5 رسائل نارية في البيان الختامي لمؤتمر المعارضة القطرية بـ"لندن"

عربي ودولي

تميم بن حمد
تميم بن حمد


اختتم مؤتمر "قطر فى منظور الأمن والاستقرار الدولى" أعماله 2017 فى العاصمة البريطانية لندن، بمشاركة رفيعة المستوى من الساسة والخبراء فى مختلف الميادين، ومشاركة نوعية من المعارضين القطريين.

وافتتح خالد الهيل، المتحدث الرسمى باسم المعارضة القطرية المؤتمر بكلمة أوضح فيها سبب عقده "إن من المحزن لأى قطرى أبىّ أن يرى بلاده اليوم مكروهة من جيرانها وأشقائها، ومنبوذة من العالم أجمع بسبب السياسات الخرقاء التى يطبقها نظامه الحاكم، ولهذا السبب أقمنا هذا المؤتمر لنشرع فى حوار بناء يستهدف إيجاد الحلول العقلانية".

ثم تطرق إلى بعض مؤامرات النظام القطرى "سقطات النظام امتدت لمحاولة منعنا من عقده فى لندن، عاصمة الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات، فدفع النظام الديكتاتورى الرشاوى، وأعدّ التقارير الإعلامية المختلقة، ودفع بمنظمات طوعية وهمية لمحاولة إثناء بعض المتحدثين والحضور الكرام عن المشاركة، بل ووصل الأمر إلى حد إصدار الوعود والتهديدات!".

وأشار الهيل إلى ثوابت المعارضة القطرية قائلا: "إن لى عظيم الشرف بالتأسيس لهذا المؤتمر، وذلك انطلاقا من إيمانى العميق بضرورة أن يكون العمل الوطنى القطرى مستقلا عن أى جهة كانت، وأن يكون تعبيرا خالصا عن أبناء قطر، وأجندته الوحيدة هى رفعة الوطن وعزته".

وأضاف: "إن الطريق إلى التغيير الذى ينشده الشعب القطرى الحر ليس مفروشا بالورود، ولكننى أمثُلُ أمامكم، قطريا حر الرأى والكلمة، وغيرى الكثير، لنمثل الصوت الذى لا يسمعه العالم؛ صوت الشعب القطرى، والذى ينادى بالحرية والعيش الإنسانى، ويناهضُ الدولة البوليسية القمعية بلا هوادة".

وأوضح الموقف السياسى  الدولى من النظام القطرى "إن هذا التجمع الفريد الذى يجمعنا لهو فى حقيقة الأمر تعبير عن اقتناع العديد من الجهات بضرورة التغيير فى قطر من أجل مستقبل قطر، ومن أجل أمن واستقرار المنطقة العربية، بل والعالم أجمع".

وختم الهيل بالقول: "إننا نعرض عليكم الحقائق مجردة، ونطرح أمامكم البيانات والأرقام التى لا تعرف الكذب، لذا أدعوكم إلى الاستماع بعقولكم إلى ما سيُطرح اليوم، وأن تشاركوننا فى استكشاف الصورة الحقيقية التى يحاول النظام القطرى جاهدا تجميلها تارة، وإخفائها تارة أخرى، ومن ثم تتكامل رؤانا لنشرع فى رحلة جادة للتغيير الذى يحلم ويعمل من أجله الشعب القطرى العظيم".

وأكد البيان أن المؤتمر ناقش القضايا التالية:

1. قطر: دعم الإسلام السياسى والجماعات الإرهابية باعتباره وسيلة للهيمنة الإقليمية

تطرق إلى المساندة المالية والإعلامية والسياسية التى يقدمها النظام القطرى لجماعات الإسلام السياسى والتنظيمات الإرهابية، وبصفة خاصة الإخوان المسلمين والنصرة وطالبان، واستخدامه لتلك الجماعات الإرهابية وسيلة لتوسعة النفوذ الإقليمى.

وقال اللورد بادى آشداون، الرئيس الأسبق للحزب الليبرالى الديمقراطى، إن الجماعات المتأسلمة من أمثال حماس والإخوان المسلمين تمارس أعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية استراتيجية، وإن على العالم أجمع أن يحارب تلك الجماعات، ولذا ثمة واجب أصيل على كافة الدول أن تلقى بدلوها فى هذه الحرب، وأضاف بأن السياسة القطرية تخالف بشكل صارخ هذه المنطلقات، وبصرف النظر عما تطرحه قطر من آراء مخالفة تلبس عباءة الدعوة للديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من المبادئ النبيلة.

من جانبه، أشار النائب البرلمانى وعضو لجنة الشئون الخارجية السابق دانييل كافتشينسكى، إلى أن السياسة الخارجية القطرية، تدعم الجماعات الإسلامية من أمثال الإخوان المسلمين وحماس والنصرة، وأضاف بأن علاقة وثيقة تربط بين الغرب بشكل عام، وبريطانيا بشكل خاص، والدول الخليجية، والتى تعد ذات أهمية استراتيجية لبريطانيا، ولذا فإن بريطانيا حريصة كل الحرص على استقرار منطقة الخليج وأمنها، وأنها تتابع عن كثب تطورات الأزمة الحالية بين قطر ومجموعة دول الأربعة.

2. العلاقة بين قطر وإيران باعتبارها مصدرا رئيسا لعدم الاستقرار الإقليمى

طرح على بساط البحث العلاقة الشائكة بين قطر وإيران، وتأثيراتها السلبية على دول الجوار الخليجية، وأشار إلى أن السياسة الخارجية لكلتا الدولتين تتبنى مبادئ متماثلة فى دعم النزاع الطائفى وتمويل الجماعات الإرهابية، ونوقشت قضية التعاون الاقتصادى والوجود العسكرى الإيرانى على الأراضى القطرية، وما أدى إليه من نفوذ طاغ للأجندة الإيرانية على السياسة الخارجية القطرية، وبما يخالف المصلحة الوطنية القطرية وتوجهات أهلها التى تحبذ التعاون مع الجيران الخليجيين والأشقاء العرب.

قال الجنرال تشك وولد إنه يوجد تغير جيوسياسى ضخم فى العالم تمثل فى حدوث الربيع العربي، وبأن دعم قطر للحركات الإسلامية المتطرفة أثناء تلك الفترة قد أدى إلى تغيرات جذرية فى الوقت الحاضر، وأصبحت ثمة حاجة أكبر إلى الاستقرار من أجل التأقلم مع تلك التغيرات الجيوسياسية، وأن استمرار قطر فى سياساتها الحالية المساندة لإيران والداعمة للإرهاب سيؤدى إلى المزيد من عزلتها على الصعيد الدولى، وأن قطر مخطئة إن هى اعتقدت أن احتضانها لقاعدة العديد لن يكون بالضرورة سببا لعدم حدوث تغيير، حيث يمكن نقل القاعدة إلى عدد من دول الخليج، وعقب بأن الرأى العام الأمريكى معاد لإيران بشدة، ولذا فإن احتمال نقل القاعدة من قطر بسبب التحالف القطرى الإيرانى وارد.

بدوره، قال دوف زاكايم، الوكيل الأسبق لوزارة الدفاع الأمريكية، إن قطر تحاول تحقيق مكانة دولية تفوق إمكانياتها الحقيقية، ورغم أن ذلك مطمح مشروع، إلا أن التحالف مع إيران ليس السبيل الصحيح لتحقيق هيمنة إقليمية، واتفق رأيه والجنرال وولد بأنه لا يوجد ضمان باستمرار القاعدة الأمريكية فى قطر.

أضاف تورجوت أوغلو، السياسى التركى البارز، بإضاءة على العلاقة القطرية التركية، وربط بينها والعلاقة مع إيران من منظور سياسى وإعلامى.

أما خالد الهيل، المتحدث الرسمى باسم المعارضة القطرية، فأشار إلى النظام القطرى يحتمى بوجود القاعدة العسكرية الأمريكية على الأراضى القطرية ليتمادى فى سياساته الحمقاء، وقال بأن وجود الوجود العسكرى التركى هو إهانة يرفضها الشعب القطري، خاصة فى منظور انتصارهم الكبير ودحرهم للقوات العثمانية الغازية فى مراحل تاريخية سابقة.

ختم الجنرال شلومو بروم، المتقاعد من سلاح الجو الإسرائيلي، فقال إن التعاون الاستخباراتى مع قطر عميق وقديم، وأن البلدين يتبادلان الكثير من المعلومات عن دول المنطقة بما يحقق المصلحة المشتركة، ولكنه قال إن على قطر أن تنظم علاقتها مع إيران بحسب مصالح شعبها وجيرانها، وبما يتوافق مع المتطلبات الدولية، ويحقق الأمن والاستقرار فى المنطقة.

3. تطلعات قطر للهيمنة الإقليمية باستخدام وسائل القوة الناعمة وتأجيجها للحروب بالوكالة

أوضح ملف النظام القطرى فى مجال حقوق الإنسان، وتشمل العمالة الأجنبية، وملف تنظيم كأس العالم سنة 2022. كما تطرق إلى الوعود الكاذبة للنظام بالممارسة الديمقراطية وغيرها من المخالفات حتى لمنطوق الدستور القطرى.

بدأ النقاش الشيخ محمد بن حمد بن جلاب المرى، شيخ قبيلة آل مرة، والذى تحدث عن محنة أبناء قبيلته وما تعرضوا من معاملة غير إنسانية تضمنت نزع الجنسيات، والتشريد من العمل، والحرمان من التعليم والخدمات الصحية، والاعتقالات والتعذيب، وطالب مناشدا الحكومات الخليجية والعربية، والمنظمات الحقوقية الدولية بالتدخل لإنهاء هذه المأساة.

أما د. ألن مندوزا، مؤسس ومدير منظمة هنرى جاكسون، فأشار إلى مسألة الحقوق فى قطر تخضع للمزاج الشخصى، فهى تُمنح أو تُحجب حسب ما تراه السلطات الحاكمة، وقال بأن محاولات النظام لرسم صورة جميلة عبر وسائل القوة الناعمة تصطدم مع الممارسات غير الديمقراطية التى يطبقها فى الداخل.

بحسب رأى البروفيسور، توم بروكس، عميد كلية القانون بجامعة درم البريطانية، فإن حقوق الإنسان والعمال تثير مسائل قانونية فى غاية التعقيد، ليس فقط على الصعيد الإنساني، وإنما فى التطبيق القانونى أيضا، ورغم أن الاستغلال والإساءة إلى حقوق العمال ليس جديدا فى قطر، إلا أن مستوى العبثية وعدم الاتساق فى تطبيق نظام الكفالة يفاقم الصورة ويزيد سوء، مما يجعل الخبراء ينظرون إلى المسألة باعتبارها عبودية مقنعة.

وتحدث توماس ميس آرشر-ميلز، عن مسألة الملكية الدستورية، وقال بأن على رأس متطلباتها لتأسيس لبرلمان ينتخب أعضائه الشعب بنفسه، وقال بأن كل تلك المتطلبات غائبة فى قطر، واقتبس توماس بعض الفقرات من الدستور القطرى لسنة 2003، موضحا بأن لم يتم تطبيق أى من البنود المتعلقة بالحريات السياسية والتمثيل البرلمانى، وقال بأن السبيل الأمثل للتغيير فى قطر سيأتى عبر الضغط الدولى، وقد تباين رأيه فى هذا السياق مع رأى بروفسور توم بروكس.

4. الجزيرة: صوت الإعلام الحر أم بوق الإرهاب؟ والآلة الإعلامية المضللة

ناقش دور قناة الجزيرة وبقية الأذرع الإعلامية القطرية فى تزييف الحقائق وتجميل ممارسات النظام القطرى فى الداخل والخارج على حد سواء، وذلك باعتبارها أهم وسائل القوة الناعمة التى يلجأ إليها.

الحوار الثنائى بين الإعلامى جون سيمبسون، والمتحدث الأستاذ محمد فهمى، مدير مكتب قناة الجزيرة الإنجليزية فى القاهرة سابقا، والذى قال فيه فهمى إن السياسة التحريرية للجزيرة تأتى من قصر الحاكم، وكان ذلك جليا بشكل صارخ أثناء فترة الربيع العربى، حيث أشرف النظام القطرى مباشرة على توجهات قناة الجزيرة بما يحقق الأجندة السياسية الخارجية للدولة، وأضاف بأن الممارسة الإعلامية تدنت فى قناة الجزيرة إلى حد ابتعد بالكامل عن أخلاق المهنة وشرفها، وبأن التغطيات شكلت خطرا ليس فقط على طاقم العاملين فى الجزيزة، بل وعلى عامة الشعب.

أضاف فهمى بأن السياسة الإعلامية للجزيرة قد ساهمت فى نشر الأفكار الإرهابية بإتاحتها الفرصة للقيادت الإرهابية بالظهور على شاشتها، والتبشير والنشر لأفكارهم الإجرامية.

5. الدائرة المفرغة: الاقتصاد، والاعتبارات الجيوسياسية، وأمن الطاقة الدولية

تطرق إلى الوضع الاقتصادى لدولة قطر والذى يستند أساسا إلى النفط والغاز، وتأثيرات الثروة على الاستثمارات الخارجية، والتأسيس لصورة قطر فى الخارج، علاوة على صياغة موقعها على الخريطة السياسية الدولية. على صعيد ذو صلة، ناقش المؤتمر مسألة أمن الطاقة النظيفة فى العالم التى تعد مؤرقة لكل دول العالم بلا استثناء. 

قال إيان دنكن سميث، الزعيم الأسبق لحزب المحافظين البريطانى، بأن العلاقة المتعسرة بين بريطانيا وروسيا فى المرحلة الحالية قد أدت إلى المزيد من اعتماد بلاده على الغاز الطبيعى القطري، مما يدفع بريطانيا إلى المزيد من الاهتمام بالشؤون القطرية، وخاصة فى هذه المرحلة التى تشهد تدهورا فى العلاقة بين قطر ومجموعة من الدول الخليجية والعربية، وأضاف بأن سياسات التدخل القطرية فى الشئون الداخلية للدول العربية تضر بمصالح بريطانيا على المدى الطويل.

بدوره، شاطر النائب البرلمانى وعضو لجنة الشؤون الخارجية السابق دانييل كافتشينسكى، هذه الآراء قائلا إن استقرار المنطقة الخليجية متطلب أساسى لأمن واستقرار العالم.

أما النائب البرلمانى البريطانى، روجر إيفنز، فتحدث عن الاستثمارات القطرية فى بريطانيا، وخاصة فى القطاع العقارى والبنية التحتية، وأنها ستمنح النظام القطرى فرصة للتدخل فى آلية صنع القرار البريطانى فيما يختص بتلك المشاريع العمرانية الضخمة، قائلا إن العلاقة الاستثمارية بين البلدين دقيقة.

جدير بالذكر أن المؤتمر الذى اختتم أعماله ستعقبه سلسلة من الفعاليات والنشاطات المختلفة تتعلق بالأزمة الحالية فى قطر، والتى تسببت فيها سياسات النظام، وكذلك بخصوص مستقبل البلاد من منظور تطلعات ورؤى أهلها.