أيمن سلامة: إعلان "ترامب" إزاء القدس منعدم.. والفيتو الأمريكي لا يستطيع منازعة الإرادة الدولية (حوار)

تقارير وحوارات

الدكتور أيمن سلامة
الدكتور أيمن سلامة


مجلس الأمن يعترف بسيادة القدس.. وإسرائيل دولة محتلة غير شرعية

 

فلسطين مارست سيادتها قبل وجود إسرائيل

 

قرار "ترامب" منعدم.. والفيتو الأمريكي لا يغير شيئًا

  

منذ اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس عاصمة إسرائيل الأبدية، مخترقًا بذلك القانون الدولي، أطلقت التصريحات والأقاويل العديدة المنددة بوضع القدس، إلا أن مصير القضية الفلسطينية لا يزال غامضًا، وهو ما يحسمها تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسة طارئة، غدًا، حول مشروع قرار يرفض اعتراف "ترامب" بالقدس عاصمة لإسرائيل، حسبما أكد الدكتور أيمن سلامة خبير حفظ السلام وأستاذ القانون الدولي بـجامعة القاهرة، في حواره لـ"الفجر".

 

وكشف "سلامة"، الوضع القانوني لمدينة القدس في ظل تخبط القرارات الدولية، وانعدام قرار الرئيس الأمريكي بشأن تهويد القدس، واختراقه للقانون الدولي، مؤكدًا أن الفيتو الأمريكي لا يستطيع منازعة إرادة المجتمع الدولي.. وإلى نص الحوار:

 

◄ بدايةً.. ما الوضع القانوني لمدينة القدس في القانون الدولي؟

أول قرار صدر من الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947م، والذي خص مدينة القدس بمركز قانوني دولي وماهية دولية وأخضع المدينة لإشراف مباشر لمنظمة الأمم المتحدة، وبعد ذلك توالت العديد من القرارات ذات الصلة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولكن في عام 1967 صدر القرار 242 عن مجلس الأمن بعد حرب الأيام الستة يونيو 1967م، والذي طلب من إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها ومنها مدينة القدس الشرقية المحتلة حيث اعتبرها القرار مدينة محتلة عسكرية من قبل السلطات الإسرائيلية العسكرية.

 

وهذا القرار يلزم إسرائيل باعتبارها سلطة احتلال عسكري ألا تقوم بأي تغيرات في الطبيعة الديموجرافية أو الثقافية أو التشريعية في مدينة القدس المحتلة أو الأقاليم المحتلة، ولا يمنح القانون الدولي أي حقوق لدولة الاحتلال الإسرائيلي العسكري إلا سلطات إدارية تنفيذية مؤقتة بغرض إدارة الإقليم والشعب المحتلين وترقية شؤونهما في كافة مناحي الحياة المختلفة.

 

وألزم القرار، أن الاحتلال الإسرائيلي للقدس منذ 5 يونيو 1967م، لا يمنح دولة إسرائيل أي شرعية أو مشروعية في السيادة على القدس المحتلة أو الأراضي الفلسطينية المحتلة أيضًا.

 

ولا يجوز لإسرائيل المحاجة، بأنها احتلت ووضعت يدها على أراض من دون سيادة أو من دون دولة ذات سلطة وسيادة فهذه ليست إلا فريات صهيونية، حيث أنه من الثابت أن فلسطين وحكومة عموم شعب فلسطين، مارست سلطتها وسيادتها قبل أن يعرف العالم دولة إسرائيل، والأكثر من ذلك أن فلسطين قامت بتوقيع اتفاقات دولية مع الدول من بينها مصر، لتبادل تسليم المجرمين، وكانت هناك عملة فلسطينية، وجواز سفر فلسطيني، سافرت وتنقلت به جولد مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابق، وحين قامت إسرائيل الدولة المحتلة الغاصبة، لمدينة القدس في عام 1980 بإجبار القانون الأساسي الإسرائيلي الذي ضم القدس الشرقية للغربية، وأعلنت إسرائيل أن القدس الواحدة الموحدة هي العاصمة الإسرائيلية الأبدية، أصدر مجلس الأمن 487 في عام 1980، والذي طالب الحكومة الإسرائيلية بإلغاء ذلك القانون، واعتبر كل الإجراءات التنفيذية الإدارية التي تخرج عن سلطات الاحتلال الإسرائيلية غير شرعية وباطلة، وطالب القرار أيضًا كافة الدول أعضاء جمعية الأمم المتحدة، نقل بعثاتها الدبلوماسية من تل آبيب إلى القدس بأن تقوم بإعادتها، وبالفعل قامت كافة الدول بإعادة بعثاتها إلى تل آبيب.

 

◄ ماذا عن موقف الإدارة الأمريكية من القرار 487؟

لم ترفض القرار ولم تستخدم الفيتو الأمريكي الشهير ضد القرار، وامتنعت عن التصويت، وهذا يعني أنها لم ترفض القرار.

 

◄ ما دور مجلس الأمن تجاه القدس مؤخرًا؟

في ديسمبر عام 2016 أصدر مجلس الأمن، القرار رقم 2334 بشأن القدس المحتلة والمستوطنات الإسرائيلية، طالب إسرائيل بإزالة كافة المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة، وإلغاء كافة القوانين والقرارات التنفيذية المتعلقة بإنشاء أي مستوطنات إسرائيلية، كما طالب القرار كافة الدول أعضاء الأمم المتحدة بعدم التعامل أو التسهيل أو المساعدة لدولة لإسرائيل بأي شكل من الأشكال في إقامة المستوطنات بمدينة القدس الشرقية المحتلة.

 

وماذا عن موقف الإدارة الأمريكية من القرار؟

لم تستخدم الفيتو ضد القرار ولكن امتنعت عن التصويت، في الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس السابق أوباما، وهذا يعني أنها لم ترفض القرار.

 

كيف ترى الطبيعية القانونية لإعلان ترامب باعتبار القدس عاصمة إسرائيل؟

إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل، وعزمه على نقل سفارتها إلى مدينة القدس، قرار منعدم لصدوره لغير ذي صدى أو سلطة قانونية، ومنحيه عينًا لا يملكها بحائز غاصب غير شرعي.

 

ماذا عن القرارات التنفيذية للدول والتشريعيات والأحكام القضائية للدول؟

لا يجوز أن تصدر منتهكة لمبادئ القانون الدولي، والتي تصدر عن المنظمات الدولية، ومثل هذه القرارات المنعدمة، لانتهاكها القانون الدولي، لا ترتب أي آثارًا قانونية ولا تنشأ أي حقوق في القانون الدولي، ولا يقرها القانون الدولي، فهي تماثل الحكم المنعدم وليس الحكم الباطل، والحكم المنعدم لا يعوزه أي حكم قضائي أعلى درجة بالقضاء بانعدامه، وذلك لعدم وجوده في الأصل.

 

هل الفيتو الأمريكي ضد مشروع القرار المصري له آثرًا؟

الفيتو لا يغير من الأمر شيئًا، وصدر معزولًا عن إرادة المجتمع الدولي الممثلة في مجلس الأمن، الذي وافق بأغلبية كاسحة، أي 14 دولة لمشروع القرار المصري مقابل دولة واحدة.

 

فالفيتو الأمريكي لا يستطيع أن ينازع إرادة المجتمع الدولي والمبادئ الدولية المستقرة ولا يجوز لقرار أخرق للإدارة الأمريكية أن يغير أو يعدل قرارات مجل الأمن السابقة والجمعية العامة للأمم المتحدة أيضًا.

 

  ما مدى الإلزامية القانوينة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، غدًا؟

هناك فارق ما بين إلزامية قرارات الأمم الدولية، وإمكانية تنفيذها في الواقع، ومن ثم فلا يمكن الاستهانة أو التقليل، من وزن القرارات التي تصدر عن الجمعية العامة، وذلك بالنظر للنقاط العديدة.

 

أولًا؛ الجمعية العامة هي الجهاز الرئيسي الوحيد الذي تمثل فيه كافة الدول أعضاء الأمم المتحدة على كافة المساواة، ويكون لكل دولة صوت واحد ولا يعلو صوت على صوت كما هو الحال بالنسبة للفيتو في مجلس الأمن، ولذلك يجمع الفقهاء والشراع على أن الجمعية العامة هي المنبر العام والجهاز الديمقراطي لمنظمة الأمم المتحدة.

 

ثانيًا؛ رغم أن قرارات الجمعية العامة، لا تعد مصدر رسميًا للقانون إلا أنها تحتفظ بالقوة والسلطة، حيث أنها تعكس رأي والإرادة العامة للدول حول موضوع معين كالقدس والقضية الفلسطينية.

 

ثالثًا؛ إن قرارات الجمعية العامة، المتواترة والمصاغة بصياغة قانونية محكمة، والتي تصدر أغلبية كاسحة حول ذات القضية، لا يمكن الزعم بعدم إلزاميتها

 

رابعًا؛ إن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتوةاترة، والمصاغة صياغة قانونية محكمة، والتي تصدر بشأن ذات القضية، يمكن اعتباها ذات طبيعة قانونية ملزمة، إنها قد تكون قابلة للتنفيذ.