.

المستوى الداخلي

وكشفت الأزمة عن حراك داخلي قطري تواق إلى التغيير والعودة إلى الفضاء الخليجي بدلاً من الارتماء في حضن إيران. وعقدت المعارضة القطرية عدة مؤتمرات ونشاطات في هذا السياق. ووجهت على لسان الناطق الرسمي باسمها، خالد الهيل، تحذيراً مهماً إلى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، محددة له ثلاثة خيارات، هي الاستقالة وتسليم السلطات بالكامل إلى المجلس الأعلى للحكم «مؤقت» يتم الاتفاق عليه بعد إقالة الحمدين منه.

المنفى الاختياري مع إعادة أموال الشعب بالكامل، مع تخصيص راتب أمير سابق له. تحقيق المطالب الـ 13 قبل الاستقالة كي يتم منحه خيار المنفى وعدم المحاكمة.

لقد أصبح واضحاً تماماً أن الحياة في قطر التي وصفها أميرها بأنها «تسير بشكل طبيعي منذ بداية الحصار» في خطاباته الثلاثة منذ بدء الأزمة ليست سوى استمرار لسياسة العناد والمكابرة. وهكذا منيت السياسة القطرية بفشل في مختلف الاتجاهات، حيث لم تنقذها الأكاذيب التي دأبت على ترويجها، بعدما أدرك العالم حقيقة دورها الداعم للإرهاب. في المقابل، فإن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لم تطالب الدوحة إلا بتنفيذ ما سبق أن تعهدت به بالفعل فقط في اتفاق الرياض 2013 وملحقاته التكميلية في 2014.

قوات تركية

أعلنت وزارة الدفاع القطرية عن وصول دفعة جديدة من القوات المسلحة التركية إلى قاعدة العديد الجوية. وقالت وزارة الدفاع القطرية في بيان لها أول من أمس إنه تم «وصول دفعة تعزيزية جديدة من القوات المسلحة التركية والتي تضم عناصر تابعة لقيادة القوات المشتركة التركية إلى قاعدة العديد الجوية، ومن المقرر أن تنضم هذه الدفعة إلى القوات التركية الموجودة حالياً في قطر».

وعقب المقاطعة بأيام، وبالأخص في 19 يونيو توافد أفراد من القوات التركية على دفعات إلى الدوحة، وسط تفاخر قطري بوجود قوات أجنبية على أراضيها، وجاء نشر تلك القوات بعد أن صادق البرلمان التركي على مشروع قانون يجيز نشر قوات تركية في قطر.