ماذا عن مذكرات مرقص باشا سميكة؟

منوعات

مرقص باشا سميكة
مرقص باشا سميكة


التعريف به
الدكتور سمير سميكة، أستاذ أمراض النساء والتوليد وحفيد مرقص باشا سميكة، مؤسس المتحف القبطى، أصدر كتاباً  يضم مذكرات والده، وذلك بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المتحف.

ماذا عن القصص التى تضمنتها مذكرات والده؟ 
وعن أبرز القصص التى تضمنتها مذكرات والده قال: إن مرقص سميكة باشا توجه لزيارة البطريرك كيرلس الخامس فى عام 1908، فوجده يشرف على عملية وزن بعض العلب الفضية القديمة لحفظ الأناجيل، وكذلك بعض الأوانى الكنسية التى تعود إلى القرنين الـ14 والـ15، فأبدى سميكة باشا رغبته فى شرائها كبداية لإنشاء متحف للآثار القبطية، فوافق البطريرك على هذا، واختار سميكة قطعة من أراضى الأوقاف التابعة للكنيسة القبطية ذات موقع فريد لتكون نواة للمتحف القبطى.

وأشار سميكة إلى أن المتحف القبطى افتتح رسميا فى 14 مارس عام 1910 فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى، حيث كان مرقص سميكة باشا أول مدير له، وقد اهتم بعمارة هذا المتحف اهتماماً شديداً وقام بتزيين أسقف وممرات جناح العرض فيه بأعمال فنية وأثرية جلبها من بعض القصور والمبانى القديمة التى كان يملكها الأقباط، كما أسس مكتبة المتحف الحالية فى عام 1920 م وأمدها بمجموعة ثمينة من الكتب والمخطوطات التى يعود أغلبها إلى القرن الرابع الميلادى.

وأضاف أنه فى عام 1931 قامت الحكومة المصرية بضم المتحف القبطى إلى أملاكها، نظراً لأهميته التاريخية والحضارية، ولذلك عمل سميكة باشا على نقل الجزء الأكبر من الآثار القبطية التى كانت فى حوزة المتحف المصرى إلى المتحف القبطى، كما حصل على دعم مالى لإضافة جناح جديد أكبر حجماً، واستمر سميكة باشا فى العمل على إنجاز هذا المشروع حتى وفاته فى عام 1944.

من هو مرقص سميكة باشا؟ 
ولد مرقص سميكة باشا في عائلة قبطية عريقة تضم رجال دين ورجال قضاء، وبعد الإنتهاء من تعليمه عمل في منصب مرموق في مصلحة السكك الحديدية المصرية ثم اعتزل خدمتها في عام 1907 ولما كانت جهوده موضع تقدير ورعاية فقد أنعم عليه بالبكوية، وبالنيشان العثماني، كما أنعم عليه برتبة ” المتمايز” ثم برتبة الباشاوية.

وقد عمل بعد ذلك بالآثار القبطية حتى وفاته ، ويروى في مذكراته أن سبب إهتمامه بشكل خاص بدراسة آثار العصر القبطى نشأ عن قراءاته وأعمال بتلرسترزيكوڤسكى، كلارك وكان عضواً في مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى والجمعية الملكية الجغرافية ومجلس أعلى دار الآثار العربية وعضو مجلس الأثريين في لندن وعضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة.

كان مرقس سميكة باشا عضواً بالمجلس الملي الثالث والرابع عامى 1892 و 1906م وقد تقدم بإقتراح للبابا يؤانس التاسع عشر البطريرك الـ 113 بتنظيم مكتبات الأديرة وعمل سجلات وفهارس لمحتوياتها وحفظها في دواليب خاصة ، وقد وافق البابا على الإقتراح وقام الأستاذ يسي عبد المسيح بهذه المهمة الشاقة وبالفعل وضع سجلاً وافياً لكل مكتبة من مكتبات الأديرة القبطية.

تأسيسه للمتحف القبطي :
كان أول من أهتم بجمع الاثار القبطية العالم الآثرى الشهير ماسبيرو ، فقد أنشأ في المتحف المصرى قسماً خاصاً بها ووضع ما عثر عليه من آثار فيه.

وفى عام 1908م قام مرقس سميكة باشا بتأسيس المتحف القبطى الذى يقع في منطقة مصر القديمة أمام محطة مترو الأنفاق المواجهة لكنيسة مار جرجس الروماني ، وقد أفتتح هذا المتحف رسمياً عام 1910م وقد كان الغرض من إنشائه أن تجمع فيه كل الاثار والوثائق التى تساعد على كشف الستار عن دراسة غوامض تاريخ العصر المسيحى في وادى النيل ، وقد قام بجمع المال اللازم لهذا المشروع من التبرعات العامة التى تقدم بها كثير من أعيان الشعب القبطى ونخبة كبيرة من محبي الفنون والآثار.

وقد أنشأت المبانى الأولى لهذا المتحف على جزء من الأرض تابع لأوقاف الكنيسة القبطية تفضل بتقديمها البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 ، وقد سمح أيضاً بنقل جميع التحف والأدوات القبطية الأثرية : كالمشربيات والسقوف والأعمدة الرخامية والنوافذ واللوحات والحشوات الخشبية المنقوشة والأبواب المطعمة والآرائك وقطع القيشاني التى كانت في المنازل القديمة المتداعية التى كان الأقباط يملكها إلى هذا المتحف الناشئ.

وقد ظل المتحف القبطى ملكاً للبطريركية حتى عام 1931م حين قررت الحكومة ضمه إلى أملاك الدولة لما رأت قيمته الأثرية الهامة بإعتباره يمثل حقبة هامة من سلسلة حقبات الفن والتاريخ المصرى القديم وقد ظل مرقص سميكة مديراً للمتحف حتى عام 1944.

ومن روائع أعمال مرقس سميكة إهتمامه الشديد بالعمل على كسوة جميع سقوف قاعاته العديدة بجناحيه بنماذج هائلة من قطع السقوف القديمة ذات النقوش البديعة المتعددة الألوان والأشكال ، وقد إضطره هذا العمل الجبار لإستحضار عدد كبير من خبراء النجارين القدامى والمشتهرين بالبراعة في هذا النوع من النجارة الدقيقة ، فجاء هذا العمل مفخرة عظيمة إذ سبغ على هذا المتحف نوعاً فريداً من الفن الرائع.

وإسداء لما قدمه من أعمال باقية على مر الزمن ، وتقديراً لمثله العليا ، وما قدمه للوطن من علم وفن رفيع قررت الحكومة عمل تمثال نصفى له على نفقة الدولة أقيم له وسط الحديقة الخارجية أمام مدخل المتحف إعترافاً منه بعظيم فضله وتكريماً له على جليل خدماته.

يذكر صديقه الأستاذ حسن عبد الوهاب أنه رآه يوماً قبل وفاته يتفقد الكنائس القبطية في مصر القديمة متوكئاً على عصاه وخلف كرسى يستريح عليه بين الحين والآخر ، وفى الأيام التى كان المرض يقعده فيها عن ذهابه إلى المتحف كان يعمد إلى التلفون سائلاً مستفهماً موجهاً مساعديه إلى إنجاز شئون المتحف توفي سميكة باشا يوم 2 أكتوبر 1944م.