منال لاشين تكتب: الإرهابى الحقيقى فى جريمة الروضة

مقالات الرأي



لم أشك لحظة فى أن الإرهابيين بتخلفهم الدينى وفكرهم الدموى وراء كل التفجيرات والجرائم التى تشهدها مصر فى حربها ضد الإرهاب. ولا يخلتف الأمر لدى إذا كان الإرهاب موجها لجامع أو كنسية.. لمسلم أو مسيحى لجيش أو شرطة أو لمواطن عادى. كله إرهاب أسود ومقيت وقمىء.

ولكننى لم أشك أيضا أن هؤلاء الإرهابيين هم مجرد أيدى قذرة تضغط على الزناد، مجرد آلات تفجير يستخدمها عقول وأجهزة ودول أخرى للإضرار بمصر وبمستقبلها والأهم بأرضها. فنحن ندفع وسندفع ثمن خيارنا طرد الإرهاب من الحكم واستعادة مصر.. كل مصر وفى القلب منها سيناء، إن العمليات الإرهابية الثلاث فى سيناء الأسبوع الماضى سواء العمليات التى نجحت فى تحقيق هدفها القذر، أو العمليات التى تصدى لها الجيش والشرطة. هذه العمليات وغيرها هى محاولة للضغط على مصر للتخلى عن جزء عزيز من أرضها. وهى سيناء، ولم نكن بحاجة إلى التصريح الأخير للوزيرة الإسرائيلية حول تسكين الفلسطينيين فى سيناء لندرك أن الهدف الأكبر والأخطر كان عزل سيناء عن مصر، وتوطين الفلسطينيين بها. فكل أدبيات السياسة الإسرائيلية منذ أواخر الستينيات من القرن الماضى تقوم وتتمركز على فكرة التخلص من أهل فلسطين بتوطينهم فى سيناء. وحتى مبارك رفض هذه الفكرة الشيطانية. وحده رئيس الإخوان مرسى وجماعته هم من وافقوا على هذا المبدأ. وكانوا على استعداد للتخلص من سيناء لتخليص إسرائيل من مشكلة الفلسطينيين.

ولذلك لا يجب أن نحصر تفكيرنا ومجهودنا وغضبنا على الإرهابيين فقط فهم مجرد أياد قذرة تحاول تنفيذ المخطط الأقذر والأخطر. وذلك بالضغط على الدولة المصرية بعمليات إرهابية فى سيناء مرة بزعم قتل الجيش أو الشرطة ثم الأقباط ثم الصوفيين. ولكن الهدف الرئيسى هو الضغط على القرار والإرادة المصرية للتخلى عن سيناء.

ولذلك من أخطر وأغبى الاقتراحات اقتراح بتفريغ سيناء وترحيل كل الأهالى لترك الفرصة للجيش لدك مواقع الإرهاب. فهذا الاقتراح وإن كان يصدر من أناس حسنى النية أغضبهم وأحزنهم الدماء المصرية التى تسيل فى سيناء، إلا أنه يحقق غرض أو هدف ما وراء الإرهابيين وأصحاب خطة استخدام الإرهابيين فى حربهم ضد مصر وأطماعهم فى سيناء. وحل الأزمة بتعمير سيناء وليس بتهجير أهالى سيناء وتركها أرض فضاء وفصلها عن الدولة المصرية.

ولذلك فأنا اعتقد أننا يجب أن نسرّع بتعمير سيناء وأن نجعلها ضمن الأولويات الأولى فى التنمية وأن نحارب الإرهاب فى سيناء بيد ونقوم بتنمية وتعمير سيناء باليد الأخرى.

وإذا اتفقت معى فى هذه الرؤية، فإن مصر تحتاج من العالم الخارجى ما هو أكبر وأهم من التضامن بالكلمات والشجب والإدانة. نحتاج إلى التعاون المعلوماتى من كل الأجهزة المعنية لوقف العمليات الإرهابية. نحتاج مساعدات فنية وتبادل فى الخبرات. والأهم نحتاج أن تكف أجهزة المخابرات المعادية والدول الكارهة لمصر يدها عن محاولة تقسيم مصر وابتلاع سيناء لصالح المشروع الصهيونى. نحتاج من الدول الكبرى خاصة موقفا ضد الدول الراعية للإرهاب. الدول التى تمد الأيدى الإرهابية بالسلاح والمال والخطط. شبعنا كلمات شجب على تويتر أو فى بيانات دولية أو أممية. شبعنا التعاطف المجانى (أبو بلاش). ما نريده من العالم هو وقف أصحاب الخطط الشيطانية التى تستخدم الإرهابيين الجهلاء المرضى لتحقيق أهدافها. نحتاج أن نوقف الإرهاب من المنبع ونوقف توكيلات الإرهاب فى دول وأجهزة معلومة للجميع فى كل دول العالم والمؤسسات الدولية وأجهزة المخابرات الكبرى. وبالنسبة لى فإن تجفيف منابع الإرهاب يحدث من خلال تجفيف أوكار المخابرات والدول المعادية التى تمول الإرهاب مالا وخططا وسلاحا. أما الحديث عن تنقية مناهج الأزهر وتحديث الخطاب الدينى فهى خطوات جيدة تحتاج إلى وقت، ولكن الطريق الأقصر لتجفيف منابع الإرهاب يأتى بتضامن دولى حقيقى مع مصر. تضامن يوقف استمرار الدول والكيانات الإرهابية فى دعم الإرهاب بكل الوسائل. وحتى يحدث هذا الدعم وحتى يتوحد العالم فى هذا الموقف، وحتى يكف العالم عن التأييد المعنوى وكلمات الشجب التى لا تغنى أو تسمن من جوع. حتى يحدث هذا سيظل المصرى يدفع ثمن هذه المؤامرة من دمائه الطاهرة. لأن هناك ما هو أغلى من الدم. نعم هناك ما هو أغلى من الدم دمى ودمك. وهى أرض مصر وترابها.