مي سمير تكتب: 50 عاما على الزواج الكاثوليكى بين "الإخوان" وقطر

مقالات الرأي



إخوانى بالمغرب يفضح خطة تمكين الجماعة فى الدوحة

■ الدوحة تمول "CMF" وشبكة طارق رمضان المرتبطة بالجماعة فى فرنسا وأوروبا


تحت عنوان «50 عاماً من تمكين الإخوان فى قطر»، رسم الكاتب الفرنسى ذو الأصول المغربية محمد اللوزى، صورة متعددة الملامح للعلاقة التى تجمع بين جماعة الإخوان ودولة قطر.

اللوزى هو عضو سابق فى جمعية التوحيد والإصلاح فى المغرب وهى أحد فروع تنظيم الإخوان فى المغرب العربى، كما كان رئيس اتحاد الطلاب المسلمين فى فرنسا، والتابع أيضاً للتنظيم الدولى للإخوان، وبعد ما يقرب من 15 عاماً فى الجماعة قرر اللوزى تركها فى عام 2006.

لم يكتف اللوزى بالانشقاق عن التنظيم ولكنه قرر التفرغ من أجل فضح الوجه الحقيقى للإخوان ونشر العام الماضى كتابه «لماذا غادرت جماعة الإخوان المسلمين».

فى البداية أشار اللوزى إلى ضرورة العودة إلى نهاية خمسينيات القرن الماضى حيث ركزت الجماعة اهتمامها على قطر، وحرصت على جعل تعليم الشباب فى قمة أولوياتها هناك، كما اتبعت الجماعة نفس الاستراتيجية فى فرنسا من خلال مؤسسات التعليم الخاصة.

وبحسب اللوزى فإن الدوحة اعتمدت على جماعة الإخوان لمحاولة توسيع نطاق نفوذها خارج حدودها الجغرافية، فى هذا الإطار فإن الأزمة التى يشهدها العالم مع سياسات قطر ما هى إلا نتيجة طبيعية لهذا التاريخ الطويل من تلك العلاقة المعقدة التى جمعت بين قطر والتيارات المتطرفة وعلى رأسها الإخوان.

يرى اللوزى أن العديد من مفاتيح فهم القضية ترتبط بهذه القصة المعروفة، بما فى ذلك قصة 3 موجات من الهجرة، قام بها قادة الإخوان إلى الدوحة حيث جعلوها قاعدتهم خلال الـ60 عاماً الماضية، فى هذا الإطار يمكن للمرء الحديث عن زواج كاثوليكى بين قطر وجماعة الإخوان ليس فيه انفصال.


1- بعض الفارين من «عبدالناصر» أسسوا علاقات مع الأسرة الحاكمة

مع حلول منتصف خمسينيات القرن الماضى، تلقت قطر التى كان عدد سكانها لا يتجاوز الـ40 ألفا أول موجة من اللاجئين الإخوان الفارين من مصر وحكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كانت هذه الموجة الأولى بقيادة عبدالبديع صقر، وعبد المعز عبدالستار، وأحمد العسال، والقيادى غير البارز وقتئذ يوسف القرضاوى.

ونظراً لقلة عدد القطريين فى هذا الوقت وتمركزهم فى الدوحة اتسمت مهمة هذه القيادات الإخوانية بالسهولة وتمتعوا باعتراف واحترام كبيرين، كما تمكنوا من بناء علاقة من الثقة المتبادلة مع العائلة المالكة.

علاقات الثقة التى تمت فى ذلك الوقت مع العائلة المالكة- التى لوحظ أيضاً أن نشأتها الإيجابية تعود إلى الأمل القطرى أن هذه الأطر الإسلامية قد تمكن الإمارة من التمتع بوزن ثقافى وفكرى، وإذا أمكن، المنافسة فى المستقبل مع النظام الملكى السعودى - مكنت يوسف القرضاوى فى المشاركة بنشاط فى تأسيس كلية العلوم الإسلامية القطرية وكتابة المناهج الدراسية.

وتمكنت جماعة الإخوان بفضل الوضع الاجتماعى والاقتصادى والاستقرار السياسى للإمارة من الترسخ أكثر فى تثقيف الشباب بأفكارها ونشرها بسهولة، خصوصاً فى ظل اختفاء المنافسة الأيديولوجية من قبل أى تيار آخر، وعلى سبيل المثال تم العمل على نشر أفكار حسن البنا ونقل الإخوان جميع أدبيات الحركة للشباب القطرى مثل كتب الإخوانى سيد قطب واللبنانى فتحى يكن والسورى سعيد حوى، وغيرهم، ومع نكسة 1967 انهارت نهائياً قيم القومية العربية، ما ساهم فى التمهيد لأيديولوجية الجماعة وشعار ها»الإسلام هو الحل».


2- إخوانى من سوريا يسيطر على وزير قطرى لإصدار أفكار الجماعة فى كتب

جاءت الموجة الثانية من هجرة الإخوان إلى قطر من سوريا، وضمت هذه الموجة الفارين من النظام البعثى للرئيس حافظ الأسد، عندما حاصرت السلطات السورية فى نهاية السبعينيات التنظيم، رداً على مناخ من انعدام الأمن والإرهاب بسبب الأعمال الإرهابية التى كان ينفذها الجناح العسكرى السرى للإخوان، والتى تجسدت فى العديد من عمليات الاغتيالات السياسية وأعمال العنف الأخرى مثل تلك التى وقعت فى يونيو 1979، عندما نجح الكوماندوز الإخوانى فى تصفية 32 طالباً، داخل مدرسة المدفعية بحلب.

بعد هذه الواقعة لجأت الكوادر الإسلامية إلى العديد من دول الخليج، خاصة قطر حيث كانت الجماعة قد وضعت بالفعل الأسس اللازمة لتحويل قطر لقاعدة أساسية لاستقبال الإخوان من مختلف دول العالم.

ومن ضمن قيادات الجماعة الفارين من سوريا إلى قطر فى نهاية السبيعنيات استطاع القيادى عمر عبيد حسنة، التواصل مع اثنين من تلاميذ القرضاوى فى قطر وهما الشاب القطرى عبدالرحمن عبدالله آل محمود الذى تعلم فى جامعة الأزهر بالقاهرة وأصبح فى عام 1996 وزيرا للشئون الدينية فى قطر، والشاب الثانى كان يوسف مظفر، وأسس الثلاثة أول لجنة تحرير لمجلة وكتاب الأمة وكان يتم تمويلهم من قبل رئاسة المحاكم الشرعية والشئون الدينية فى قطر.

تولى عمر عبيد رئاسة تحرير مجلة الأمة فى أول 6 سنوات من إصدارها فى الفترة من 1980 إلى 1986، كما تولى الإشراف على إصدار كل كتب الأمة التى استمرت فى الصدور لأسباب غير معلومة حتى يومنا هذا رغم توقف المجلة، وفى عام 1994 قدمت قطر الجنسية القطرية لشقيق عبيد تقديراً لجهوده الكبيرة فى خدمة الإمارة الصغيرة الغنية بالبترول.


3- الدوحة احتضنت الإخوان والإسلاميين الهاربين بعد «11 سبتمبر»

أتت الموجة الثالثة من الإخوان إلى قطر فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر عام 2001، حيث واجه عناصر الجماعة المقيمين فى العديد من دول الخليج مشكلات أمنية مع السلطات فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر بسبب الضغط الأمريكى الأمر الذى دفع الإخوان إلى الهرب إلى جنة قطر الخالية من مثل تلك المضايقات، وظل الوضع فى قطر كما هو دون تغيير وظلت الإمارة الصغيرة فاتحة ذراعيها للإخوان.

أتى وصول الموجة الثالثة للإخوان فى لحظة فاصلة فى تاريخ الجماعة فى الدوحة فى تلك الأثناء كان هناك جدل قائم بضرورة حل الفرع القطرى للجماعة وكان هذا الخيار التطوعى والاستراتيجى، بدأ فى الظهور على السطح عام 1999، حيث كان هناك جزء من الجماعة بالإمارة، يضم حوالى 100 من العناصر الناشطة للغاية، وبعد سنوات من التفكير، قرروا تحت إشراف القيادى الاستراتيجى جاسم سلطان، حل فرع الجماعة القطرى عضوياً وإدارياً بدعوى أن بقاء الجماعة فى إطار الشكل التنظيمى من شأنه خلق مزيد من المخاوف الأمنية والتنظيمية. ولكن فى نفس الوقت كانت الجماعة تطبق استراتيجية قائمة على التسلل إلى جميع مجالات الحكومة المركزية.

منذ عام 2003، تحول جزء من الجماعة فى قطر إلى شكل من أشكال المفكرين والدعاة التى تنعكس أصداء أفكارهم بقوة لدى الطبقات العليا للسلطة، ومع ذلك ظلت مجموعة أخرى من الإخوان القطريين فى الكيان التنظيمى تحت قيادة عبدالعزيز محمود، وحافظت هذه المجموعة على استراتيجيات عمل الجماعة المعتادة بدءاً من تنظيم أنشطتهم واجتماعاتهم، والعمل بشكل خاص على استقطاب الشباب.

وفى عام 2003، بدأت مرحلة جديدة من الجذور المؤسسية الأيديولوجية للجماعة، حيث فضل البعض أن يذوب داخل كتلة السكان القطريين الصغيرة، على اعتبار أن هذا الانخراط هو عملية أكثر أماناً وأكثر كفاءة من وجود الهيكل الهرمى المعتاد للجماعة.

على الناحية الأخرى فضل قطاع آخر من داخل الجماعة الحفاظ على الهيكل التنظيمى للجماعة بما فى ذلك المراحل التحضيرية المتعددة التى يجب أن يخوضها أى عضو جديد كى يحظى فى النهاية بعضوية الجماعة ولقب إخوانى الذى يستلزم الالتزام التنظيمى، والطاعة الكاملة للقيادات، والتحرك فى ظل الاستراتيجية العامة للجماعة.

هذه التطورات التكتيكية، مع وجود جزء من الجماعة معلن وجزء آخر سرى، منح الجماعة مزيدا من حرية التحرك وأكسبها تواجدا قويا داخل السلطة سواء من خلال قطاعات التعليم، أو من خلال التواجد الإعلامى المهم عبر قناة الجزيرة على وجه الخصوص وكذلك من خلال نشر أيديولوجية الجماعة بفضل أموال قطر بكل اللغات وفى الأركان الأربعة لكوكب الأرض.

ينهى محمد اللوزى تقريره عن تمكين الإخوان من دولة قطر بالإشارة إلى أن قطر تمول كثيرا من التنظيمات الإسلامية المرتبطة بجماعة الإخوان، فى فرنسا وأوروبا، مثل جمع مسلمى فرنسا «CMF» ومساعدة العديد من الشخصيات المؤثرة، مثل طارق رمضان وشبكته الإخوانية من الباحثين والصحفيين.