مذكرات عمرو موسى.. ماذا قال عن القضية الفلسطينية وعلاقة "مبارك" بإسرائيل؟

تقارير وحوارات

عمرو موسى
عمرو موسى


يترقب الجميع كافة فصول مذكرات وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى بشغف، لما له من تاريخ شاهد على العديد من المواقف والقضايا التي تمس مصر وعلاقاتها بالدول الأخرى، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك بعض الأجزاء التي أثارت الجدل وغضب البعض، فأنه من الأمور المتوقعة أيضًا.

 

وفي هذا الصدد خصص عمرو موسى فصلين من مذكراته بعنوان"كِتابِيهْ"؛ للحديث عن العلاقات المصرية الفلسطينية.

 

وترصد "الفجر" أهم النقاط التي تحدث عنها "موسى" عبر أوراق مذكراته، فيما يتعلق بمؤتمر مدريد للسلام واتفاقية أوسلو.

 

ظهور قوي لمصر في مؤتمر مدريد للسلام.

يقول "موسى"، إن مؤتمر مدريد للسلام الذي عُقد في 30 أكتوبر عام 1991، من الأحداث الهامة التي أدت إلى ظهور قوى للقاهرة على المسرح العربى والدولى بعد طول غياب.

 

وأشار إلى أنه كانت الخارجية المصرية منشغلة بالإعداد لعودة مصر إلى قيادة العالم العربى وانتهاز مناسبة انعقاد مؤتمر السلام؛ لاخراج منضبط لتلك العودة وتوثيقها، في ذات الوقت الذي انشغلت من فيه أمريكا بإرضاء إسرائيل وطمأنتها حتى توافق على حضور المؤتمر.

 

وأوضح أنه أراد أن يبدأ كلمته في المؤتمر بعبارة "نحن العرب"، مع التذكير بإسهام الحضارة العربية فى الحضارة العالمية, قائلًا: "المؤتمر فرصة عظيمة لإعلان القاهرة أنها تتحدث باسم الأمة العربية مجددًا، مع الأخذ فى الحسبان مختلف المتغيرات التى حدثت فى المنطقة خلال سنوات المقاطعة، وأهمية عدم المساس بمعاهدة السلام المصرية ــ الإسرائيلية".

 

مطالب إسرائيل للتفاوض

وقال "موسى"، إنه كان الإسرائيليون يريدون التفاوض ثنائيا مع كل فريق على حدة، ولم يكن الجانب العربى  مستعدًا لقبول المنطق الإسرائيلى وعبر معظمهم عن عدم ارتياحه؛ لذلك ابتكر وزير خارجية الولايات المتحدة جيمس بيكر فكرة التفاوض على مسارين: ثنائى ومتعدد الأطراف.

 

إسحاق شامير يستفز "موسى"

وكشف "موسى"، عن لقاؤه برئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق شامير، في اليوم الثاني للمؤتمر، الذي بادر بطلب لقاؤه.

 

وأشار إلى حديث"شامير" الذي قال: إنه لن يتجاوز تنفيذ فكرة الحكم الذاتى للفلسطينيين، وإنه لا يمكن أن يتجاوز هذه المرحلة إلى المجهول، أو يوافق على إقامة دولة فلسطينية يمكن أن تهدد إسرائيل.

 

 وأوضح "شامير"، أنه سيتفاوض ويتفاوض، ويبقى على التفاوض لمدة عشرة أعوام، ولن يسلم بشىء أو يعطى الفلسطينيين شيئا.

 

ولفت "موسى"، إلى أن هذه الكلمات التي خرجت من فم "شامير" تسببت في استفزازه، مما دفعه للرد بقسوة، حيث قال: "إنك تكرر على مسامعنا هذا الكلام غير المشجع، الذى لا يوحى أبدا بأننا فى مؤتمر سلام، بل فى مؤتمر صدام، إنك تستعين بمتشددين.. ولو أننى فى مكانك ما استعنت لا بهذا ولا بهذا ولا بذاك، وأشرت إلى عدد من مساعديه واحدًا واحد".

 

موسى ونظيره الأمريكي ومصير التطبيع مع إسرائيل

وأشار "موسى"، إلى أنه التقى عدة مرات بوزير الخارجية الأمريكية جيمس بيكر، موضحًا أن الحوار بينهما دار حول تشديد مصر على على ربط المسار الثنائى بالآخر متعدد الأطراف، وأنه إذا لم تحقق المسارات الثنائية ــ ولاسيما الفلسطينى منها ــ أى تقدم ملموس يعكس نوايا إسرائيلية جادة، فسوف تتخذ مصر من المواقف ما يؤدى إلى وقف أى حدوث تقدم مواز على المسار المتعدد.

 

وقال "موسى" لـ بيكر: "التقدم هنا مرتبط بالتقدم هناك"، باعتبار أن المسار متعدد الأطراف هو الجائزة الحقيقية المفترضة لإسرائيل لما ينطوى عليه من فرص تطبيع مع عدد من الدول العربية، والاستفادة الاقتصادية من وراء ذلك، دون تنازل عن الأرض المحتلة"، وهو ما حاربته الدبلوماسية المصرية بالفعل خلال السنوات العشر التى توليت فيها وزارة الخارجية، على حد قول موسى.

 

مكاسب مصر من مؤتمر مدريد للسلام

واستكمل موسى: "انتهى مؤتمر مدريد وقد خرجنا منه بمكاسب مصرية، على رأسها أن الأمريكان والإسرائيليين تيقنوا أنه لا يمكن تدجين مصر، وأنها حية وحاضرة وقادرة فى الصراع العربى ــ الإسرائيلى، وأن توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل لن يحول دون دفاع القاهرة عن الحقوق العربية".

 

صراع مبارك وموسى حول إسرائيل

وأشار "موسى" إلى أنه كان دائم الخلاف مع الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، حيث أنه كان لا يرغب أن يغضب أمريكا، قائلًا: "كان مبارك دومًا ما يوصى بتجنب الصدام والشجار مع الإسرائيليين.. ويقول لى مش لازم يعنى كل شوية تقعد تخبط فى الإسرائيليين".

 

مصر لم تساهم في اتفاقية أوسلو

ولفت "موسى"، إلى أن مصر لم تساهم في مفاوضات اتفاقية أوسلو؛ لعدة أسباب وهي أن الإسرائيليين أرادوا أن يكونوا وحدهم مع الفلسطينيين، ولم يكن الفلسطينيين يمانعون فى ذلك خاصة بعدما وافق عرفات على تفويض عدد من المفاوضين الفلسطينيين بالجلوس فى مفاوضات أوسلو والعمل على الوصول إلى اتفاق.

 

وأضاف أن "مبارك" لم يهتم بالاتفاقية، مشيرًا إلى أنه كان يقول: "مادام الفلسطينيون سعداء وراضيين عن هذا المسار التفاوضى فلا داعى لأن نكون ملكيين أكثر من الملك".

 

موقف عرفات من أوسلو

وأوضح أن مسار الاتفاقية لم يكن مجمعا عليه فلسطينيا، ولم يكن ياسر عرفات مطمئنا إليه، وكذلك أبو مازن المفاوض الأساسى فى أوسلو كان قلقا.

 

ولفت إلى أن عدم تشاور المفاوضين الفلسطينيين مع مصر وضعهم فى بعض "العتمة" السياسية.

 

واستكمل: "كان هدف إسرائيل إعادة عرفات إلى غزة، لإحداث نوع من الهدوء والهدنة غير المعلنة، لكن أين الحركة الأساسية التى تستهدف حلا عادلا وشاملا للقضية الفلسطينية؟ غير موجودة على الإطلاق" مضيفًا أن الاستراتيجية الإسرائيلية كانت تستهدف "إدارة النزاع"، وليس التوصل لحلول نهائية له.