المطوفات في الحج... إرث تاريخي منذ 8 قرون

إسلاميات

حجاج - أرشيفية
حجاج - أرشيفية


تستند المطوفات في مكة المكرمة إلى إرث تاريخي يمتد لأكثر من ثمانية، ويقوم على خدمة الحجاج ورعايتهم، ويستفدن في الوقت ذاته من الوسائل التقنية الحديثة التي أسهمت في تسهيل مهام العاملين على خدمة حجاج البيت العتيق.

وتتغلب المطوفات على الصعاب خلال موسم الحج الذي يمتد إلى 50 يوما من كل عام، وهي الفترة المحددة لتقديم الخدمات اللازمة لحجاج بيت الله الحرام القادمين إلى المشاعر المقدسة من كل فج عميق.

وقالت المطوفة الدكتورة وفاء محضر في تصريحات صحفية إن الطوافة عمل خدمي متوارث للأبناء والبنات منذ أكثر من 800 عام، يتمثل في استقبال المطوف الحجاج وإرشادهم إلى مناسكهم وتوفير السكن والغذاء لهم منذ وصولهم وحتى مغادرتهم.

وأضافت أن هذه المهنة التي يتم من خلالها استقبال وضيافة حجاج بيت الله الحرام كانت محصورة بين علماء الدين وظلت هكذا ما يقارب 200 عام، ثم انتقلت إلى وجهاء مكة «الأشراف». لكن في عهد الملك عبد العزيز آل سعود، أصدر أمره بالإبقاء على الطوافة كمهنة مقتصرة على الأسر التي خدمت الحجاج من أبناء مكة المكرمة.

وتطرقت وفاء محضر إلى أن المطوفات في السابق كن يجمعن المهام التي تخص النساء القادمات لأداء مناسك الحج، ومنها تقديم التوعية الصحية والدينية وخدمات التغذية وتوفير السكن والانتقال معهن للخيام في المشاعر المقدسة، أما في السنوات الأخيرة فأصبح دور المطوفات تطوعياً يتمثل في الجانب الإنساني وليس الخدمي مثل تقديم الخدمات الصحية والتوعوية والتثقيفية والتعريف بالتراث السعودي وإنجازات الدولة والعادات والتقاليد السائدة في مكة المكرمة خصوصاً والسعودية عامة، وتوفير الرحلات لزيارة المناطق التاريخية والأثرية والمتاحف.

وذكرت أن مهنة الطوافة تقتصر على السعوديات القاطنات مكة المكرمة، وتكون متوارثة من الآباء والأجداد، أما أماكن وجودهن فهي في المقر المخصص لتقديم الخدمات التطوعية للحجاج، ولا يباشرن أي مهمة قبل الحصول على التصاريح من الجهات ذات العلاقة.

وفيما تعمل المطوفات لخدمة حجاج جنوب آسيا، وحجاج جنوب شرقي آسيا، وحجاج أفريقيا، وحجاج إيران، وحجاج تركيا، أكدت وفاء محضر أن المطوفات يؤدين المهام الموكلة لهن على مدار 50 يوماً تقريبا ابتداء من العاشر من شهر ذي القعدة وحتى نهاية شهر ذي الحجة من كل عام هجري، تسبقها اجتماعات مع فريق العمل التطوعي ممن رغبن في خدمة ضيوف بيت الله الحرام لوضع الأفكار والمقترحات والخطط اللازمة لخدمتهن.

وفي السياق ذاته، ركّزت المطوفة شادية جنبي في حديثها على أن مهنة الطوافة استفادت من وسائل التقنية الحديثة لتجعلها مواكبة للعصر الحديث، عبر استخدام الأجهزة الذكية التي أسهمت في تسهيل التعامل مع حجاج بيت الله الحرام.

ودللت جنبي على تطور الوسائل المستخدمة في الطوافة، بقولها: «تستخدم المطوفات برامج الترجمة الفورية لتسجيل وترجمة ما يقول الحاج الأجنبي والإجابة عليه وتوفير ما يحتاجه، كما أن استخدام برامج الخرائط سهل عليهن تعريف الحجاج على الأماكن المراد الوصول إليها».

وأضافت أن مهام الطوافة في العصر الحديث لحقت بها تفاصيل جديدة لم تكن في السابق، ومنها أن مطوفات كشافة مرشدات يستقبلن حجاج بيت الله الحرام ويقدمن الهدايا لهن ويساعدهن في تأمين احتياجاتهن، ومطوفات الأسر المنتجة اللاتي يعددن الطعام والوجبات الخفيفة والهدايا التي صممت وصنعت بأيديهن لتقديمها للحجاج.

ولفتت إلى أن على المطوفات متطوعات الكشافة أن يتقن لغات مختلفة لتسهيل خدمة الحجاج ومعرفة استفساراتهم وتلبية احتياجاتهم، مشيرة إلى أن الأجهزة الذكية سهّلت لهن ترجمة اللغات الأخرى التي يتحدث بها الحجاج، وساعدت في سرعة تلبية احتياجاتهن.