مي سمير تكتب: الخطر القادم من الغرب

مقالات الرأي



"داعش ليبيا" ترسل أسلحة وأموالاً لتمويل الإرهاب بسيناء


حذر مسئولون وخبراء من أن تنظيم داعش الذى يواجه هزائم عسكرية فى سوريا والعراق، يراقب ليبيا التى مزقتها الحرب، على أمل إعادة تنظيم صفوفه فى صحراء هذا البلاد المترامية الأطراف.

وذكر موقع فويس أوف أمريكا فى تقرير له أن تنظيم داعش يعيد ترتيب أوراقه فى ليبيا، مشيراً إلى أن صديق السور، رئيس مكتب النائب العام، فى طرابلس صرح للصحفيين فى نهاية سبتمبر، بأن إرهابيى التنظيم كانوا يعملون فى الغالب من خلال وحدة «الجيش الصحراوى» التى أقاموها بعد انسحابهم من معقلهم فى سرت على البحر الأبيض المتوسط العام الماضى.

وقال السور خلال مؤتمر صحفى: «الآن يتم رصدهم فى الأراضى الواقعة جنوب ليبيا، حيث يقودهم العراقى عبد القادر النجدى، المعروف باسم «أبو معاذ التكريتى»، بدعم من زعماء داعش الآخرين، بمن فيهم محمود البرسى وحشم أبوسيد، ومعظم هؤلاء القادة كانوا أعضاء فى القاعدة وسافروا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى المعركة قبل عودتهم إلى ليبيا، وحصل الادعاء الليبى على معلومات عن مكان وجود الجيش الصحراوى التابع للدواعش الذى أصيب وأسر عدد منهم بعد غارات جوية أمريكية فى منطقة وادى سكير فى بداية سبتمبر.

وشن الجيش الأمريكى ضربات جوية ضد تنظيم داعش فى ليبيا، حيث ذكرت القيادة الإفريقية الأمريكية «أفريكوم»، التى تشرف على الأنشطة العسكرية الأمريكية فى القارة السمراء، فى بيان، أن غاراتها على بعد 100 ميل جنوب شرق سرت قتلت 17 من أعضاء داعش ودمرت 3 سيارات فى معسكر صحراوى على جنوب شرق سرت التى يعتبرها التنظيم منطقة مهمة لأنها موطن للعديد من حقول النفط الرئيسية مثل البيضاء ومبروق وباهى وفيدا.


1- إعادة توطين داعش فى صحراء ليبيا

وتعد ليبيا بيئة خصبة وجاذبة للتنظيمات الإرهابية، حيث يصل عدد سكان البلاد لـ6.4 مليون نسمة، وانحدرت ليبيا إلى حالة من الفوضى فى عام 2011 عندما أدت انتفاضة والتدخل دولى إلى الإطاحة بالرئيس الليبى الراحل معمر القذافى، وقسمت الحرب الأهلية البلاد إلى حكومتين، الوفاق الوطنى المدعومة من الأمم المتحدة فى طرابلس والجيش الوطنى الليبى المدعوم من روسيا فى طبرق، ورغم وقف إطلاق النار بين الطرفين إلا أنهما لا يزالان يتهمان بعضهما البعض بالسماح للإرهابيين بالعمل تحت رقابتهم لتعزيز أهدافهم العسكرية، ووفقاً للميليشيات الليبية التى تقاتل تنظيم داعش فى ليبيا، وتحذر هذه الميليشيات من أن داعش يعيد تنظيم نفسه فى ريف سرت الجنوبى والوديان الصحراوية والتلال الداخلية الممتدة إلى جنوب البلاد، وكرر المسئولون الأمريكيون هذه المخاوف، وأشاروا أن الجماعة الإرهابية تحاول استخدام المساحات لتجنيد وتسهيل حركة المقاتلين الأجانب.

وقالت أفريكوم فى بيان سابق عقب الغارات الجوية الأخيرة التى شنتها، إن تنظيم داعش والقاعدة يستغلون الأماكن غير الخاضعة للرقابة فى ليبيا لإقامة ملاذات للتآمر والإرهاب وتوجيه الهجمات الإرهابية، وقدرت أفريكوم أن ما يقرب من 500 من عناصر داعش لا يزالون نشطين فى ليبيا، وهو ما يمثل انخفاضاً عن ذروته البالغة حوالى 6000 إرهابى فى عام 2016.

حسب موقع فويس أوف أمريكا، تقول الميليشيات المناهضة لداعش إن عناصره فى ليبيا كانوا يعملون بشكل رئيسى فى مجموعات صغيرة ليلاً لتجنب اكتشافهم وينشئون نقاط تفتيش مؤقتة لقتل واختطاف المعارضين لهم حيث هاجموا حاجز تفتيش على بعد 300 ميل جنوب طرابلس فى أغسطس ما أسفر عن مقتل 9 جنود من الجيش الوطنى الليبى واثنين من المدنيين.

ويقول المراقبون إن ليبيا ستظل بؤرة لأنشطة تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية فى السنوات المقبلة بسبب الحكومة المقسمة.

وقال ديفيد ماك، الباحث فى معهد الشرق الأوسط، الدبلوماسى الأمريكى السابق فى ليبيا: «إنهم غير قادرين على السيطرة على حدودهم، غير قادرين على ضبط الأمن داخل البلاد بشكل فعال، وتساعد اتساع المساحة الجغرافية الكبيرة للبلاد ليس فقط العناصر الإرهابية ولكن للعناصر الإجرامية التى تعمل عبر الحدود أيضاً».

وحذر ماك من أن داعش فى ليبيا ستهدد أوروبا التى تبعد بضع مئات من الأميال فى البحر المتوسط، وقال جوناثان أم وينر، المبعوث الأمريكى الخاص السابق لليبيا، إن داعش يراقب ليبيا لعدة أسباب منها أن التنظيم تعرض لضغوط كثيرة لدرجة أنه يجب أن يثبتوا أنه رغم تقلصه وضعفه، إلا أنهم لا يزالون يتمتعون بالسلطة، ويرغبون فى إثبات أنهم يستطيعون القيام بذلك مرة أخرى فى بعض المواقع الأخرى»، وأنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها تقديم المساعدة الضرورية.


2- أمير داعش

فى مقدمة قيادات داعش يأتى عبدالقادر النجدى هو أمير داعش ليبيا، كما حددته مجلة التنظيم الصادرة فى مارس 2016، ومسئولية النجدى الرئيسية، وفقا لمجلة النبأ التابعة لتنظيم داعش، هى الإشراف على ولاية الجماعة فى جميع أنحاء ليبيا، وتشمل منطقة نفوذه سرت ومدينة صبراتة الساحلية الشمالية، کما أن لداعش وجودا متنازعا علیه فى مدن أخرى منتشرة فى جميع أنحاء شمال لیبیا، بما فى ذلك درنة وطرابلس والخمص وبنغازى.

تولى النجدى قيادة تنظيم داعش فى ليبيا بعد عدة أشهر من وفاة سلفه أبوالمغيرة القحطانى الذى قتل فى غارة جوية أمريكية فى درنة فى نوفمبر 2015، وتحت قيادة النجدى، لا يكتفى التنظيم بالعمل فى ليبيا فقط فقد شن هجمات على تونس المجاورة، ما أسفر عن مقتل عشرات الجنود والمدنيين فى بلدة بن جاردن الحدودية التونسية فى هجوم 7 مارس 2016.

فى مارس 2016، قدرت الأمم المتحدة ووزارة الدفاع الأمريكية عدد مقاتلى داعش بحوالى 6500 عنصر، مقارنة بما يقدر بحوالى 3 آلاف قبل 3 أشهر فقط، وفى حديث عبدالقادر النجدى لمجلة داعش صرح: «أصبحت محافظات ليبيا وجهة وملاذ الكثيرين وتضاعفت أعداد المهاجرين من جميع المناطق رغم المحاولات الحثيثة التى يبذلها المغرب لمنع هجرتهم».


3- التمويل والسلاح

وأشار تقرير شهير تحت عنوان «من يمول داعش فى ليبيا»، للباحثين جيمس روزلينجتون وجيسون باك، تم نشره على موقع «هيت سبييش»، المتخصص فى التحليلات الخاصة بالتنظيمات الإرهابية، إلى أن توسع داعش فى ليبيا يعتمد على التمويل الأولى القادم من الشرق الأوسط.

ووفقا لمصادر المخابرات الغربية، فإن داعش فى سوريا والعراق قدموا الملايين فى 2015 إلى القائد العراقى وسام الزبيدى المعروف أيضا باسم أبونبيل الأنبارى وأبومغيرة القحطانى لإنشاء فرع ليبى لتنظيم داعش فى درنة، ويعتقد أن رأس المال الإضافى جاء من اختطاف سيارة تابعة لمصرف ليبى المركزى تحتوى على 55 مليون دولار والعملة الليبية فى سرت فى نوفمبر 2013 من قبل أنصار الشريعة فى المدينة، وهى وحدة تنظيمية تم تصنيفها بأنها تابعة لداعش لاحقاً.

وبعد انقسام طبرق - طرابلس فى صيف عام 2014، عملت أنصار الشريعة كمفسد فى العملية السياسية مع الحفاظ أيضا على تحالف ضمنى مع كتائب إسلامية مختلفة متماثلة فى طرابلس، وكان مصدر آخر لرأس المال لبدء تنظيم داعش هو رواتب الدولة، وكان العديد من أعضاء داعش الأوليين فى السابق مقاتلين فى ميليشيات ثورية مختلفة، وبعد انضمامهم إلى داعش، تمكنوا من البقاء على رواتب الدولة كأعضاء فى كتائب درع ليبيا أو ميليشيات اللجنة الأمنية العليا، وكان ذلك على وجه الخصوص بالنسبة إلى أتباع داعش الذين كانوا مقرهم فى سرت قبل نوفمبر 2014.

فى بداية تأسيس داعش فى ليبيا كان التقدم السريع لداعش فى جميع أنحاء ليبيا يبشر بمستقبل مالى مشرق للتنظيم، ومن شأن السيطرة على الأراضى والسكان أن توفر مصدراً محتملا للإيرادات سواء من خلال عمليات النهب والسرقة أو من خلال فرض الإتاوات، وجمع الأموال من المواطنين، فى تلك الأثناء أعلن أمير التنظيم فى ذلك الوقت الزبيدى أن فى ليبيا موارد جيدة لا يمكن أن تجف، وزعم أن سيطرة داعش على حقول النفط والغاز فى ليبيا ستؤدى إلى انهيار اقتصادى فى أوروبا، فى إشارة إلى الإمكانيات المالية الضخمة للتنظيم وأعلن أحد كبار قادة داعش، وهو السالمى سلامة سالم سليمان عمار، أن التنظيم نقل مئات الآلاف من الدولارات من ليبيا إلى سيناء، وساعد عمار فى نقل الأموال والأسلحة والذخيرة إلى سيناء طوال عامى 2014 و2015.

حسب التقرير فإن قادة تنظيم داعش فى سوريا والعراق يعتبرون سرت بمثابة الملاذ الأخير للتنظيم ومركز الهروب الرئيسى لكبار قادة داعش فى حال تحولت التطورات فى الشرق الأوسط ضدهم، ورغم من ذلك تعرضت داعش فى ليبيا لضغوط مالية حادة حتى قبل خسائرها الكبيرة فى الأراضى فى ربيع وصيف عام 2016.

وعثرت السلطات الليبية فى أحد مراكز التنظيم بمصراتة التى سيطرت عليها السلطات الأسبوع الماضى على أسلحة متطورة من ضمنها صواريخ ميلان وهى أسلحة مضاد للدروع، من الجيل الثانى من الأسلحة ذات المدى المتوسط، معد للاستعمال فى وحدات المشاة، يمكن إطلاقها ضد أهداف أرضية من مسافات قصيرة وضد الطوافات المحلقة على ارتفاع منخفض، كما تم العثور على أنظمة دفاع جوى محمولة وهى أنظمة قادرة على إطلاق صواريخ سام من الأرض إلى الجو وعادة ما تكون أسلحة موجهة وتشكل تهديدا للطائرات التى تحلق على ارتفاع منخفض، خاصة طائرات الهليكوبتر. كما يمتلك تنظيم داعش أسلحة بى إف -89 هو الجيل الجديد من الأسلحة المضادة للدبابات.