محمد عوض.. نجم الكوميديا الذي أضحك العرب من المحيط إلى الخليج

الفجر الفني

الفنان محمد عوض
الفنان محمد عوض


أحد نجوم الكوميديا الهادفة، ينتمي إلى مدرسة نجيب الريحاني ويمزج الفكاهة بالمواقف الإنسانية المؤثرة، ولطالما كان يعتبر أن الفكاهة الهادفة أكثر فائدة وتأثيراً من المقالة المكتوبة أو الخطبة أو الموعظة، كان دائماً يردد: "شعار الضحك للضحك هدف عظيم، وإضحاك الجماهير في حد ذاته عمل عظيم أيضاً، والأعظم أن يمزج الممثل بين الضحك والمواقف الإنسانية المؤثرة".

 

نجم الكوميديا الراحل الفنان محمد عوض، الذي أضحك الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج بخفة ظله وتلقائيته وأسلوبه الكوميدي المميز والمتفرد الذي قدمه من خلال أعماله الكثيرة، كان في حياته الخاصة، شخصاً خفيف الظل لأقصى درجة وتلقائياً ومرحاً لأبعد الحدود .

 

ميلاده

ولد محمد محمد عوض ناصر، في القاهرة بمنطقة العباسية في 12 يونيو عام 1932، تعلم في مدرسة التربية النظامية الأولية في العباسية، ثم حصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة "خليل آغا" سنة 1943، وانتقل بعدها إلى مدرسة فاروق الأول الثانوية النموذجية، وبعد حصوله على شهادة التوجيهية، كان يتمنى الالتحاق بالكلية البحرية، ليضمن إقامته في الإسكندرية صيفاً وشتاءً لأنه كان عاشقاً لها، ولكنه عاد وعدل عن قراره بطلب من والده فاختار الدخول إلى كلية الآداب قسم الفلسفة في جامعة عين شمس .

 

شارك محمد عوض مع فريق التمثيل في حفلات الجامعة، وحاز الميداليات الذهبية مما حفّزه لبناء شخصيته الفنية والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية .

 

تزوج عوض في سبتمبر عام 1958 من زميلة له في المدرسة، وكانت أول حب له في حياته، وأنجب منها 3 أولاد، ولدان دخلا عالم الفن وهما المخرج عادل عوض والممثل علاء عوض وهو ممثل كوميدي، والثالث مصمم الاستعراضات عاطف عوض .

 

بدايته الفنية

بدأ محمد عوض علاقته بالفن والتمثيل في سن صغيرة، حيث أدرك الموهبة في داخله من خلال مشاهدته للأفلام والمسرحيات، خاصة التي كان يغلب عليها الطابع الكوميدي، وأثناء دراسته بكلية الآداب كان من أشهر فناني مسرح الجامعة، من خلال إعادة تقديم مسرحيات نجيب الريحاني مثل "30 يوم في السجن، الدلوعة، لو كنت حليوة، حكم قراقوش، والدنيا لما تضحك"، ولاقت نجاحاً كبيراً واستحسان الجمهور، خاصة أن نبرة صوته قريبة إلى حد ما من نبرة صوت الراحل نجيب الريحاني، ما جعله يتواصل مع الجمهور بسرعة وبشكل كبير .

 

نجاحه في أداء "الريحاني" أهّله للانضمام لمسرحه في ديسمبر عام 1956 براتب شهري عشرة جنيهات، وعندما أصيب بطل فرقة الريحاني عادل خيري بالمرض عام 1959 أسندت إليه كل أدواره.

 

ويعتبر دوره في رواية "حاسب من دول" هو تاريخ ميلاده الفني الحقيقي على خشبة مسرح الريحاني، لينتشر اسم محمد عوض على الأقل في محيط الوسط الفني .

 

لم يكتف محمد عوض بإثبات موهبته وممارسة هوايته فقط، بل سعى للتعرف إلى الفنان عبدالمنعم مدبولي، الذي ضمه لفرقة "ساعة لقلبك"، وأيضاً لفرقة المسرح الحر، ليتزامل مع بقية نجوم جيله من فناني الكوميديا فؤاد المهندس، وأمين الهنيدي، وعدلي كاسب، ومحمد أحمد المصري، وإن كان المهندس ومدبولي قد سبقاه إلى عالم الفن لكنه مع تواصل معهما في مشواره ونجوميته التي أتت مبكراً وأصبح يصنف ضمن هذا الجيل الذهبي للكوميديا الذي بدأ يرسخ أقدامه على الساحة الفنية في نهايات الخمسينات وطوال حقبة الستينات والسبعينات .

 

بعد انضمام عوض لفرقتي "ساعة لقلبك" و"المسرح الحر"، ظهرت موهبته سريعاً وأثبت أنه بالفعل مشروع لنجم كوميدي كبير، وذلك من خلال مشاركته في العديد من الأعمال المسرحية والإذاعية التي كانت تقدمها الفرقتان خلال هذه الفترة، ومع بدايات الستينات وظهور فرق مسرح التلفزيون، كان محمد عوض من أوائل الفنانين الذين عملوا بها وظهر على المسرح كبطل مطلق في العديد من المسرحيات المهمة التي أخرجها عمالقة الإخراج المسرحي في تلك الفترة .

 

الستينات والسينما

وخلال نفس الحقبة أي "الستينات" أصبح محمد عوض في مصاف نجوم الكوميديا خصوصاً أنه عرف طريقه إلى السينما وقدم أول أفلامه من خلالها مع المخرج شريف والي عام 1960 وكان فيلم "شجرة العائلة"، بعدها توالت أفلامه ليقدم خلال الستينات ما يقرب من 30 فيلماً كان البطل المطلق في معظمها، ولعل السينما المصرية تحتفظ في أرشيفها بالعديد من الأفلام الكوميدية التي اعتمدت على البطولة المشتركة لهذا النجم الكبير مع حسن يوسف وأحمد رمزي ويوسف فخر الدين، فقد ظهر في السينما خلال هذه الحقبة ما عرف بأفلام "الثلاثي" مثل "الشياطين الثلاثة، والأشقياء الثلاثة، والمساجين الثلاثة، الأصدقاء الثلاثة . . إلخ".

 

وكان محمد عوض، هو القاسم المشترك في معظم هذه الأفلام، وهو بذلك يتساوى مع المهندس في أنهما لعبا أدوار البطولة المطلقة في السينما، ربما على العكس من زملاء جيله أمين الهنيدي وعبدالمنعم مدبولي وعدلي كاسب .

 

المسرح

لم تكن السينما وحدها هي التي شهدت تألق محمد عوض ونجوميته، بل إنه كان من أهم نجوم الكوميديا على ساحة المسرح المصري في الستينات وشكل مع المهندس ومدبولي والهنيدي فرسان المسرح الكوميدي التي تحقق أعمالهم المسرحية النجاح الهائل، واستمرت نجومية محمد عوض، في ازدياد، بل زادت مساحة أفلامه واستمر وجوده المسرحي بنفس القوة والتألق، وفي بداية السبعينات أصبح صاحب النصيب السينمائي الأكبر عن كل نجوم الكوميديا، وكانت أدواره كلها بطولة مع معظم نجمات السينما في ذلك الوقت .

 

ينطلق محمد عوض، في عالم السينما الساحر الذي يجد فيه نفسه، ويتهافت عليه المنتجون لتقديم الأعمال الكوميدية بعد أن وجدوا فيه نجماً يمكن أن يمثل المرحلة، خاصة مع تقدم إسماعيل ياسين في السن، وانحصار أدواره في السينما .

 

مضت السنوات وواصل محمد عوض تألقه ونجاحه الفني في المسرح والسينما وزادت أفلامه ومسرحياته الناجحة، لدرجة أنه كان يقدم ما بين ثلاثة وخمسة أفلام كل عام، وكان تقريباً هو صاحب الأفلام الكوميدية الناجحة في تلك الفترة، ولم يكن ينافسه وقتها إلا فؤاد المهندس الذي سبقه في أدوار البطولة السينمائية المطلقة، غير أن حقبة الثمانينات شهدت بعض التغيرات في مشواره الفني، فقد تراجع سينمائياً إلى حد ملحوظ، خصوصاً مع الانطلاقة السينمائية لجيل السبعينات والثمانينات مثل عادل إمام، وسعيد صالح، وسمير غانم، ويونس شلبي، وغيرهم، على مستوى السينما الكوميدية، فضلاً عن أن السينما خلال هذه الحقبة بدأت تغير جلدها ودخلتها موضة أفلام المقاولات، وأيضاً دخلها رواد سينما الواقعية الجديدة أمثال عاطف الطيب ومحمد خان وداود عبدالسيد، ورأفت الميهي، وخيري بشارة، فأحدث هؤلاء المخرجون الشباب نقلة مهمة في السينما المصرية، ولم يكن ذلك يضايقه، فقد كان يرى أن الجيل الجديد لابد أن يأخذ فرصته، وأن الزمن تغير وأنه لابد من وجود الجديد .

 

وفاته

في 27 فبراير عام 1997 سقط محمد عوض جثة هامدة بعد أن افترسه المرض الخبيث إثر معاناة دامت سبع سنوات دخل خلالها المستشفى أكثر من مرّة.