رامي رشدي يكتب: دواعش "دار العلوم"

مقالات الرأي



نشاط مكثف لـ"الإخوان" والسلفيين داخلها

■ الأسر الطلابية تعلن عن تدشينها كلية إسلامية فى قلب جامعة القاهرة

■ تجنيد طلاب بحرى والصعيد لأفكار سيد قطب.. ولافتات تدعو لعدم الاختلاط تملأ جدران المبنى


رغم وجود مبنى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة فى مواجهة كلية الإعلام، داخل حرم الجامعة، إلا أن الأولى تمثل بؤرة داعشية وملاذاً للتكفيريين ومنبعاً فكرياً لجميع الحركات الإسلامية المتشددة، وبينما تمثل كلية الإعلام منبر التنوير من خلال خريجيها المنتشرين فى جميع وسائل الإعلام تحمل دار العلوم بين جدرانها دواعش وتكفيريين حملة الأفكار الإخوانية والسلفية، بحكم طبيعة مناهجها الشرعية واللغوية.

وكانت دار العلوم لسنوات طويلة ملجأً لكثيرين من أبناء جماعة الإخوان والدعوة السلفية والجهاديين والتكفيريين، ووجدتها تلك الجماعات تربة خصبة لغرس أفكارها خصوصاً أن طبيعة طلاب الكلية لا تختلف كثيراً عن الموجودين بكليات جامعة الأزهر، باستثناء أن طلاب الأزهر أعلى فى التحصيل العلمى مقارنة بزملائهم فى دار العلوم التى تقبل الحاصلين على مجموع أقل بالثانوية العامة مقارنة بغيرها من الكليات.

ووفقا لمصادر بكلية دار العلوم، فـ«الدارعمى» وهو اللقب المميز لخريجى الكلية والدراسين فيها على السواء قسمين الأول الذين فشلوا فى الحصول على مجموع كبير بامتحانات الثانوية العامة، والتحقوا بالكلية للحصول على شهادة عليا فقط، وأغلبهم من محافظات الوجه البحرى والصعيد الفقيرة، كما أن بعضهم فشل فى الالتحاق بكلية الآداب، فكانت دار العلوم هى الباب الخلفى للالتحاق بركب الكليات الحكومية.

أما القسم الثانى من الطلاب، فهم من أبناء وأنصار وتلاميذ جماعة الإخوان والمدارس السلفية المنتشرة فى ربوع مصر، وهؤلاء فاتتهم فرصة الالتحاق بالتعليم الأزهرى ففضلوا دخول دار العلوم التى لا تختلف فى طبيعتها ولا تكوينها ولا أقسامها ولا دراستها ولا هيئة التدريس عن أى من الكليات العربية والشرعية فى جامعة الأزهر، وذلك بهدف الخطابة والإمامة بالمساجد التابعة لتلك الجماعات المنتشرة فى جميع المحافظات، حيث تصل نسبة الخطباء والأئمة المنتمين لجماعة الإخوان وكلية دار العلوم 60% بالمقارنة مع خطبائهم خريجى الكليات الأخرى.

مع بداية العام الدراسى تنشط الأسر السلفية مثل «النور والفردوس والأندلس» التى تعتبر امتداداً للدعوة السلفية، وكذلك الأسر التابعة لجماعة الإخوان «فجر الإسلام، وحياة، وبداية»، وتظهر لافتات هذه الأسر على جدران الكلية ومداخلها، مثل ورقة مكتوب عليها «هل وضعت النية قبل النزول للكلية.. من غير نية ما تجيش الكلية»، وأخرى: «مرحبا بكم فى دار العلوم.. كليتنا إسلامية.. من غير نية ما تجيش الكلية»، هذه الأوراق الدعائية التى انتشرت داخل أروقة الكلية وأمام الكلية يوجد مكاتب رمزية أشبه بالأكشاك لهذه الأسر موجودة فى طرقات الجامعة، بجانب أكشاك التعريف واستطاعت هذه الأسر التوغل بين الطلاب وتجنيدهم لأفكارها نظرًا للخدمات التى تقدمها لهم والتفاعل الإلكترونى معهم عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك».

يقول وحيد الحسينى طالب بالكلية، وعضو بارز بإحدى الأسر التى أعلنت انتماءها للمدرسة السلفية،:» الأسر موجودة منذ 15 عاماً، ونحن مجموعة من الطلاب نسعى لخدمة بلدنا بمجتمع الجامعة من خلال رؤية إسلامية واضحة وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فى كل تعاملاتنا ونحن نمد أيدينا لكل التيارات المختلفة حتى نكون يدًا واحدة فى بناء مصر ونرحب بالجميع للانضمام إلينا، وإطلاق اللحية ليس شرطا للانضمام إلينا على الإطلاق وتستطيع الفتيات بسهولة الانضمام إلى الأسرة مع أخواتنا لأنه لايوجد اختلاط بيننا».

ويضيف الحسيني: «نحن نؤكد على التعامل بمبادئ الشريعة الإسلامية، لكننا أيضا نحترم الآخر ويوجد فى الجامعة عدد من التيارات الليبرالية ترفض الفكرة الإسلامية ونحن لا نحتك بهم ونحاول العمل فى صمت وهم لا يقدمون أى عمل خدمى لأنهم تيارات منزوية لا تعبر عن الواقع لكننا نؤمن بالمقولة التى تقول «اعمل ودع إنجازاتك تتحدث عنك».

طالبة أخرى من أسرة النور السلفية رفضت ذكر اسمها قالت: «نحن لا نتدخل فى السياسة لأننا نركز فى الوقت الحالى على الأنشطة الخدمية وكسر الحاجز النفسى لشكل الملتزمين من الملتحين والمنتقبات وتغيير الفكرة النمطية عن الطالب المتدين وهو أن كل حياته تتلخص فى الدين والتدين فقط بعيداً عن الدنيا وهذا غير صحيح».

أما الشق الدعوى فيهتم بذكر الآيات القرآنية فى المحاضرات، كذلك إطلاق حملة منع الاختلاط خارج نطاق الكلية، وذلك لحث الفتيات والشباب من كل الكليات على منع الاختلاط حيث رفع أعضاء الأسر لافتات تدعو لعدم الاختلاط بين الطلاب، «لا للاختلاط.. أختاه تحلى بأخلاق أمهات المسلمين»، والاستدلال بالآيات القرآنية: «قل للمؤمنين يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن»، وهناك لوحات تخاطب الشباب: «هل ترضاه لأختك»، وتتضمن اللوحة صورة توضيحية لفتاة وشاب وهما معاً مكتوب تحتها «ولا متخذات أخدان، تحلى بأخلاق الرسول».

يعتبر الطلاب سيد قطب، والرئيس المعزول محمد مرسى، ومحمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، هم المراجع الفكرية لهم، خصوصاً أن الأول أحد خريجى الكلية، وصاحب تأثير واسع على جميع الحركات التكفيرية الإرهابية التى ظهرت منذ نحو 50 عاماً.

وكان لسيد قطب مشروع فكرى أسسه على أنه: «يجب أن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص»، ولذلك كانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هو كتاب العدالة الاجتماعية فى الإسلام وفى الطبعة الأولى والتى أهداها لـ«الفتية الذين ألمحهم فى خيالى يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وهم الإخوان المسلمون»، وبعد هذا انضم إلى الجماعة وأصبح مسئول القسم الدعوى فيها، كما تحول قطب، خريج دار العلوم، من أوائل منظرى فكر السلفية الجهادية وذلك منذ ستينيات القرن العشرين.

ولذلك يفتخر كل طلاب كلية دار العلوم بأنهم يدرسون فى الكلية التى درس بها قطب وتعلم ونال شهادته فيها، حيث أصبح المنظر الفكرى للإخوان ولذلك يعتبر الطلاب الإسلاميين أنفسهم أحفاد سيد قطب وحاملى أفكاره التى يعتبرونها أمانة على أعناقهم، إلى يوم الدين، وأنهم مطالبون ببذل كل غال ونفيس حتى لو تمت التضحية بالنفس والمال.

رغم القوة الكاسحة التى يتمتع بها الإخوان بين أروقة الكلية، إلا أن التواجد السلفى يلعب دوراً كبيراً، خاصة أن السلفيين دائماً ما يفضلون العمل فى هدوء ويتوغلون فى هدوء ويعملون على توسيع دوائرهم خطوة خطوة.

ينتشر السلفيون من خلال تجمعات مغلقة عليهم لهم مسجد معين وأسرهم خاصة لا يفضلون أن يقتحمها أحد وفى نفس الوقت يزيدون من أنشطتهم الاجتماعية من خلال الأسر الطلابية، ويسيرون على نفس نهجهم وكتب منظريهم مثل «منة الرحمن والرحمن»، لياسر برهامى ودروس وكتب وسيديهات محمد إسماعيل المقدم، فضلاً عن الانتشار الواسع لمحمد حسان ومحمد حسين يعقوب.