ما هو السر وراء "مغارة هرقل"؟

منوعات

مغارة هرقل - أرشيفية
مغارة هرقل - أرشيفية


جرت رياح مضيق جبل طارق، وأمواج البوغاز، حيث يلتقي المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط، بما تشتهيه جغرافيا القارة الأفريقية، لتنحت قوى الطبيعة في مدينة طنجة المغربية، نافذة على أوروبا أخذت شكل القارة السمراء.

هذه النافذة، مغارة هرقل ليست سوى فوهة مغارة تقع بمدينة طنجة في أقصى الشمال الغربي للبلد الأفريقي الذي لا تفصله عن إسبانيا سوى بضع كيلومترات قليلة.

وما إن يدخل الزائر من الفوهة حتى يشعر وكأنه داخل منزل مكيف بهواء طبيعي، تنبعث منه سيمفونية لَحْنُها حركات المد والجزر، وتلامس الأمواج بالصخر القريب، وإيقاع الرياح.

الزائر للمكان لا يفرق بين الحقيقة والأسطورة، مثلما لا يفرق “هرقل” في استقطاب الملوك والمشاهير أو عامة السياح.

وعن هذا المعلم، يقول المرشد السياحي أحمد الهشطي:إن مغارة “هرقل” عرفت زيارات العديد من الشخصيات السياسية والفنية من مختلف بلدان العالم، أبرزهم رئيس الوزراء الإسباني السابق “خوصي رودريكث ثباتيرو”، ووزير خارجيته “ميغيل أنخيل موراتينوس”، وقبلهما زار المكان الكاتب الأمريكي الشهير “بول بولز”، الذي كان صديقا مقربا للكاتب المغربي العالمي “محمد شكري”.

وأضاف الهشطي أنه من أبرز المسؤولين الذين يترددون على المكان أيضاً، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يختار باستمرار قضاء عطلته في قصره على بعد كيلومتر واحد من المغارة.

وأشار المرشد السياحي إلى أن العاهل السعودي داوم على زياراته لهذا المكان منذ أن كان وليا للعهد؛ حيث كان يسجل حضوره مرتين أو ثلاث مرات في السنة.

ونُسجت حول المغارة الكثير من الروايات والأساطير، التي يعود معظمها إلى الثقافة الإغريقية، بعضها يقول إن هرقل كان سجينا في الكهف، فحاول ذات يوم الخروج منه، وضرب الحائط، فأحدث ثقبا كبيرا أصبح يشبه إلى حد كبير خريطة أفريقيا، وبعد الضربة انفصلت القارتان الأفريقية والأوروبية.

أسطورة أخرى تتحدث عن أطلس ابن نبتون، الذي كان له ثلاث بنات يعشن في بستان ينتج تفاحا ذهبيا، ويحرسهن وحش، قاتله هرقل وهزمه، لكن هرقل أثناء الصراع ضرب الجبل، فانشق، لتختلط مياه المتوسط الزرقاء بمياه الأطلسي الخضراء، وتنفصل أوروبا عن أفريقيا.

وبمثل هذه القصص وغيرها من الأساطير، يرافق المرشدون السياحيون مئات الزوار الذين يأتون إلى المغارة بالموازاة مع زيارتهم لمدينة طنجة.

أحمد الهشطي أوضح كذلك، أن المغارة إرث يعود تاريخه إلى ما يزيد عن 2500 سنة قبل الميلاد، منذ عهد الرومان والفنيقيين، وتشمل مغارة طبيعية وأخرى اصطناعية منحوتة.

ولفت المرشد إلى أن المغارة كانت ملاذاً لعيش السكان القدماء الذين كانوا يمارسون أنشطة حياتهم اليومية في المنطقة.

وتعتبر مغارة “هرقل” التي تم اكتشافها عام 1906، من أكبر مغارات أفريقيا، وتوجد بها سراديب تمتد على مسافة 30 كلم في باطن الأرض، ويرجح الباحثون أنها كانت تُستغل كمعمل لصناعة الرحى (مطاحن تقليدية للحبوب) منذ الفترة الرومانية حتى العصر الحديث.

وتضم الآثار التي اكتشفت في المغارة تماثيل آدمية وأدوات حجرية وخزفية تدل على أهمية الحضارة التي عرفتها المنطقة خلال العصر الحجري الحديث.