حقائق حول "حتشبسوت" وجلوسها على العرش

الفجر الطبي

بوابة الفجر


جاء جلوس الملكة "حتشبسوت" على العرش بعد 50 عامًا من حكم والدها بحكم زواجه من أميرة فرعونية.

وهنا وقع الكهنة والشعب في جدل كبير فهناك من يؤيد صعود حتشبسوت؛ لتعتلي العرش باعتبارها أميرة فرعونية ووريثة شرعية، وهناك من يعترض لكونها إمرأة وهو غير مرغوب فيه.

على الرغم من أن حتشبسوت إمرأة إلا إنها كانت تتمتع بالكثير من الصفات التى تؤهلها لأن تكون ملكة متمكنة على عرش مصر، يأتي في مقدمتها انحدارها من أصول ملكية ونسبها إلى آمون، وتمتعها بذكاء باهر وإلمامها بالمهارات القتالية حيث حرص والدها على تنميتها فيها منذ الصغر، ودفعها لمشاركته الحكم في آخر عهده ولذلك أندفعت للمطالبة بحقها في العرش فخلعت ملابس النساء وارتدت ملابس الرجال ووضعت ذقن مستعارة مؤكدة على قدرتها على إدارة شئون البلاد والقيام بمهامها كفرعون مصر على أكمل وجه ومن الممكن أن تعتمد على قادة الجيوش في إدارة الحروب إذا عجزت هى عن ذلك.

وقد حققت حتشبسوت في بداية سنوات حكمها الكثير من الازدهار والرخاء ونعمت البلاد بالاستقرار بعد فترة من الحروب، وأسفر زواجها من تحتمس الثانى عن ابنتين هما نفروا وحتشبسوت الصغرى كما أنجب تحتمس الثانى من إحدى عشيقاته ولدًا هو تحتمس الثالث، والذى سوف ينازع حتشبسوت الحكم بعد ذلك.

تمكنت حتشبسوت من الانفراد بالحكم سريعا بعد وفاة زوجها في إحدى المعارك التى خاضها من أجل إخماد تمردًا حدث في المناطق الصحراوية الخاضعة لمصر، اتجهت إلى سلسلة من الإصلاحات الداخلية وشهد عصرها الكثير من الإنجازات؛ فشقت الترع والقنوات ونهضت بالزراعة وأصلحت ماتم هدمه من المعابد، وسعت من أجل انعاش التجارة، فجاء التبادل التجاري بين مصر وجيرانها وشهد عصرنا أشهر الرحلات التجارية وهى الرحلة التجارية إلى بلاد "بونت" وجاءت جدران معبد الدير البحري مزينة بالنقوش والرسامات التى تعبر عن تفاصيل هذه الرحلة.

وكما أنعشت حتشبسوت التجارة أمرت بإعادة العمل في مناجم النحاس والملاكيت بشبه جزيرة سيناء، والتى توقف فيها العمل أثناء حكم الهكسوس، سادت حالة من الاستقرار والرخاء في الدولة أثناء حكم حتشبسوت، ولكن دوام الحال من المحال؛ فقد بدأت الدولة تعاني من التهديدات الخارجية هذا بالإضافة لحالة البلبلة التى آثارها الكهنة المعارضين لحكم حتشبسوت لكونها إمرأة، كما بدأ تحتمس الثالث الابن غير الشرعي لتحتمس الثانى بالمطالبة بحقه في الحكم، وتم إتهامها بالإنصراف نحو شئون البلاد الداخلية والإهمال في إعداد الجيش مما عرض البلاد للخطر الخارجي.

بعد وفاة الملكة الفرعونية حتشبسوت عمل تحتمس الثالث على محو آثارها وطمسها وإدعاء إستيلائها على عرش والده كما حطم تماثيلها وعلى الرغم من محاولاته لطمس معالم هذه الملكة العظيمة وإتلافها إلا أن معبد الدير البحرى بقى كواحد من أعظم أبنية التاريخ الفرعوني، وواحد من أشهر الأماكن الأثرية التى تم تصميمها وبناءها في العصر الفرعوني، والتى أوكلت الملكة حتشبسوت مهمة بنائه للمهندس الملكي  "سنموت"، والذى كان بينه وبين الملكة الكثير من الحب والإعجاب والإخلاص المتبادل فشيد لها واحدًا من أروع الأبنية؛ ليظل أثرًا خالدًا يدل على روعة المعمار والتصميم الذى تمتع به هذا العصر، وكشاهد على حبه العظيم لها كرمته الملكة بأن سمحت له بحفر مقبره لنفسه داخل حرم معبدها ليكون بجوارها إلى الأبد ويعد هذا المعبد تحفه فنيه مما تركه لنا أجدادنا، ويعد هذا المتحف تحفة فنية وأحد الآثار التاريخية القيمة التي تركتها حتشبسوت.