"أم مع إيقاف التنفيذ".. بنك البويضات "طوق نجاة" مريضات السرطان

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


العملية تبدأ بـ10 آلاف وتصل لـ100 ألف جنيه.. و1000 جنيه سنويًا لتجديد الحفظ

■ "حلال" بشرط الحفاظ عليها من الاختلاط وأن ينسب الابن لزواج شرعى


لا شىء أصعب على المرأة من فقدان إحساسها بالأمومة وضياع أملها فى الإنجاب، هذا هو الشبح الذى يطارد أغلب المصابات السرطان، منذ بداية علمهن بالمرض، كون العلاج الكيماوى المستخدم فى علاجهن يتسبب فى ضعف خصوبتهن ويمكن أن يوقف البويضات، وبالتالى تصبح عملية الإنجاب مستحيلة، هنا تصبح معاناتهن مضاعفة.. المرض والحرمان من الأمومة معاً.

هذه الهواجس توصل العلم لحيلة بشأنها من أجل الحفاظ على أمومة مرضى السرطان عن طريق حفظ البويضات أو تجميدها، من خلال عملية جراحية، قبل الخضوع للعلاج؛ لتفادى أى مضاعفات أو تأثيرات قد لا تحمد عقباها لاحقاً، وطبقاً للدكتور خالد أمين، المتخصص فى أمراض النساء وعلاج العقم، فإن حفظ البويضات عملية، يتم خلالها تجميد البويضات وحفظها خارج الجسم، حيث يمكن تذويب ذلك التجميد لاحقا ثم تخصيبها خارجيا بحيوانات منوية من الزوج، وإرجاعها لرحم الزوجة؛ لإحداث الحمل.

وقال أمين، فى البداية يتم تحفيز المبيض لإنتاج البويضات، ثم سحبها وحفظها فى بنك يكتب عليه بيانات المريضة، وتكون فى سرية وخصوصية تامة، وتلجأ السيدات اللاتى تخضعن لعلاج كيماوى أو إشعاعى يؤثر على خصوبتهن إلى هذه الطريقة، لضمان حقهن فى الحمل، ليس ذلك فحسب، بل تلجأ إلى تلك الطريقة أيضاً الفتيات المتأخرات عن الزواج، خوفاً من ضعف فرصتهن فى الإنجاب حال كبر سنهن، والحفظ يكون لعدد غير محدود من السنوات، باسم الزوجة فى بنك متخصص ومؤمن بالكامل، مع الحرص على السرية والخصوصية.

وتابع: عندما ترغب فى الإنجاب يتم استخراج البويضات وتفكيكها من حالة التجميد وتلقيحها بالحيوانات المنوية من الزوج ثم زرعها داخل رحم الزوجة، وبالتالى استكمال خطوات عملية الحقن المجهرى المعتادة، ولكن عملية حفظ البويضات مكلفة للغاية وسعرها يختلف من مكان لآخر، وهو يشبه تماما تأجير حضانة، فالسعر يبدأ من 10 آلاف جنيه وقد يصل إلى 100 ألف جنيه للعملية الواحدة، وبالتواصل مع أحد مراكز علاج العقم لمعرفة تكلفة إجراء عملية تجميد للبويضات، تبين أن تكلفة التجميد 2000 جنيه للأنبوبة الواحدة، ويتم دفع 500 جنيه كل 6 أشهر للتجديد، ويتم إجراء العملية بـ10 آلاف جنيه.

وحاولت «الفجر» التواصل مع عدد من السيدات اللاتى لجأن لتلك العملية، ومنهن «منى.أ» لم تتزوج بعد، وخوفها من عدم الإنجاب نتيجة التعرض للعلاج الكيماوى جعلها تعزف عن العلاج، خاصة أنها مقبلة على خطبة وزواج خلال هذه الفترة، وبعد سوء حالتها علمت بعملية حفظ البويضات، فلجأت لإجراء هذه العملية تحسباً لأى مخاطر على الخصوبة أو المبيض، بعد خضوعها للعلاج، خاصة أن هناك نسبة ليست بالقليلة تنجب بعد العلاج الكيماوى لكنها لم تستطع السيطرة على مخاوفها بهذا الشأن، خاصة أنها لم تنجب ولن تتحمل ضياع حلمها فى الأمومة، فلجأت لهذه العملية التى تخبر بها كل من يريد خطبتها، وهو من يختار فى النهاية استكمال الخطبة أم لا.

أما «س.ع» زوجة، تخطت الـ35 عامًا، فبعد تعرضها للإشعاع والعلاج الكيماوى حاولت الحفاظ على قدرتها الإنجابية، من خلال إجراء عملية حفظ البويضات وعمل أجنة بالحقن المجهرى قبل خضوعها للعلاج، والتى من شأنها تدمير مخزون المبيض وإيقاف عمل المبايض وبالتالى استحالة الإنجاب، ولكن المشكلة أنه بعد تعافيها من المرض انفصل عنها زوجها ولم يعد المبيض ينتج بويضات، ولم يبق لها أى أمل غير هذه الأجنة، وبالمحاولة مع الزوج لاستكمال التلقيح الصناعى وعدم حرمان الزوجة من الإنجاب رفض الزوج الرجوع واستكمال عملية التلقيح بوضع هذه الأجنة فى رحم الزوجة لحدوث الحمل واستكمال الأجنة، الزوجة لا تعلم ماذا تفعل بعد انفصال زوجها عنها، وهل تعتبر هذه الأجنة أبناءها، وهل لها الحق بالمطالبة بأبنائها كأم أم يعتبرون أبناء زنى إذا قررت إرجاعهم وهى ليست على ذمته الآن؟

الحال لم يتغير كثيرًا مع »هالة.خ«، التى تعافت من سرطان الثدى، وقالت إن الخوف من الإنجاب هاجس مخيف لدى الكثير من المصابات بالسرطان، ولكنها لم تصب به، كونها أما لطفل وطفلة، قبل أن تصاب بالمرض، مشيرة إلى أن الإنجاب يكون بعد مرور عامين أو ثلاثة على الشفاء، وفقاً لما أخبرها الطبيب به، وتابعت: اضطررت لعمل إشعاع على المبايض؛ لإيقاف الدورة الشهرية ونشاط المبايض؛ بسبب زيادة الهرمونات لدىّ والتى كانت سببا فى عودة المرض لى أكثر من خمس مرات، وبالفعل لدى طفل وطفلة، ولم يكن هذا عائقا بالنسبة لى، لأنه لم يحرمنى من الإنجاب.

وأوضح أحمد مجدى، استشارى علاج الأورام، أن تأثير العلاج الكيماوى على الإنجاب يحدده العديد من العوامل، من بينها نوع العلاج وحالة المريضة وسنها، ودائماً أنصح المريضات الصغار فى السن بإجراء عملية حفظ بويضات احتياطيا، قبل البدء فى أى علاج كيماوى، ولفت استشارى علاج الأورام إلى أن احتمالية الإنجاب من عدمه لدى المصابات بالسرطان واللائى يخضعن للعلاج الكيمائى ليس لها نسبة محددة، فمن الممكن حدوث حمل بشكل طبيعى بعد العلاج بفترة، وقد تضطر المريضة إلى اللجوء لحمل صناعى «تلقيح»، وحالات كثيرة تنجب بشكل طبيعى بعد العلاج الكيماوى، خاصة من سن 18 إلى 40.

وفيما يتعلق برأى الشرع.. قال شوقى عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف، فى هذا الشأن: إن حفظ البويضات أمر ضرورى للحفاظ على صحة المرأة أو الرجل المريض، ولا مانع لهذا الأمر، والرغبة فى وجود طفل أو طفلة أمر مشروع طالما أن هذه البويضات يحافظ عليها لصالح المرأة ولا يكون هناك تدخل من بويضات أجنبية أخرى، فهذا الأمر حلال شرعاً، وهذا ينطبق أيضاً على الفتاة التى لم تتزوج ولم يمنع الدين احتفاظها بالبويضات، ليتم حقنها بعد ذلك من زوج شرعى، وفيما يتعلق بانفصال الزوج عن الزوجة قبل اكتمال الحقن المجهرى، أكد أن هذه البويضات لا يمكن استخدامها طالما الحقن تم والزوجة منفصلة عن الزوج، فهذا حرام شرعاً، ولكن يمكن استخدامها فى زواج شرعى آخر.

واتفقت آمنة نصير، عضو مجلس النواب وأستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، مع ما قاله عبداللطيف، مضيفة: أنه طالما البويضات لم تختلط بزوج غير بعيد عن ذى العقد وليس هناك أى موانع شرعية والزوج والزوجة تحت الميثاق الغليظ، فلا يوجد ما يحرم حفظ البويضات واستخدامها للإنجاب فى الشريعة الإسلامية، وبالنسبة للفتاة غير المتزوجة لا مانع أيضا طالما تحت إشراف طبيب أمين، حتى لا يتم اللعب فيها والدخول فى اختلاط الأنساب.

ومن الناحية القانونية، قال عبدالحفيظ الروبى، عضو مجلس نقابة المحامين، لا يوجد فى القانون ما يمنع المرأة من حفظ البويضات لاستخدامها فى التلقيح الصناعى فيما بعد، مشيراً إلى أنه فى حالة الإخلال بالطرق الشرعية لاستخدام هذه البويضات يتم اللجوء إلى القانون المدنى والتعويض عن أى إخلال، ويندرج هذا تحت بند جريمة الإهمال الطبى ويعامل نفس معاملته من الناحية القانونية.