في ذكرى رحيل نور الشريف.. تعرف على فيلمه الممنوع من العرض بسبب السياسة

الفجر الفني

الفنان الراحل نور
الفنان الراحل نور الشريف


قبل وفاة الفنان نور الشريف، بحوالي ستة أشهر نال "حنظلة السينما العربية"، جائزة القدس للثقافة والأبداع وسلمها له أمين المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لـ"القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية" ويدعى موسى أبو غريبة، وهذه الخطوة تأخرت حوالي ربع قرن من الزمان، حيث عبر الشريف، عن إنتمائه للقضية الأكثر أمًا في نفوس العرب وهي القضية الفلسطينية وكان هذا من خلال مشاركاته في أعمال خاصة بالقضية ونال بسبب هذه الأعمال كثير من التعنت والتعسف وأصبح هدفًا للهجوم من كيانات سينمائية وسياسية في العالم العربي.


وعن هذا التكريم صدر بيانٌ من اللجنة المسئولة بأنه جاء لدوره الإبداعي والثقافي العربي ولشخصيته المتميزة في السينما العربية والتي كانت دائمًا ما تنتصر للقدس والقضية الفلسطينية وقضايا الإنسان والمجتمع وقيم الحرية والديمقراطية والتعددية الثقافية والفكرية والسياسية.


وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي وجّه النجم نور الشريف، صفعة قوية للخط السياسي الداعي وقتها للتفاوض مع العدو الفلسطيني بإنتاجه وتمثيله فيلم "ناجي العلي"، الذي يسرد قصة كفاح رسّام الكاريكاتير العربي الفلسطيني المعروف ناجي العلي، متضمنًا المأساة الفلسطينية الكاملة من خلال سرد أحداث القتل المعلن للفنان الفلسطيني الرافض للصلح مع العدو الإسرائيلي الذي إغتصب الأرض وبات يفرض الأمر الواقع على الجميع ويقتل جميع من يدافعون عن الحق الفلسطيني.


ومنذ أكثر من عقدين أصبح هذا الفيلم أحد أشهر الأفلام العربية الممنوعة من العرض، ولا شكْ أنه إنجاز للسينما السياسية في العالم العربي، كما بات علامة على ما يمكن أن يتعرض له فيلم سينمائي رغم أنه الفيلم المصري الوحيد الذي حاول الإنتصار للقضية الفلسطينية وطرحها على الشاشة من وجهة نظر الضحية لا من وجهة نظر الجلاد، وشارك في بطولة هذا الفيلم عدد من النجوم منهم محمود الجندي، وليلى جبر، الفنان اللبناني أحمد الزين، ومن تأليف الكاتب الكبير بشير الديك، وإخراج الراحل عاطف الطيب، وأنتجته شركة إن بي فيلم، نور الشريف، ومجلة فن اللبنانية، وليد الحسيني، وأهد الموسيقى الفنان مودي الإمام نجل الراحل الكبير حسن الإمام.


ويعتبر الفيلم واحدًا من أهم أفلام السينما العربية والمصرية ولكنه لم يعرض في دور العرض سوى أسبوعين فقط، وهوجم جميع من شاركوا فيه وعلى رأسهم نور الشريف، الذي نال نصيب الأسد من الهجوم، ربما على سبيل التأديب لهؤلاء الشجعان الذين تجرأوا على الخروج عن الخط السياسي السينمائي المطلوب ولأن التأثير الذي أحدثه هذا الفيلم في الوعي العربي بات تميمة سياسية في أغلب المحافل السياسية التي تهدف لنشر الوعي عن القضية الفلسطينية وتارخها الطويل من النضال المستمر.

ويحكي الفيلم حياة ناجي سليم حسين العلي، رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي تميزت رسوماته الخارجة من قلب المأساة الفلسطينية بالنقد اللاذع الذي يعمق الإنتباه إلى فداحة المأساة ويروي كيف أصبح العلي، من أهم الفنانيين الفلسطينيين الذين عملوا على التغيير السياسي من خلال الفن كأحد أساليب التكثيف والتأثير في القاريء الذي ل يكون يعرف كيف يتحول فن الكاريكاتير إلى حشد ضد العدو، ورسم ناجي، أكثر من أربعين ألف رسم كاريكاتيري ويبدأ الفيلم بمشهد اغتياله على يد شخص مجهول يعتقد أنه كان عميلًا للموساد في العاصمة البريطانية لندن عام 1987 بعد عقد ونصف من إغتيال صديقه أيقونة الأدب الفلسطيني القاص والروائي غسان كنفاني، بتفخيخ سيارته في بيروت عام 1972 على يد من يعتقد أيضًا أنه عميل للموساد.


ويقول الفيلم إن السلطات الإسرائيلية اعتقلت ناجي العلي، وهو لا يزال صبيًا عدة مرات بسبب نشاطه المُعادي لدولة الإحتلال فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم مأساته على جدرانها وقام الجيش اللبناني باعتقاله عدة مرات وتحولت زنزانته إلى أكبر معرض جداري لرسوم المأساة الفلسطينية ويشير الفيلم أيضًا إلى أن الفنان تزوج من فلسطينية من بلدة صفورية وأنجب منها أربعة أبناء.


كما يشير الفيلم إلى قصة الظهور الأول لشخصية "حنظلة" التي أبدعها من المأساة والتي تمثل صبيًا في العاشرة من عمره يعطي العالم ظهره عاقدًا يديه من الخلف ظهرت في إحدى الجرائد الكويتية عام 1969 وتحولت الشخصية إلى توقيع للفنان على رسوماته وتلقاه القاريء العربي المتعاطف مع القضية الفلسطينية بحب وأصبح حنظلة رمزًا للفلسطيني المعذب المغلوب على أمره الذي يواجه العالم وحده عاري القدمين يجول في المأساة دون أن يخشى أحدًا.