مي سمير تكتب: فساد عائلة "الخروف العثمانلى"

مقالات الرأي



من ملفات مالطا إلى محاكم أمريكا

■ أسرة أردوغان تمتلك ناقلة نفط تحمل اسم «أغداش» تصل قيمتها إلى 29.5 مليون دولار حصلت عليها كهدية


هل يكمن الشيطان فى مقاعد السلطة؟ وهل يمكن لهذه السلطة إفساد رجال السياسة؟ للإجابة عن هذا السؤال قدم مركز «جلوبال ريسرش» الكندى، تقريرا بعنوان «الرئيس التركى أردوغان هو النموذج المثالى لفساد السلطة».

التقرير كتبه الدكتور ألن ماير أستاذ العلاقات الدولية فى مركز الشئون العالمية فى جامعة نيويورك والباحث المتخصص فى التفاوض الدولى ودراسات الشرق الأوسط.


1- السلطان الفاسد

يبدأ التقرير بأن أردوغان من أجل توطيد حكمه، قام بتخويف خصومه السياسيين، وإخماد الجيش، وإسكات الصحافة، وإثارة السلطة القضائية، وفى الآونة الأخيرة، ضغط على البرلمان لتعديل الدستور لمنحه سلطات مطلقة.

وتحت حكمه تحتل تركيا المرتبة الـ75 فى العالم فى الشفافية وفقا لمؤشر الفساد الدولى الذى وضعته منظمة الشفافية الدولية، وبحسب المؤشر أكثر من 40٪ من الأسر التركية ترى أن المسئولين العموميين فاسدون.

وأسفر انتشار الفساد عن تباطؤ التقدم الاقتصادى فى تركيا، ففى السنوات الأولى من عمر أردوغان، نما الاقتصاد بنسبة تتراوح بين 5 و7% لأنه جعل التنمية الاقتصادية أولوية مع التركيز على الفقراء والأقل تعليما، الذين أصبحوا فيما بعد مؤيديه الأساسيين.

ولا يمكن الحديث عن فساد نظام أردوغان دون التطرق لأوضاع الصحافة المتردية فى تركيا، فحسب تقرير «جلوبال ريسرش» أبدى أردوغان عدم تسامح مطلقا مع الانتقادات، وعمل على خنق الصحافة، وأصبحت أى وسيلة إعلامية تعرض قضايا الفساد بمثابة عدو للدولة.

ووفقا للجنة حماية الصحفيين، يوجد حاليا 81 صحفيا فى السجن، وجميعهم متهمون بجرائم مناهضة للدولة، وأمرت الحكومة بإغلاق أكثر من 100 وكالة أنباء، فى المجموع، بين 20 يوليو و31 ديسمبر 2016، تم إغلاق 178 منصة إعلامية ما بين إذاعات، ومواقع الكترونية، وصحف.

استقال عدد من وزراء أردوغان  مثل وزير الاقتصاد ظافر كاجلايان ووزير الداخلية معمر جولر ووزير البيئة أردوغان بايراكتار، بعد اعتقال أبنائهم بتهمة الرشوة، وعقب استقالتهم، قام أردوغان بإيقاف الآلاف من ضباط الشرطة والمدعين العامين والقضاة واتهم حركة جولن بمحاولة انقلاب.


2- فساد عائلة أردوغان

ومن فساد نظام أردوغان إلى فساد عائلة الرئيسى التركى، وقد شكل إلقاء القبض على تاجر الذهب  الإيرانى التركى رضا زراب والتهم الموجهة إليه فى محاكم الولايات المتحدة تهديدا كبيرا لسلطة أردوغان حيث  تتواجد أسماء مسئولى حزب «العدالة والتنمية» فى لائحة الاتهام بما فى ذلك بعض أفراد أسرة أردوغان. وسرعان ما وجهت وسائل الإعلام الموالية للحكومة اتهامات ضد المدعى العام والقاضى الأمريكيين المشاركين فى قضية  باعتبارهما أدوات لحركة جولن.

وفى 19 مارس 2016، ألقى القبض على زراب فى ميامى بولاية فلوريدا لتآمره من أجل مساعدة إيران على التهرب من العقوبات الأمريكية ضدها باستخدام تجارة الذهب على  مساعدة الحكومة الإيرانية على التهرب من العقوبات وغسل الأموال والاحتيال المصرفى. ويخضع زراب حاليا للمحاكمة، وخلال هذه القضية، لاحظ الادعاء أن زراب تبرع بمبلغ 4.5 مليون دولار إلى جمعية خيرية أسستها أمينة أردوغان، زوجة الرئيس التركى، وذكر الادعاء الأمريكى أن لدى زراب علاقات وثيقة مع أردوغان.

قضية تاجر الذهب زراب وعلاقته بزوجة الرئيس التركى ما هى إلا جزء صغير من العلاقات التجارية المشبوهة التى  تجمع عائلة الرئيس التركى وعدد من رجال الأعمال،  وكانت الصحافة الأوروبية قد بدأت فى شهر مايو الماضى فى نشر تحقيقات صحفية تحت عنوان واحد وهو «ملفات مالطا»، تلقى الضوء على تحول جزيرة مالطا إلى ملاذ آمن للتهرب الضريبى وإخفاء الأموال، وبحسب هذه الملفات تمتلك عائلة الرئيس التركى أردوغان  ناقلة نفط بترول تحمل اسم أغداش تصل قيمتها إلى 29.5 مليون دولار حصلت عليها كهدية.

تمت هذه الصفقة بمساعدة صديق أردوغان المقرب رجل الأعمال التركى سيتكى أيان، والملياردير الأذربيجانى التركى الذى يدعى مباريز مانسيموف، صاحب مجمع الشحن فى اسطنبول (بمالى جروب). وتظهر الوثائق أن الصفقة تمت فى عام 2008، حيث تم شراء ناقلة النفط «أغداش» بما يقرب من 30 مليون دولار أمريكى، دفع إيان سبعة ملايين بينما دفع مانسيموف ما يقرب من 23 مليونا.

وحصل أردوغان على أغداش من موباريز مانسيموف فى أكتوبر 2008، وذلك باستخدام شركة  تدعى بوميرز ليميتد ويمتلك هذه الشركة أبناء الرئيس التركى  بوراك ومصطفى أردوغان  إلى جانب شقيق زوجة أردوغان.

وشكل مانسيموف وأردوغان علاقة عمل على مدى سنوات عديدة، مانسيموف ولد فى العاصمة الأذربيجانية باكو، وخدم فى الجيش السوفيتى، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، دخل فى مجال أعمال السفن، وعمل لصالح شركة الشحن  التابعة لدولة أذربيجان.

وفى وقت لاحق، أسس شركته الخاصة، بمالى جروب، ويمتلك 100 شاحنة تقريبا، وتسيطر إمبراطوريته على حوالى ثلثى تجارة النفط فى منطقة البحر الأسود، ويتمتع الملياردير بعلاقة صداقة قريبة مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وحضر حفل تنصيبه فى واشنطن فى يناير من هذا العام.

وعندما تم افتتاح أبراج ترامب فى اسطنبول فى عام 2009، كان مانسيموف أول عميل حيث قام بشراء ثمانى شقق،   وامتدت أعمال مانسيموف إلى تركيا منذ عام 1998، وبعد مرور ثمانى سنوات،  حصل على الجنسية  التركية واعتمد اسم تركى هو «موباريز» بناء على طلب من أردوغان.