"أوقاف الإسكندرية" تطلق أمسيات دينية بعنوان "وحدة الأمة ونبذ الفرقة طريق النصر" (صور)

محافظات

بوابة الفجر


نظمت مديرية أوقاف الإسكندرية أمسيات دينية عقب صلاة مغرب أمس الثلاثاء، تحت عنوان وحدة الأمة ونبذ الفرقة طريق النصر وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بنشر الفكر الوسطى المستنير.

وأكد الشيخ محمد العجمى، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، على كثرة الأدلة من الكتاب والسنة على طلب الشارع لوحدة المسلمين، وبصيغ تؤكد على وجوبها ولزومها، وترتب العقوبة على التفريق في تحقيقها في الواقع.

فقد أمر الأمة جميعا بالاعتصام بحبل الله، ولم يوجه الأمر بالاعتصام بحبل الله إلى الأفراد وإن كان واجبا على كل فرد على حدة، قال ابن عاشور رحمه الله: (والاعتصام افتعال من عصم، وهو طلب ما يعصم أي يمنع،والحبل: ما يشد به للارتقاء، أو التدلي، أو للنجاة من غرق، أو نحوه، والكلام تمثيل لهيئة اجتماعهم والتفاتهم على دين الله، ووصاياه وعهوده بهيئة استمساك جماعة بحبل ألقي إليهم منقذ لهم من غرق أو سقوط، وإضافة الحبل إلى الله قرينة هذا التمثيل، وقوله: {جميعا}: حال وهو الذي رجح إرادة التمثيل، إذ ليس المقصود الأمر باعتصام كل مسلم في حال انفراده اعتصاما بهذا الدين، بل المقصود الأمر باعتصام الأمة كلها).

وأضاف "العجمي" أن الله سبحانه أكد على النهي عن التنازع بذكر مفاسده وأضراره وأخطرها الفشل وذهاب الريح، قال الرازي رحمه الله (وفيه مسائل: المسألة الأولى: بين تعالى أن النزاع يوجب أمرين، أحدهما: أنه يوجب حصول الفشل والضعف، والثاني: قوله {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} وفيه قولان،الأول: المراد بالريح الدولة، شبهت الدولة وقت نفاذها وتمشية أمرها بالريح وهبوبها، يقال هبت رياح فلان إذا دانت له الدولة ونفد أمره، الثاني: أنه لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله، وفي الحديث (نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور)، والقول الأول أقوى لأنه تعالى جعل تنازعهم مؤثرًا في ذهاب الريح ومعلوم أن اختلافهم لا يؤثر في هبوب الصبا قال مجاهد {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي نصرتكم وذهبت ريح أصحاب محمد حين تنازعوا يوم أحد).

وأوضح، أنه وردت في السنة النبوية المطهرة أحاديث كثيرة تؤكد ما ورد في القرآن الكريم من الأمر بالوحدة والاجتماع والنهي الاختلاف والفرقة، ومن تلك الأحاديث، قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)، قال النووي رحمه الله: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ولا تفرقوا): فهو أمر بلزوم جماعة المسلمين وتألف بعضهم ببعض، وهذه إحدى قواعد الإسلام، واعلم أن الثلاثة المرضية إحداها: أن يعبدوه، الثانية: أن لا يشركوا به شيئا، الثالثة: أن يعتصموا بحبل الله ولا يتفرقوا)، وقوله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة) وقد تكرر منه صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بلزوم الجماعة في أحاديث أخرى كثيرة.

و تابع العجمى قائلا: وقد اتفقت كلمة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم بإحسان على الأمر بلزوم الجماعة، فكلهم بلا استثناء كانوا من دعاة الوحدة والاجتماع على الحق، ولم يكونوا من دعاة الفرقة والاختلاف.
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: (كان يقال خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المساجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله)

وأكد على أن وحدة الأمة الإسلامية ضرورة، فمفهوم هذه العبارة هو أن لا قيام لمصالح المسلمين في الدين والدنيا إلا بوحدتهم واجتماع كلمتهم على الحق، وأصدق الأدلة والبراهين على ذلك ما ينتج عن الفرقة والاختلاف - ضد الوحدة والاجتماع - من المفاسد والأضرار في الدين والدنيا، وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى ومن أخطرها ما يلي:
- مخالفة أمر الله ورسوله.

وتابع، اختلاف المسلمين وتفرقهم مخالفة لما ورد في الكتاب والسنة من الأمر بالوحدة واجتماع الكلمة، وقد أوردنا فيما سبق بعض النصوص من الكتاب والسنة مما يدل على وجوب وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم على الحق، وهي كلها نصوص محكمة يتحتم العمل بها في كل زمان ومكان، لم ينسخ منها شيء، فوحدة المسلمين ليست خيارا استراتيجيا يلجأ إليه المسلمون عند الحاجة أو الضرورة، بل هي أصل من أصول الدين الكلية، وقاعدة من قواعده العظمى، والتفريط فيها معصية توجب غضب الله وعذابه في الدين والآخرة، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [سورة الأحزاب: 39].

وأوضح، إن الاختلاف في الأعمال الظاهرة كصور أداء العبادات، وتحديد مواقيتها الزمانية أو المكانية، أو تباين مواقف المسلمين في القضايا المصيرية، يؤدي إلى اختلاف القلوب ويدل على تنافر المقاصد والنوايا، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة بتسوية الصفوف عند الصلاة فيقول: (عن أبى مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم).

وشدد العجمى على أنه من أعظم أضرار اختلاف المسلمين وتفرق كلمتهم الفشل وذهاب الريح، وقد ذكرهما الله تعالى في القرآن لخطورتهما، فقال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة الأنفال: 46]، والفشل وذهاب الريح تعبير بليغ عن نقص قوة الأمة.

واختتم العجمى حديثه موجها الدعوة إلى أبناء الأمة كلها بضرورة التوحد خلف كتاب الله وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتحقق نصر الله الذى وعد به فى قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ).