المهندس البرت ظريف يكتب: الضمير واللحظة الفاصلة

ركن القراء

المهندس البرت ظريف
المهندس البرت ظريف


قد يظن البعض أن كلمة ضمير تعني في مضمونها الأمانة في التعامل و الأمانة في العمل , و لكن الذي لابد ان نعرفه ان هناك ضمير صالح وضمير فاسد , فهناك الكثير من الناس تقبل السرقة والرشوة بل و كل أنواع الخطية بضمير راض تماما عن هذه التصرفات الخاطئة و لا يجد أي تأنيب من هذا الضمير الذي فسد . و لكن السؤال الذي يطرح نفسه الأن هو كيف يفسد الضمير ؟

 

و لكي نجاوب علي هذا السؤال لابد ان نعلم ان الله خلقنا جميعا بضمير صالح حي لا يقبل الخطأ , و لكن الذي يحدث هو ان الأنسان يتساهل مع الخطايا الصغيرة ( التي تشبه الثعالب الصغيرة التي تفسد الكروم ) و يبدأ ضمير الأنسان يقبل الخطأ و يقتنع به رويدا رويدا بعد أن كان يرفضه أولا . تماما كالمدمن الذي يبدأ أدمانه بالقليل من المخدر الذي يكون في بداية الأمر رافضاَ له تماما و ما أن يتساهل مع نفسه و ضميره حتي يصبح مدمن لا يستطيع ترك المخدر , فهي لحظة فاصلة تلك التي يُعرض فيها المخدر علي هذا الشخص لأول مرة فإذا تساهل و لم يرفض فقد أصبح مدمن, اما اذا تمسك و لم يقبل و رفض فقد أنقذ نفسه .

 

 ألم أقل لك عزيزي القارئ إنها لحظة فارقة في حياة كل شخص بين الضمير الصالح و الضمير الفاسد ؟! فإذا اخذنا أمثلة من الحياة العامة فمثلا الموظف المرتشي في أول الأمر عندما تُعرض عليه الرشوة يلح عليه ضميره ألا يقبل فإذا وضع لنفسه مبدأ أن القرش الحرام لا يمسه ولا يدخل علي أولاده فقد أنتصر , و يظل ضميره صالح أما اذا أقنع نفسه أنها نوع من أنواع الإكرامية فقد سلم نفسه لضمير فاسد و مع الوقت بدلا من أن يأخذ الرشوة بتأنيب من ضميره الصالح يطلبها بجرأة و ضميره الذي فسد مقتنع تماما بأنه حق من حقوقه بل وعندما يموت الضمير تماما فذلك الشخص إن لم يأخذ الرشوة يعطل العمل و لا ينجزه .

 

 ألم أقول لكم أنها لحظة فاصلة بين الخطأ و الصواب بين الضمير الفاسد و الضمير الصالح بين الخطية  والفضيلة ؟! هذه اللحظة الفاصلة عزيزي القارئ هي الفرق بين المجتمعات الراقية و المجتمعات المتخلفة , فان المجتمعات المتقدمة يتم فيها اختيار المسئولين و المناصب العليا بضمير صالح فتكون الكفاءة هي المعيار الحقيقي دون النظر الي الواسطة و المحسوبية أو التفرقة بين لون أو جنس أو دين و أيضا المجتمعات المتقدمة الجميع يعمل فيها بضمير صالح الموظف يؤدي واجبه بأمانة و المدرس يلقي درسه في المدرسة دون النظر الي الدرس الخصوصي و العامل يؤدي دوره في مصنعه و المسئول يراعي ضميره في مسئوليته .

 

  أعرف أن الكثيرين سيقولون أن ظروف الحياة الصعبة هي التي تؤدي الي فساد الضمير , و لكني أذكرك عزيزي القارئ أن البركة التي يعطيها الله لصاحب الضمير الصالح في كل حياته ( الذي يتعرض للضغوط و لكنه في النهاية ينتصر علي اللحظة الفاصلة ) فيبارك الله له في القليل . فكثير من العطايا يعطيها لنا الله دون ان نري أو نشعر بها . فما هي فائدة أموال تم الحصول عليها بضمير فاسد مع شخص به أمراض مستعصية أو ما هي قيمة أموال تصنع أولاد فاسدين للمجتمع . و هل تجلب الأموال السعادة لشخص له زوجة متعبه في حياته ؟

 

أن الصحة و الأولاد الصالحين والزوجة الحكيمة و غيرها من العطايا التي قد لا تُري هي كنوز يعطيها الله للأنسان الذي له ضمير صالح..

 

         نداء الي جميع أبنائي الشباب , في بداية حياتك كن حاسماَ مع نفسك ولا تستسلم للحظة الفاصلة و قل بكل شجاعة وإصرار لا للضمير الفاسد لا للرشوة لا للسرقة لا للخطية بكل أنواعها حتي و إن كانت صغيره , و تمسك بضميرك الصالح و مبادئك التي أوجدها الله بك مهما كانت الضغوط , فكلما زادت الضغوط عليك و تمسكت بضميرك الصالح زادت بركة الله في حياتك و زاد أحترام الأخرين لك و الأهم يزيد أحترامك لنفسك.