"الفجر" تُحقق في اختفاء "البنسلين".. أزمة تبحث عن حل (فيديو)

الفجر السياسي

بوابة الفجر


ما زالت أزمة نقص الأدوية تتفاقم يومًا تلو الآخر في الشارع المصري مما يتسبب في ذعر المواطنين البسطاء غير القادرين على جلب الأدوية بأضعاف ثمنها من السوق السوداء، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فالدواء بصورة عامة سلعة لا يمكن الاستغناء عنها، فهي إحدى ضروريات الحياة، وفي أحوال كثيرة يرتبط وجودها ببقاء الإنسان على قيد الحياة.

 

نقص الأدوية أو اختفائها تمامًا من الأسواق، أحد أهم أزمات القطاع الصحي التي تحتاج تكاتف جهود الدولة؛ لتوفيرها في السوق، أو مواجهة التحديات التي تؤثر سلبًا على الصناعة ما يسهم في نقص الأدوية،  فعلى سبيل المثال توجد منذ فترة أزمة في نقص عقار "البنسلين" ممتد المفعول، بصيدليات مصر، على الرغم من تصريح الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة والسكان، بأنه تم توفير وضخ 859 ألفا و380 فيالا من الأصناف المختلفة لعقار "البنسلين" المستخدم كمضاد للالتهابات في سوق الدواء المصرية والصيدليات من خلال كل فروع شركات الدواء المصرية.


 الدكتورة رشا زيادة، رئيس الإدارة المركزية للصيادلة بوزارة الصحة، كشفت في تصريحات صحفية سابقة، عن استيراد 100 ألف عبوة من مستحضر "البنسلين"؛ لمواجهة النقص في هذا الدواء والذي حدث خلال الفترة الأخيرة، مؤكدة على عدم وجود أزمة في هذا المستحضر والذي سيكون متوافرًا في الشركة القابضة للأدوية والمستشفيات العامة وصيدليات الشركة المصرية.

 

ورغم معاناة المريض المصري بسبب نقص الأدوية، إلا أن وزير الصحة لا يزال يؤكد في تصريحاته أن إجمالي الأصناف التي تشهد نقصًا لا تتعد 25 صنفًا، وأنه يتم إرسال قائمة بهذه العقاقير كل أسبوعين إلى رئاسة الجمهورية؛ لمتابعة سوق الدواء في مصر، وهو ما يتناقض تمامًا مع إحصائيات نقابة الصيادلة التي تؤكد أن عدد نواقص الأدوية بلغ قرابة 1200 صنف، وأرسلت قائمة بهذه الأصناف إلى مجلس الوزراء للعمل على توفيرها.

 


ويستخدم عقار "البنسلين" كمضاد حيوي في القضاء على الميكروب السبحي في التهابات اللوز الصديدية، والوقاية من الحمى الروماتيزمية والتهاب الكلى، حيث يوجد منه نوعان، المصري والمستورد.

 

وبناءً على ذلك قررت "الفجر" الوقوف على الحقيقة والنزول إلى أرض الواقع والبحث عن عقار "البنسلين" في عدة صيدليات؛ للتعرف على مدى صحة توافر العقار من عدمه.

 

اختفاء عقار "البنسلين" منذ أكثر من أربعة أشهر: 

 

بدأت "الفجر"، جولتها الميدانية من صيدلية "رانيهام" بحي الدقي، وتحدثنا مع دكتور جابر صالح عبد الله، الذي أكد لنا اختفاء عقار "البنسلين" منذ أكثر من 4 أشهر، مشيرًا إلى أن العقار كان متوافرا بكميات ضئيلة للغاية، وأن العقار يكون متوفر بكميات قليلة في الصيدليات المركزية فقط، ويتم صرفه من خلال "الروشتة"، مؤكدًا أنه بالرغم من اختفاء العقار فلا يزيد ثمنه عند إيجاده: "محدش يقدر يلعب في الأسعار، سعر الدواء خط أحمر".


شركات الأدوية تحتكر العقار.. والمرضى ينتابهم اليأس: 


الدكتور محمد "صيدلي" قال إن العقار مختفي تمامًا منذ فترة ليست بقليلة، مما يتسبب في مشاكل عديدة للمرضى، موضحًا أن شركات الأدوية يوجد بها احتكار ونسبة تلاعب في "السوق السوداء" مع زيادة أسعارها زيادة جنونية.

 

وأوضح محمد أن المرضى انتابتهم حالة من اليأس في إمكانية توفير العقار: "المريض بيدخل الصيدلية يسألني على البنسلين وهو عارف أنه مش موجود"، مشيرًا إلى أن العقار له بدائل عديدة ولكن أيضًا غير متوفرة.

 

شركات الأدوية تستغل أصحاب الصيدليات:

 

ومن جانبه قال الدكتور رجب محمد علي "صيدلي" إن "البنسلين" مختفي اختفاءً تامًا، مؤكدًا أنهم أصحاب المهنة لا يجدون طريقة للحصول عليه؛ لاستعمالهم الشخصي، مشيرًا إلى أن شركات الأدوية تقوم باستغلال أصحاب الصيدليات عن طريق توريد كميات كبيرة من الأدوية في مقابل الحصول على "حقنتين من البنسلين"، مما يضطر أصحاب الصيدليات للرضوخ للاستغلال مقابل الحصول على العقار، إلى جانب بيعه للمريض بنفس ثمنه الذي تم شرائه به من شركات الأدوية وبالتالي لا يحقق صافى ربح 1%.

 

الصيادلة: هذه الفترة تشهد نقصًا واختفاءً لعدد كبير من الأدوية الهامة والحيوية: 

 

الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة، أكد أن عقار "البنسلين" مختفي بالفعل من السوق منذ فترة طويلة، وأن الأزمة فادحة، موضحًا أن هذه الفترة تشهد نقصًا واختفاءً لعدد كبير من الأدوية الهامة والحيوية، وأرجع أسباب الاختفاء لشركات الأدوية في نقص خامات الإنتاج والمواد الخام التي تعتمد عليها صناعة الدواء.

 

وأكد نقيب الصيادلة، في تصريح خاص لـ "الفجر، على أن وزارة الصحة تعمل حاليا على عقد صفقة صينية توفر من خلالها  2 مليون حقنة بنسلين؛ لضخهم في السوق وسد العجز الذي تعانى منه الصيدليات والمرضى.

 

الحق في الدواء: الأمور تدار بـ "الفهلوة":


قال الدكتور محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن البنسلين اختفى من السوق فجأة، موضحًا أنه صنف وحيد في العالم كله لا يوجد له أدوية بديلة أو مثيلة، وأرجع ذلك لافتقاد مصر الرؤية والسياسات طويلة الأمل؛ لصناعة الدواء بناءً لعدد السكان وخريطة الأمراض التى توجد في مصر، مشيرًا إلى أن مصر لا تعرف أعداد المرضى التي تحتاج للبنسلين، لأن الأمور في مصر تدار "بالفهلوة" بحسب قوله، وليس لها علاقة بالعلم، وذلك بسبب انعدام الرؤية وفشل وزارة الصحة في التنبؤ بعدم وجود صنف، يؤدى اختفاءه لوفيات عديدة.

 

شركات الأدوية المصرية أوقفت إنتاج الأدوية رخيصة الثمن:


وأضاف فؤاد، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن رئاسة الجمهورية أمرت منذ حوالي أسبوع، شركات الأدوية المصدرة للخارج بإيقاف توريد البنسلين، وتوزيعه داخل مصر، حيث تحتوى الصفقة على 400 ألف علبة، مشيرًا إلى أن هذا الرقم لا يؤثر في أزمة اختفاء العقار.


وأوضح، أن عقار البنسلين "رخيص" وشركات الأدوية المصرية أوقفت إنتاج الأدوية الرخيصة، وذلك راجع لعدم وجود عقوبات رادعة من الحكومة المصرية أو وزارة الصحة للشركات؛ لعدم تصنيعهم صنف حيوي مثل "البنسيلين".


وزير الصحة يمتلك ملف دواء كارثي:


واستطرد: هذه الأزمة يمكن حلها لو تواجد لدينا إدارة أزمات أو نواقص الدواء في وزارة الصحة، تتنبأ بنقص الدواء وعدم وجوده، ولكن الإدارة تشهد فشل تام على مدار سنتين، مؤكدًا أن نواقص الدواء ملف كارثي في حوزة الدكتور عماد الدين وزير الصحة؛ نظرًا لعدم اجتماعه مع خبراء أو مختصين؛ لحل الأزمة. 


واختتم مدير المركز المصري للحق في الدواء، قائلا: عند اختفاء أي عقار من السوق، نقوم بإبلاغ الوزارة والإعلام، ونحاول التنبيه لخطورة الموضوع، خصوصًا عندما لا يكون للدواء بديل مثل "البنسلين"؛ لنتفادى الخسائر في الأرواح.


وزارة الصحة تنفى اختفاء البنسلين: 


وعلى صعيد آخر نفت وزارة الصحة والسكان، وجود أي أزمة أو نقص في حقن البنسلين على مستوى الجمهورية، مؤكدة أنها تضخ كميات كافية للصيدليات التابعة إلى الشركة المصرية للأدوية - إحدى الشركات الحكومية -  ويتم الصرف بالروشتة فقط.


وأوضحت الوزارة، أنها اضطرت لهذا الإجراء، بعد أن لاحظت زيادة السحب بصورة غير طبيعية، والإقبال الكبير وغير المعلوم على شراء وتخزين البنسلين، لافتة إلى عدم رصدها أي شكاوى من المرضى في هذا الشأن.