نسمة إمام تكتب: طفلك .. بلا قيمة

ركن القراء

نسمة إمام
نسمة إمام


تُعد وسائل الاتصال بكافة أشكالها السمعية والبصرية القديم منها والحديث، من أهم الأشياء التي يتعرض لها الطفل في العصر الحديث، لذلك عندما تحدثنا بشأن الوساطة الأبوية في عملية تعرض الطفل للتليفزيون أو الإنترنت أو حتى المجلات والصحف، نوهنا بأن عملية التوسط الأبوي هي السبيل الأكثر رقيًا وضمانًا للحصول على الفائدة المرجوة من تلك الوسائل.

فإذا لم يكن تعرّض الطفل للوسيلة الإعلامية هدفه هو الحصول على الفائدة ، فلابد لك من المنع فورًا لهذا التعرّض ، فقد يثمر الأمر في النهاية عن حدوث خلل في معتقدات وأفكار طفلك  نتيجة المشاهدة. 

ويجب علينا أن ننظر جميعًا للوسيلة الإعلامية بمنظور الاستفادة ، أيًا كان نوع المحتوى الإعلامي أو الاتصالي الذي نشاهده مع الطفل، أو نتركه يشاهده وحده، فإذا لم يكن هذا المحتوى ذو قيمة ، فلا تنتظر أن يحصل طفلك عليها في المقابل.


والقيمة هنا تعني كل ماهو ثمين وجدير بالادخار والامتلاك ، وقد تكون القيمة مادية مثل الأموال والعقارات ، وقد تكون معنوية مثل الأخلاق المتمثلة في التعاون والتسامح وتقدير الذات وتقدير الآخرين وهكذا ، ولكي يحظى طفلك بمثل تلك القيم ، لابد من تأسيسه عليها منذ الصغر داخل نطاق الأسرة التي تمثل له المجتمع الأصغر ، ولكن ماذ إذا تعرّض الطفل إلى برامج أو أعمال تليفزيونية هادمة لتلك القيم؟.
 
بالطبع لابد لنا أن نضع نصب أعيننا ، بأن الطفل كائن شبيه بالأسفنج يمتص كل ما يتعرض له من خبرات ، وقد يستطع أن ينقيها من الشوائب وقد لا يتمكن من ذلك ، فالأمر مرهون بعمر الطفل وخبرته ، فإذا تكمن الطفل من الانتقاء والحصول على ماهو مفيد فقط فاعلم أن ماحدث هو نتيجة لما غرسته أنت من قبل بداخله.

أما إذا لم يستطع الطفل أن ينتقي ويفرّق بين ماهو جيد وماهو سيء ، فلابد لك من إعادة بنائه فورًا حتى لا يُهدم ما رزعته بداخله من قيم ، فعلى سبيل المثال؛ إذا عوّدت طفلك بأن التعاون هو أمر جدير بالالتزام به بين بني البشر ، وأنه يتجسد من خلال مساعدتك للآخرين، وتلق طفلك معلومة عكسية عبر شاشة التليفزيون بأن الابتعاد عن البشر غنيمة ، أو أنه لا أحد يفرح بمساعدتك، فلابد لك من الانتباه ومنعه من التعرّض لهذا الجهاز حتى لايظن بأن التعاون لا قيمة له، ويبدأ الطفل في اتخاذ سلوكيات سلبية تدلل على افتقاده لقيمة التعاون، فيصبح طفلك في النهاية سلبيًا خاويًا لا يحمل بداخله أية قيم، يمكنها أن تساعد على بناء المجتمع ككل فيما بعد.

وينطبق الحديث على كافة أنواع القيم الجمالية منها والأخلاقية والدينية وغيرها ، فوجود القيمة داخل أفراد المجتمع هو ما يساعد على البناء ، واكتمال النسيج بين أفراده ، أما إذا غابت القيم سوف تتأجج السلوكيات السلبية بأشكالها المختلفة ، ويصبح الأفراد أدوات هدم قاسية لمجتمعهم ، يدمرونه دون دراية منهم نتيجة إهمال غرس القيم بداخلهم منذ الصغر ، وغياب التعاون بين أدوار مؤسسات الإعلام مع الأسرة داخل المجتمع.