الباحثة ميادة عبدالعال تكتب: الفساد أحد عوامل الهدم التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية

ركن القراء

الباحثة ميادة عبدالعال
الباحثة ميادة عبدالعال


للفساد أشكالٌ ومظاهر كثيرة منها الرشوة وهي أن يقوم شخص بدفع مالٍ إلى شخص آخر من أجل جلب منفعة لا تنبغي له أو لا يستحقها، أو التهرب من التزامٍ معين، أو مسؤولية معينة، ومن الفساد المالي كذلك الاختلاس وهي أن يقوم الموظف المؤتمن على أموال مؤسسته باختلاس أموالها مستغلا الثقة التي أعطيت له من قبل إدارة المؤسسة.

يعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالة على تدني الرقابة، وضعف القانون، وغياب التشريعات، وقد ينشط الفساد نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقها، وسيادة مبدأ الفردية بما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي بما يلغي مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة، والكفاءة، والنزاهة، في شغل الوظائف العامة.

ومن اخطر أنواع الفساد.. الفساد العقدي: وهو فساد الاعتقاد الذي هو أساس كل فساد، فسعي الإنسان تبع لمعتقده؛ فإذا كان المعتقد فاسدًا كان السعي فاسدًا، وإذا كان المعتقد صحيحًا صالحًا صلح سعيه، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 11، 12]. يؤثر الفساد على أداء القطاعات الاقتصادية ويخلق أبعاداً اجتماعية لا يستهان بها، وقد أظهرت الأبحاث في هذا المجال أنه يضعف النمو الاقتصادي ، حيث يؤثر على استقرار وملاءة مناخ الاستثمار ويزيد من تكلفة المشاريع ويهدد نقل التقنية، ويضعف الأثر الإيجابي لحوافز الاستثمار بالنسبة للمشاريع المحلية والأجنبية وخاصةً عندما تطلب الرشاوى من أصحاب المشاريع، لتسهيل قبول مشاريعهم، أو يطلب الموظفون المرتشون نصيباً من عائد الاستثمار.

وفي هذا الصدد يعتبر الفساد ضريبة ذات طبيعة ضارة وبشكل خاص معيقة للاستثمار، ويزيد من حدة المشكلة الطبيعة السرية للرشوة وعدم التأكد مما إذا كان الموظفون الذين يتقاضون الرشوة سينفذون دورهم في الصفقة أم لا، ومع ازدياد الفساد يقوم المستثمرون بإضافة المدفوعات الناجمة عن الرشاوى والعمولات إلى التكاليف مما يرفع التكلفة الاجتماعية للمشروعات ويخفض العائد على الاستثمار، إضافة إلى ذلك يقوم الفساد بتغيير تركيبة عناصر الإنفاق الحكومي ، إذ يبدد السياسيون والمسؤولون المرتشون موارد عامة أكثر على البنود التي يسهل ابتزاز رشاوى كبيرة منها مع الاحتفاظ بسريتها، ويلاحظ أن الأجهزة الحكومية التي ينتشر فيها الفساد تنفق أقل على الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، وتتجه إلى الإنفاق بشكل أكبر على مجالات الاستثمار المفتوحة للرشوة.

وللقضاء على الفساد يجب على أفراد المجتمع محاربة الفساد بشتى صورة وأشكاله والتعاون في ذلك ويتحتم علينا التزامنا الديني والاخلاقي والوطني والانساني أن نساهم جميعاً في الحد من ظاهرة الفساد التي تهدد المجتمع والتي توسعت بشكل غير مسبوق وأضرت المجتمع وروح المواطنة.

فإن صلح الأفراد صلح المجتمع بأسره والعكس صحيح.. رغم أن ما ذكرته من مظاهر الفساد واضح وجلي في كثير من المؤسسات والإدارات.. إلا أن أسلوب المعالجة لهذه الظاهرة لم تكن بالشكل المطلوب.. رغم أن الحلول كلها موجودة .. ولكن آلية التطبيق غير فعالة.. ولكن الآن تعتبر نقطة تحول مهمة في محاربة ومعالجة هذه الظاهرة بشكل أفضل مما سبق..