عبدالحفيظ سعد يكتب: أخطر إرهابى من القاهرة للصعيد

مقالات الرأي



■ عمرو سعد جند عناصر عائلية لتنفيذ العمليات وسافر إلى سيناء وليبيا

■ مهاب السيد لعب دور التنسيق وجمع المعلومات وسبق له السفر إلى قطر 2015


وسط ارتفاع مؤشرات الخطر، من عودة إرهابيى داعش، والتنظيمات الإرهابية الأخرى من سوريا والعراق، إلى بلادهم الأصلية.. مازالت قضية تنظيم داعش فى الصعيد، والتى تحمل رقم 1040 لسنة 2016 حصر أمن الدولة والمعروفة إعلاميا بقضية تفجيرات الكنيسة البطرسية بالعباسية، تحمل كثيرا من الأسرار والألغاز.. سواء فى تمويل هذه المجموعة أو الطرق التى تم بها تجنيدهم.

ونفذت هذه الخلية عدة عمليات إرهابية، بالإضافة إلى تفجير كنيسة المرقسية، أيضا تفجير الكنيستين فى الإسكندرية وطنطا، وسبقهما الهجوم على كمين "النقب" على حدود محافظة الوادى الجديد.

ويعد أبرز هذه الألغاز، شخصية الهارب "عمرو سعد عباس"، والذى كشفت التحقيقات مع المتهمين فى تلك القضية، عن أنه يعد العقل المدبر والخيط الأول وراء تلك الخلية والتى ألقى القبض على ما يقرب من 50 متهماً فيها حتى الآن، مازال 14 متهما هارباً حتى الآن، أبرزهم "عمرو سعد"، ومعه "مهاب السيد"، ورصدت الأجهزة الأمنية مكافأة نصف مليون جنيه لمن يرشد بمعلومات عنهما.

خاصة أن التحقيقات الأمنية كشفت أنهما جزء من الربط بين التنظيمات الإرهابية فى الخارج وداخل مصر، بعد أن رصد أنه سافر إلى العاصمة القطرية الدوحة فى عام 2015.. مع بدء تشكيل هذه الخلية.

بينما كان زميله "عمرو" يقوم بالتواصل مع عناصر داعش فى سيناء، وقيامه بالسفر إلى ليبيا والالتقاء بمجموعات إرهابية فى الكفرة ودرنة فى ليبيا وتلقى تمويلات منها.

ومع الربط بين قطر والعناصر الإرهابية فى ليبيا، وتواصل عمرو سعد مع عناصر داعش فى سيناء بدأت تحركات وتدريبات "خلية الصعيد" والتى تدل التحقيقات، أنها بدأت تتلقى التدريبات فى جبل «الشرقى بالصعيد» فى المنطقة بين سوهاج وقنا، بالإضافة إلى مزرعة فى قرية "المراشدة" بقنا، والذى قامت عناصر هذه الخلية بتلقى التدريبات بها بعد قيامهم بحفر بئر مياه بقيمة ربع مليون جنيه، للتمويه، بأنهم يقومون بالزراعة فيها، للتغطية على التدريبات التى كانوا يقومون بها.

ولذلك كان عمرو سعد محور هذه الخلية، والذى أسند إليه من قبل تنظيم داعش، قيادة هذه المجموعة، والتى كانت تتخذ من محافظات الصعيد مأوى لها. ولكن ظهر أن عملياتها كانت فى محافظة الوجه البحرى والقاهرة، باستثناء عملية الهجوم على كمين النقب.

ونلاحظ أن "عمرو سعد" اعتمد فى تشكيل هذه الخلية على العناصر العائلية والمقربين منه، والذى كان أبرزهم "محمود حسن مبارك عبدالله" الذى نفذ الهجوم الإرهابى على كنيسة مارمرقس فى الإسكندرية، وهو زوج شقيقة "عمرو سعد"، كما كان "عمرو سعد" وراء تنفيذ حادث تفجير الكنيسة البطرسية الأرثوذكسية بالعباسية، بواسطة الانتحارى "محمود شفيق"، فى نهاية العام الماضى.

وتكشف أوراق القضية عن تجنيد "عمرو سعد" ابن عمه سلامة وهبة الله عباس، بالإضافة إلى شقيقه الأكبر "عمر عباس"، وهما مقبوض عليهما ضمن الخلية عقب تفجير الكنيسة البطرسية.

كما برز من أقوال باقى المتهمين فى التحقيقات، الدور الذى يقوم به " عمرو سعد فى تلك القضية، باعتباره أنه القائد والذى يصدر التعليمات، رغم أن عمره 32 سنة، هو مواليد أغسطس 1985، وحاصل على دبلوم صنايع، كما أنه شكل مع زميله الهارب الآخر "مهاب السيد"، والذى سبق له السفر لقطر فى عام 2015، القيادة الفعلية للخلية الإرهابية.

ومن هنا تدل التحقيقات الأمنية، بالإضافة إلى عدة شواهد، أن "عمرو سعد"، نفذ الهجوم على كمين النقب بالوادى الجديد، ما أسفر عن استشهاد عدد من أفراد الكمين، وتم تحديد المتورطين وضبط بعضهم، ولقى اثنان منهم مصرعهما أثناء مقاومتهما خلال عملية ضبطهما، وهناك رابط بين هذه المجموعة، وخلية، تمت تصفية 7 من أبرز كوادرها، أثناء ملاحقتهم بنطاق الجبل الشرقى بمحافظة أسيوط، فى 10 إبريل الماضى.

  ومن هنا يبرز الدور الخطير للإرهابى عمر سعد، وأنه يعد قائد خلايا تنظيم داعش خارج مدن القناة، وتحديدا فى الصعيد. وأشارت المصادر إلى أن المتهم عمرو سعد، تلقى تكليفات بتكوين خلايا إرهابية فى محافظات الصعيد، على أن تكون هذه العناصر تربطها صلة قوية لعدم الكشف عنها ومنع الرصد الأمنى، وربط تلك الخلايا بعناصر تابعة للتنظيم فى محافظات الوجه البحرى، والقاهرة، والإسكندرية، عن طريق المتهم مهاب مصطفى السيد.

ولذا مع استمرار هروب كل من "عمرو سعد"، و"مهاب السيد" يستمر الخطر من قيامهما بعمليات إرهابية أخرى، خاصة أن لهما خبرة فى التنكر والتحرك عبر الدروب الصحراوية، ويزداد الخطر أكثر مع المؤشرات، بعملية جلب إرهابيين آخرين من المناطق المشتعلة، خاصة فى سوريا والعراق، مع خسائر التنظيم، وصدور تعليمات لهم بالعودة إلى بلادهم الأصلية، والتى كان أبرزها تهديد الداعشى، أبوإسحاق الفرنسى الملقب بـ«الفرنسى الأسود»، من على أحد منابر مساجد مدينة تلعفر العراقية بداية هذا الأسبوع بتنفيذ التنظيم عمليات إرهابية، من خلال عناصر من الذئاب المنفردة التى تنتمى للتنظيم الإرهابى داعش ودعوتهم للعودة لبلادهم.

وبالتزامن مع ذلك جاء الاتفاق الذى تم تنفيذه بين حزب الله وجبهة النصرة، بخروج مسلحى الجبهة من منطقة عرسال اللبنانية وتوجههم إلى سوريا، وخروج المسلحين الأجانب إلى وجهات أخرى.

ونجد أن تلك الصفقات التى تمت فى سوريا، يأتى لها مردود عمليات إرهابية فى مصر، وظهر ذلك فى اتفاق البلدات السورية الأربع، والذى تم برعاية قطرية - إيرانية فى إبريل الماضى والذى تم على الأراضى العراقية وأفرج بمقتضاه عن عدد 26 من عناصر المخابرات القطرية، بعضهم ينتمى للعائلة الحاكمة القطرية، ودفع فى الصفقة مليار دولار من قبل الدوحة، بالإضافة لخروج الإرهابيين والمسلحين الأجانب من سوريا، إلى بلاد أخرى، ونقلهم لمناطق أخرى أبرزها مصر وليبيا.

وبالفعل عقب هذه الصفقة، حدثت العملية الإرهابية التى استهدفت أتوبيسا يحمل مجموعة من الأقباط فى طريق دير الأنبا صموئيل المعترف بالمنيا، فى نهاية مايو الماضى، وراح ضحيتها 26 من الشهداء، والتى يتضح من طريقة تنفيذها أن عناصر جاءت من الخارج بالتنسيق مع عناصر داخلية مثل خلية الصعيد التى يقودها عمر سعد، بتنفيذ العملية.

ومن هنا يبرز خطورة عناصر هاربة مثل عمرو سعد، والاعتماد عليها فى تنفيذ عمليات، فى ظل تحول المقاتلين الأجانب فى سوريا والعراق، إلى قتلة مرتزقة، على طريقة "بلاك ووتر" لمن يوجههم ويدفع.. واللعب بورقة الإرهاب فى الصراعات الدولية، وعدم وجوده فقط لسبب التطرف العقائدى والدينى، بل تحول الآن، لأداة بعض الدول تحركها لتصفية حسابات مع دول أخرى، مع التنسيق مع عناصر محلية، مثل عمرو سعد وآخرين من الذين تم تجنيدهم، والذين يبدو أن لهم تواصل خارجى سواء مع قيادات التنظيم فى ليبيا أو سيناء، بالإضافة لعلامات الاستفهام حول سفر الرجل الثانى فى الخلية "مهاب السيد" والذى سافر بالفعل إلى الدوحة.. ومن هنا لابد من إضاءة شارات الخطر فى ظل تحول الإرهاب إلى لعبة دولية، تتم عبر عناصر محلية.