د. ماريان جرجس تكتب: التطبيق السلفى الحديث .. جارى التحميل!

ركن القراء

د. ماريان جرجس
د. ماريان جرجس


أكثر ما يزعجنا فى هواتفنا المحمولة وبالأخص ذات نظام الاندرويد هو التحديثات للتطبيقات والبرامج المستمرة التى تثقل كاهل الباقات وذاكرة الهاتف ولكنها تكون تلقائية ما لم نلغها  يدويًا ونختار عدم التحديث.

وما أكثر المتشابهات فى الطبيعة والحياة  فالنظرية الداروينة بين مؤيد ومعارض حتى يومنا هذا ولكن الأكيد أن عقل الانسان وذاته وهيكلة ادراكه  تتبلور وتتحدث تلقائيًا  ,هكذا سياسات العالم والدول والفصائل المختلفة.

ولكن دعونا أن نخص تيارًا بعينه, خفيٍ عن الأنظار ربما ترسخت فى أذهان الكثير من المواطنين أن السلفية بمعناها الحرفى – الصحيح طبعًا-  وهى الرجوع الى الأولين وبما أن الأولين انتقلوا وفارقوا الحياة ولايمكن أن يستحدثوا نفسهم فمن الطبيعى أن من يتبعهوم: سٌلانهم, أن يظلوا على نفس النهج الثابت دون أى تحديث  فمن أين سيأتى ذلك الاستحداث؟!

ولكن خفية دون أن تدرى الدولة المصرية العظيمة بقيادتها المحكنة قرر السلفيين اليوم التمرد على الاكتفاء بالرجوع الى الأولين واستحداث سياستهم ومناهجهم ويأتى ذلك بعد فقد الجماعة من حلقات السلسلة.. أيتمردون على نهج الاولين الذين هم متبعوه ولا نتوقع التمرد على الدولة؟.

ونقف لحظة حداد هنا.. نعم حداد على أفه عقلية قد تصور للبعض أن التنبه لخطر الاستحداث السلفى هو أمر دينى وتدخل سافر – عفوًا وألف لا !!  لان التحديث الذى اختاره ذلك التيار ليس تحديثًا دينيًا نتركه شأنهم، على العكس تماما وعلى النقيض المطلق فذلك التحديث تحديث سياسى بحت يهدد المصريين جميعًا بمسلميهم ومسيحيهم، انها قضية وطن!

ذلك التغيير فى سياسة وتوجهات ذلك التيار تتحرك خفية فى الظلام مثل الأيدى الناعمة تحاول أن تسرق نصيبًا سياسًا  وتضع بقدمها على الساحة السياسية المصرية  فهؤلاء الذين لم يقفوا فى لجنه الدستور تحية للنشيد الوطنى العظيم  هم نفسهم الان اذا عادت بهم الواقعة ذاتها سيقفون محين اياه !! ربما واضعين يدهم اليمنى على قلوبهم واليسرى خلف ظهورهم تحية لمصر الجميلة رغم أنف أى غازى داخلى كان أم خارجى.

ولكن هذا التغيير لن يكون نابعًا من اقتناعهم بحب الوطن والايمان بالدولة والقانون ولكن منذ سنوات قليلة كان السلفى يجاهر بما يبطن ويقول أن القوانين والدولة نظام لايعٌترف به ولكن اليوم هو لن يجاهر بذلك رغم انه لازال يبطنه ! ولن يغيره أبدًا  لذا لزم التحديث لكى ينالوا استحسان الدولة والشعب والمواطنين ويتجنبوا النفور من افعالهم ويحققون شعبية أكبر ومودة أكبر وتودد مشروط وهو كسب الشعبية اللازمة للتواجد السياسى المشروع ومن التواجد السياسى المشروع التقنين للتواجد وبناء الكيان الذى فُقدته الجماعة وعندما يستخدمون التقنين للتواجد يتمردون بعدها على القوانين والدستور الذين هم منهما براء ولا يعترفون بهما!

السلفيون الحقيقون الذى يديرون تلك الخُطة شديدة الخفاء هم سلفيون الشارع لا اليوتيوب, المتواجدين فى المؤسسات والساحات لا شاشات التلفزيون يجاهرون بأشياء منفرة.

فهل للقيادة المصرية التى نقدرها تقديرًا جللًا أن تقدر ذلك الخطر الذى قد يكون بداية لتعاون فصيل ما مع داعش التى تود أن تنٌكل بمصر العظيمة؟، اذا فيا قيادات مصر أوقفوا تحميل تحديث ذلك التطبيق  بكبس زر الأمان الوحيد.