الصحفيون على وشك انتفاضة جديدة ضد النقابة.. تضارب التصريحات يسبب أزمة وثورة لطلاب التعليم المفتوح (تقرير)

أخبار مصر

نقابة الصحفيين -
نقابة الصحفيين - صورة أرشيفية


نقابة الصحفيين التي لا يهدأ لها ساكنًا، حتى في أيام العيد التي من المفترض أن تكون بعيدة كل البعد عن اندلاع أي أزمات داخل أروقتها، إلا أنها اعتادت على وقوع المشكلات، وكأنها درب من دروب يومها الذي تعيشه وأصبح عاديًا، فاستيقظت ثالث أيام العيد على نيران أزمة بينها وبين خريجي التعليم المفتوح، لا تعلم من أين أتت وإلى أين ستستقر.

ثورة اندلعت خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت من صفحات تم إنشاؤها خصيصًا للدفاع عن حق خريجي التعليم المفتوح، بعد خروج حاتم زكريا سكرتير عام النقابة الصحفيين، بتصريحات لوح فيها باتخاذ إجراءات صارمة اتجاه منع قيد خريجي التعليم المفتوح بالنقابة.

وخرجت تلك التصريحات وتسببت في ثورة من التخبط بين أعضاء النقابة وغير الأعضاء، وتسببت في تخبط بين أعضاء مجلس النقابة أنفسهم، خاصة وأن الأمر اندلع بعلم هيئة مكتب النقابة فقط، ولم يكن يعلم أعضاء المجلس عنه شيئًا، والذي كان مفترضًا مناقشته خلال اجتماعه المقبل، غير معلوم الموعد أو المصير.

- شرارة الأزمة
واستيقظ خريجي التعليم المفتوح ثالث أيام عيد الأضحى على تصريحات من مصادر غير معلومة داخل هيئة مكتب النقابة، بتبني اتجاه منع قيد خريجي التعليم المفتوح بجداولها، وذلك بناءً على طلبات تقدم بها أعضاء من الجمعية العمومية، وذلك بعد تعديل قانون النقابة، ليتواكب مع تلك المتغيرات وأخرى، وأن الأمر تم عرضه خلال آخر اجتماع لهيئة المكتب منذ نحو أسبوعين، وسيتم عرضه للمناقشة خلال اجتماع المجلس المقبل.

كما انتفضت مواقع التواصل الاجتماعي بعد ساعات قليلة من هذا التصريح، الذي نشره أحد المواقع الإخبارية، ليتوالى بعد ذلك سيل التصريحات تباعًا، واحدًا تلو الآخر، حيث أكد حاتم زكريا سكرتير عام النقابة الصحفيين، أن القرار "منتهي"، وأن النقابة ستتخذ فعليًا خطوات جدية قريبًا اتجاه ذلك الأمر، وهو سكب الزيت على النيران، وجعل الأزمة اشتعلت أكثر.

- الأمر ليس بجديد
وبعد أن انفجرت الأزمة منذ أيام، يعتقد الكثيرون أنها وليدة للحظة، ولكن ما لا يعلمونه أن تلك الأزمة اندلعت بنقابة الصحفيين منذ عام 2015، في عهد النقيب السابق يحيى قلاش، حيث ناقش مجلس النقابة تلك القضية وقتها أيضًا مع أساتذة الجامعات، وتم التطرق لمناقشة سبل عملية لتحسين وتطوير مستوى خريجي التعليم المفتوح، خاصة كليات الإعلام، ولكن اقتصر الأمر على نية منع قيد الحاصلين على الدبلومات واقتصار الأمر على الحاصلين على الثانوية العامة.

وتساءل نقيب الصحفيين وقتها يحيى قلاش، قائلًا: "إذا كان يرى المجلس الأعلى للجامعات أن خريجو التعليم المفتوح أكفاء، لماذا لا يستعين بهم في هيئة التدريس بالجامعات، وهذا يبرهن على أن أساتذة الجامعات أنفسهم يرون أن خريجو التعليم المفتوح لا يصلحون لسوق العمل".

وقال أبو السعود محمد رئيس لجنة القيد في تصريحات له عام 2015، إنه في حال اتخاذ أي قرار بخصوص هذا الأمر، سيقتصر على منع قيد الخريجين الحاصلين على دبلومات فنية، والسماح بقيد الحاصلين على الثانوية العامة.

وخلال العام الجاري، أصدرت لجنة متابعة الأدباء النقابي بيانًا أكدت فيه أن تلك الأزمة تحتاج لوقوفة جادة، خاصة وأن معظمهم يتسربون للقيد بالوساطة أو دفع مبالغ لبعض الصحف، وأن استمرار ذلك الأمر سيئدي إلى املاء جداول النقابة بـ"التمرجيات والباعة الجائلين".

وذلك الأمر أثار خريجو التعليم المفتوح على سلالم النقابة، في عدد من الوقفات الاحتجاجية، التي بدأت يوم الثلاثاء يونيو 2015، وانتهى الأمر بانتهاء التصريحات وموت الفكرة مع الأيام، ولم يكن يعلم خريجو التعليم المفتوح أنها ستعود وتصبح شبحًا يطاردهم في الأحلام.

- تضارب في تصريحات أعضاء مجلس النقابة
وبدى الأمر في بادئه غير مفهوم، خاصة بعد سيل التصريحات الذي انفجر من مجلس النقابة، كل يكذب الآخر، تصريحات تؤكد البدء في خطوات حقيقية، وأخرى تؤكد أنه لا خطوات حتى الآن في ذلك الشأن، تصريحات هنا تشير إلى أن الأمر يتعلق بالجمعية العمومية للنقابة، وأخرى هناك تؤكد أن الفيصل في قانون إنشاء النقابة ولا علاقة للعمومية بذلك.

وإذا اتجهت ناحية تلك التصريحات، تشعر وأن العالم يدور من حولك، ورأسك بدأ في التخبط، مما زاد الأمر تعقيدًا، وجعله مبهم بشكل أكبر، وأصبحت التصريحات متضاربة بشكل كبير، وما زاد الأمر تعقيدًا أنها تصريحات من أعضاء مجلس النقابة أنفسهم.

وقال حاتم زكريا سكرتير عام نقابة الصحفيين، إن هيئة مكتب النقابة اتخذت قرارًا بمنع قيد خريجي التعليم المفتوح، مؤكدًا أن الأمر سيتم عرضه على اجتماع مجلس النقابة المقبل لاتخاذ الموافقة النهائية عليه، مشيرًا إلى أن ذلك القرار جاء بعد مطالب واسعة من أعضاء الجمعية العمومية.

كما أضاف أنه بعد ذلك القرار لن يحق لأي خريج من التعليم المفتوح أن يحصل على عضوية النقابة، حتى ولو بالقيد الاستئنافي، مؤكدًا أن مجلس النقابة سيدرس تطبيق القرار بأثر رجعي على أعضاء الجمعية العمومية، مشيرًا إلى أن عمومية النقابة ليس لها علاقة بذلك، متابعًا: "ده قرار ومش هناخد خريجي التعليم المفتوح في اللجان المقبلة".

بينما قال أبو السعود محمد السكرتير العام المساعد للنقابة، إنه لا يوجد أي قرار صادر عن النقابة حتى الآن فيما يخص هذا الشأن، مؤكدًا أنه لا يجوز إصدار أي قرار دون تحديد مدة زمنية لتنفيذه، حتى يستطيع كل شخص توفيق أوضاعه وفقًا لهذا الوقت.

وأضاف أنه لن يوافق على القرار إذا عرض على مجلس النقابة، إلا في حالة منع قيد الحاصلين على المعاهد العليا من غير معاهد الإعلام، مؤكدًا أن ذلك القرار يستوجب تعديل قانون النقابة.

وفي نفس السياق، قال إبراهيم أبو كيلة وكيل النقابة، إن هيئة المكتب ليس من حقها اتخاذ أي قرارات تخص هذا الشأن، دون الرجوع لمجلس النقابة ومناقشة الامر في اجتماعه والتصويت عليه.

وقال نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، إن ذلك الأمر يستوجب أخذ رأي الجمعية العمومية للنقابة، مؤكدًا أن الهدف من ذلك هو الارتقاء بالمهنة، وسيتم مناقشة الأمر خلال اجتماع المجلس المقبل.

- "الأعلى للجامعات يخرج عن صمته": القانون في صف الخريجين
وقال الدكتور يوسف راشد القائم بأعمال أمين المجلس الأعلى للجامعات، إن القانون في صف خريجي التعليم المفتوح، خاصة وأن قانون النقابة لا يمنع الحاصلين على مؤهل عالي من العضوية، والحاصل على شهادة التعليم المفتوح معترف به من المجلس الأعلى للجامعات.

وأضاف أن أول قضية سيقوم برفعها أي صحفي خريج التعليم المفتوح ضد النقابة، سيكسبها بقوة القانون، مشيرًا إلى أن ذلك ينطبق على خريجي التعليم المفتوح بشهادة الأعلى للجامعات وليس الشهادة المهنية، متابعًا: النقابة ليس من حقها اتخاذ مثل هذه القرارات، نظرًا أن قانون النقابة يتيح قبول عضوية أي شهادة من أي جامعة من الجامعات المصرية الحكومية أو معادلة من المجلس الأعلى للجامعات.

واستطرد بأن النقابة من حقها فقط وضع الاختبارات التي تناسبها، والشروط الخاصة بها، وامتحانات القبول، والمقابلات الشخصية كما تشاء، لكن عضوية النقابة لا ينص على ذلك.

- سجال بين النقابة والمجلس الأعلى للجامعات
وردًا على ذلك علق حاتم زكريا سكرتير عام نقابة الصحفيين، على تصريحات الدكتور يوسف راشد، قائلًا: "هذا كلام غير صحيح، وهناك قرار صدر من اللمجلس الأعلى للجامعات بأن تصبح شهادة التعليم المفتوح مهنية، والنقابة حاصلة على حكم محكمة في مارس الماضي، بألا تقبل في عضويتها غير الحاصلين على مؤهلات عليا".

وأضاف: "لماذا لم نسمع للأعلى للجامعات صوتًا عندما منعت نقابتا المحامين والمهندسين خريجي التعليم المفتوح من عضويتهما"، مؤكدًا أن نقابة الصحفيين هي الوحيدة صاحبة القرار في هذا الشأن.

وقال أبو السعود محمد السكرتير العام المساعد لنقابة الصحفيين، إن الدكتور "راشد" لا علاقة له بما يحدث في النقابات من قرارات سواءً كانت سلبية أو إيجابية، مؤكدًا أن النقابة على دراية كاملة بكافة التفاصيل المتعلقة بالقرارات والمعادلات الخاصة بالتعليم المفتوح، والفرق بين الشهادة المعادلة وغير المعادلة، بما فيها القرار الأخير للمجلس الأعلى للجامعات، باعتبار شهادة التعليم المفتوح مهنية.

وطالب "أبو السعود" من الأعلى للجامعات أن يوضح للطلاب قبل التحاقهم بالكليات، تفاصيل الفرق بين الشهادة العادية والمهنية، بدلًا من الدخول في سجال مع النقابات.

- خريجو التعليم المفتوح يصرخون: لينا حق في النقابة
لم تلبث أن تكون الأزمة وليدة ساعات قليلة، حتى خرج مولود جديد باسم "اتحاد خريجي التعليم المفتوح"، مدافعًا عن حقه في الحياة تحت شعار "لينا حق في النقابة"، هو مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، احتشد بها آلاف المدافعين عن حقهم في الحصول على عضوية نقابة الصحفيين من خريجي التعليم المفتوح، تتبادل الأراء وخطوات التصعيد.

وقال عامر حسن رئيس رابطة خريجي التعليم المفتوح، إن المجلس الأعلى للجامعات أقر أن درجة البكالريوس التي يحصل عليها خريج التعليم المفتوح، هي درجة جامعية مثل باقي الدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، مؤكدًا أن الدراسة بالتعليم المفتوح بدأت بناءً على قرار وزارة عام 1990، وأن الدارسين يتتلمذون على أيدي أساتذة متخصصين.

وأضاف أنه من الأولى قبل اتخاذ أي قرار، أن يتم تقييم موضوعاتهم الصحفية، للتأكد من امتلاكهم المهنية والكفاءة، فليس من المعقول أن يتم حرمان أي شخص من الحصول على عضوية نقابة الصحفيين، بعد سنوات عجاف من العمل.

ووصفت غادة فاروق المتحدث باسم طلاب التعليم المفتوح بجامعة القاهرة، تصريحات حاتم زكريا بـ"غير المسؤولة"، مؤكدة أن قانون الصحافة والغعلام أعطى لهم الحقي في عضوية النقابة، مهددة بخطوات تصعيدية حال تطبيق النقابة لمنع قيدهم، خاصة وأن القضاء سيكون في صالحهم، على حد وصفها.

- ردود أفعال مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي
وتنوعت ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، بين أعضاء الجمعية العمومية للنقابة وغير الأعضاء، فأكد البعض أن المساواة في عضوية النقابة بين شخص حاصل على 50% وآخر على 90% هو أمر صعب أن يعقل، بينما أكد البعض الآخر أن التعليم المفتوح هو فرصة لمن لم يكمل تعليمه لظروف خاصة، أن يحسن من مستواه العلمي ويصبح شخصًا ذو فائدة أكبر بالمجتمع، فليس من حق شخص أن يمنعه من استكمال طريقه للنجاح.

وفيما يخص حذو نقابة الصحفيين لخطى نقابتي المحامين والمهندسين، أكد البعض الآخر أن الصحافة هي مهنة الموهبة ترتبط بشكل أكبر بسوق العمل وليس الدراسة، مستشهدين بكتاب صحفيين كبار من غير خيجي التعليم العالي.

كما انتقد البعض قرار الأعلى للجامعات عام بمعادلة شهادة التعليم المفتوح بشهادة الجامعات الأكاديمية، مؤكدين أنهم يهدر قيمة التعليم الحكومي، خاصة وأنه يساوي الحاصلين على الدبلومات الفنية ومظرائهم من الحاصلين على الثانوية العامة.