تاريخ الصحافة المصرية

منوعات

تاريخ الصحافة المصرية
تاريخ الصحافة المصرية


بدأت ذاكرة مصر المعاصرة المرحلة الثانية لتوثيق تاريخ مؤسسة أخبار اليوم، والتي ستركز علي إضافة العديد من الوثائق النادرة التي حصلت عليها ذاكرة مصر المعاصرة من عدد من المصادر. 

كانت ذاكرة مصر المعاصرة قد بدأت المرحلة الأولي بتوثيق عام لتاريخ مؤسسة أخبار اليوم والتي انتهت بإصدار كتالوج توثقي للمؤسسة. 

حظيت الصحافة المصرية وتاريخها بجزء كبير من جهد القائمين علي توثيق تاريخ مصر الحديث والمعاصر من فريق عمل مشروع ذاكرة مصر المعاصرة. 

وفي جولة داخل ذاكرة مصر المعاصرة ومن خلال الأرشيف الصحفي المتاح عبر الموقع، يستطيع المتصفح أن يلقي نظرة علي الصحافة المصرية وأحوالها سواء من خلال المقدمات البحثية التي كُتبت في ذلك الموضوع أو من خلال الصور والوثائق والأرشيف الصحفي (سواء أخبار متنوعة أو مقالات لكبار الأدباء والفنانين والسياسيين والاقتصاديين. إلخ). 

فتاريخ الصحافة المصرية قد حظي بعملية توثيق شاملة بموقع ذاكرة مصر المعاصرة ومن ثم إلقاء الضوء علي صحف ومجلات ونشرات صحفية لم تعد تصدر الآن أو كانت من درر الصحافة المصرية ونوادرها والتي وجب تسليط الضوء عليها حاليا. 

فجر الصحافة عرفت مصر الطباعة لأول مرة أثناء وجود الحملة الفرنسية في الأراضي المصرية (1798- 1801) وقد بدأت بإعداد المنشورات باللغة العربية، ثم أضافت المطبعة شيئًا جديدًا لم تكن تعرفه مطابع الشرق وانفردت به مصر، وهو صدور الصحف، فقد عرفت مصر "الصحيفة" في صورتها الكاملة علي الرغم من أنها كانت صحفًا غير مصرية بل كانت فرنسية. 

كانت أولي الصحف التي ظهرت في مصر: "كورييه دي ليجيبت"، و"لايكاد إيجيبسيان"، وقد اهتمت الأولي بالأخبار الخارجية والفنية والثقافية وصدرت بالقاهرة وحملت أنباء العاصمة والأقاليم وكان الهدف منهما تعريف الفرنسيين بما كان يجري في البلاد خاصة بعد انقطاع الجنود الفرنسيين عن فرنسا.

أما الثانية فكانت صحيفة علمية تهتم بشئون مصر وما يتعلق بها من حياة اجتماعية وأدبية وثقافية. 

قد فكر مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية في إصدار صحيفة عربية تكون لسان حال الحكومة، يشرف عليها الفرنسيون المستشرقون وبعض كبار المصريين وبالفعل في نوفمبر عام 1800 صدرت الصحيفة وسميت "التنبيه"، لكن الظروف التي أحاطت بالحملة لم تسمح بظهور تلك الصحيفة وإنتهي أجل هاتين الصحيفتين بخروج الفرنسيين من مصر. 

عهد محمد علي وخلفائه شهدت مصر منذ تولي محمد علي الحكم عهدًا جديدًا، حيث بدأت مظاهر التجديد الإداري والاقتصادي تظهر علي الحياة في مصر، فكان علي الوالي -محمد علي- أن يري ضرورة متابعة ما يحدث في الأقاليم والمصالح علي أن يقدم ملخص عنها في نهاية كل شهر. 

أطلق علي هذا التقرير اسم "جورنال الخديوي" وكان يطبع بمطبعة القلعة، حيث كانت ترفع تقارير الأقاليم إلي ناظر عام يرسلها لديوان الجورنال العام لبحثها وعرضها علي محمد علي ويبلغ قرار الوالي إلي المجالس. 

وبذلك يعتبر جورنال الخديو أقدم الصحف المصرية علي الإطلاق. 

شهد عصر محمد علي تنظيمًا لحق التعبير والنشر بعد إنشاء مطبعة بولاق لطباعة الكتب ففي عام 1823 أصدر أوامره بألا تطبع مطبعة بولاق كتابًا خاصًا بإحدي الجهات أو المعاهد إلا بإذن منه مما جعل حق النشر مقيدًا سلفًا بإرادة الوالي وموافقته وعلي الرغم من ذلك شهد عهد محمد علي حركة فكرية تروج للمبادئ الدستورية.

 صدر في عهد محمد علي العديد من الصحف منها، الوقائع المصرية، الجريدة العسكرية، وقائع كريدية، وفي عهد ابنه إبراهيم باشا ظهرت صحيفة التجارة والزراعة.

 قد شمل توثيق الصحافة المصرية بذاكرة مصر المعاصرة تسليط الضوء علي نكسة الصحافة المصرية في عهد عباس حلمي الأول؛ حيث شهدت مصر العديد من التغيرات عقب تولي عباس الأول الحكم، حيث أغلق الكثير من المدارس والمصانع والمعامل، مما أدي إلي تدهور الأوضاع الثقافية وانعكس ذلك بشدة علي الصحافة، فاختفت الجريدة الزراعية ولم تصدر الوقائع معظم أيام حكمه وحتي الأعداد التي صدرت لم يطبع منها سوي نسخ قليلة لكبار ضباط الجيش. كذلك عهد الخديو محمد سعيد وموقفه من الصحافة غير المستقر.

 فبعد أن أصدر أوامره بالاهتمام بالصحافة وترقية محرريها إذ به يتجاوز ما فعله عباس حلمي الأول، فقد تخلص من مطبعة بولاق وأهدي إلي أحد أصدقائه جريدة الوقائع المصرية (عبد الرحمن رشدي) بعد أن تعطلت عامًا كاملًا. 

إلا أن عهد سعيد تميز بظهور أول صحيفة شبه أهلية في مصر هي صحيفة "السلطنة" التي أصدرها إسكندر شلهوب عام 1957 بإيعاز من السلطان لإثبات حقوق السلطان في مصر وتقربه من الأهالي ولمقاومة نفوذ سعيد.

و بعد تولي إسماعيل ولاية مصر عام 1863 وتسلمه البلاد في حالة شلل لما أصابها خلال عهدي عباس حلمي الأول ومحمد سعيد.قام إسماعيل بشراء مطبعة بولاق من عبدالرحمن رشدي. 

وبدأت الوقائع المصرية والصحافة المصرية عهدًا جديدًا اتسم بالازدهار والنهضة. وبعد إنشاء مجلس شوري النواب كان من الطبيعي أن تصدر صحف شعبية لتعبر عن مجلس شوري النواب فلايجوز أن تعبر الصحف الرسمية عنه فصدرت عام 1867 صحيفة وادي النيل التي أصدرها عبدالله أبو السعود بإيعاز من الخديو إسماعيل. 

في عام 1869 أنشأ إبراهيم المويلحي وعثمان جلال مجلة "نزهة الأفكار" ولكنها أغلقت بعد العدد الثاني لتخوف إسماعيل من إثارتها للخواطر والقلاقل ضده. 

ثم سمح لمحمد أنس بن أبي مسعود بإصدار جريدة "روضة الأخبار" عام 1875. الخديو إسماعيل أبوالصحافة قد تم توثيق صدور 23 صحيفة في عهد الخديو إسماعيل، تضمنت ما يلي: الصحف الرسمية وهي: "الوقائع المصرية، الجريدة العسكرية، جريدة أركان حرب الجيش المصري، مجلة يعسوب الطب، روضة المدارس، والنحلة الحرة". 

الصحف الأهلية وهي: "وادي النيل، نزهة الأفكار(1869)- الكوكب الشرقي (1873)- الأهرام (1876)، روضة الأخبار (1875) - أبو نظارة زرقاء (1877) - الوقت (1877)، شعاع الكوكب (1876)- صدي الأهرام، مصر (1877)- حقيقة الأخبار (1877)- الوطن (1877)- البسفور، التجارة (1879)- الكوكب المصري (1879) - مرآة الشرق (1879)- الإسكندرية (1878)". 

في بداية حكم محمد توفيق ترك للصحافة شيئًا من الحرية حيث أنه تعهد عند توليه الحكم بتحقيق آمال الأمة في الحكم النيابي، ولكن سرعان ما تراجع عن وعوده بسبب ضعفه والضغوط المفروضة عليه من جانب إنجلترا وفرنسا وتركيا. 

وكان أول ما قام به محمد توفيق هو طرد جمال الدين الأفغاني من مصر حيث كان يدرك خطورته علي الرأي العام المصري، ثم ترك الوزارة بعد ذلك لرياض الذي تميز عهده بإرهاب الصحف التي اعترضت علي توسيع اختصاصات الرقابة. 

وأنذرت الحكومة صحيفة "مصر الفتاة" التي كانت تمثل المعارضة وكانت الصحف الأوروبية تعتبرها لسان حال حزب تركيا الفتاة لذاك صدر قرار بإلغاء صدورها ثم صدر إنذار إلي جريدتي مصر والتجارة لأديب إسحق ثم أصدر أمرًا بتعطيلهما نهائيا. 

كذلك صدر الأمر بتعطيل جريدة "المحروسة " لمدة أسبوعين. "أبو زمارة" و"أبو صفارة" و"أبو نظارة" كان هناك أخبار طريفة وأسماء تتسم بالسخرية والتهكم علي حال مصر أثناء الاحتلال الإنجليزي لها. 

وصحف كثيرة بعضنا سمع بها وكثيرون لا يعلمون عن أمرها شيء فخلال جولة داخل الموقع تستطيع تصفح ما يزيد علي عشرة آلاف مقال وخبر منشور، من بينها صحف كاملة نادرة منها صحيفة أبو نظارة زرقا أول صحيفة كاريكاتيرية هزلية مصرية أسسها يعقوب صنوع في عام 1877، وقد كتب يعقوب صنوع تحت هذا العنوان "جريدة مسليات ومضحكات"، كما كتب علي صدرها أنها صحيفة أسبوعية أدبية علمية بها محاورات ظريفة ونوادر لطيفة، وفوائد مفيدة، ومقالات فريدة، وقصائد عجيبة، وأدوار غريبة. 

الصحافة النسائية لم تغفل ذاكرة مصر المعاصرة عن توثيق جانب مهم ألا وهو تاريخ الصحافة النسائية في مصر؛ فبتولي الخديو عباس حلمي الثاني الحكم عام 1892 أعطيت الصحافة دفعة جديدة وصدر عدد كبير من الصحف والمجلات والتي اشترك في تمويلها الخديو ذاته، كما اشتركت سلطة الاحتلال في تمويل الأخري. 

كما كان لهجرة الشوام علي مصر عامل مؤثر لظهور الصحافة الشامية في مصر فأصدر الأخوان سليم وبشارة تقلا جريدة الأهرام اليومية، ثم جريدة مصر علي يد أديب إسحاق والذي أنشأ أيضًا جريدة مصر الفتاة، ثم مجلة المقتطف والمقطم علي يد فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس، وأخيرًا جرجي زيدان والذي انشأ الهلال عام 1892. 

قد استغلت هند نوفل اللبنانية الأصل هذا الوقت المثالي والذي بلغ ازدهار الصحافة فيه علي ذروته وأصدرت أول مجلة نسائية في الوطن العربي عام 1892، وقد صدرت المجلة في الإسكندرية ثم انتقلت بعد عام واحد إلي القاهرة، وتولي والدها إدارة مكتب أول صحيفة نسائية عربية، كما عملت معها أختها. 

قد شهد عام 1894 آخر عدد لمجلة الفتاة بعدما انسحبت هند نوفل من الحياة الصحفية إلي حياتها الأسرية الخاصة واقتصر نشاطها بعد ذلك علي الأعمال الخيرية. 

ثم تتابع صدور المجلات النسائية الأخري مثل مجلة "الفردوس"، ومجلة مرآة حسناء نوفمبر 1896، ومجلة أنيس الجليس وهي ثاني مجلة نسائية ظهرت في الإسكندرية، وأصدرتها ميلتادي أفرينو في 31 يناير 1898م، ومجلة العائلة مايو عام 1899 لصاحبتها اللبنانية الأصل اليهودية الديانة أستير أزهري (أستيرمويال)، ومجلة الهوانم 15 إبريل 1900 ومجلة "المرأة في الإسلام" إبريل 1901، مجلة شجرة الدر مايو 1901، ومجلة المرأة6 يوليو عام 1901، مجلة الزهرة مايو 1902، مجلة السعادة يوليو 1902، مجلة السيدات والبنات إبريل 1903. 

مجلة المودة إبريل 1903 مجلة فتاة الشرق 15 أكتوبر 1906، مجلة الريحانة فبراير 1907، مجلة ترقية المرأة قامت "فاطمة نعمت راشد" بإصدارها في 3 من مارس 1908، مجلة الجنس اللطيف يوليو 1908، مجلة الزهرة إبريل 1908، مجلة الأعمال اليدوية للسيدات ديسمبر عام 1908، مجلة البرنسيس مايو 1908، مجلة العفاف نوفمبر 1910، مجلة الجميلة أغسطس 1912. 

مجلة فتاة النيل نوفمبر عام 1913، مجلة الهوانم عام 1918، مجلة المرأة المصرية يناير 1920، مجلة فتاة مصر الفتاة إبريل 1921، مجلة النهضة النسائية 16 من يوليو 1921، مجلة الرجاء إبريل 1922، مجلة شجرة الدر ديسمبر 1922. وغيرها من المجلات والصحف النسائية المصرية وصولًا لمجلتي حواء ونصف الدنيا. 

صحف ومجلات كثيرة نقرأ من خلالها واقع مصر منذ مائة عام وأكثر. بالإضافة إلي مجموعة كبيرة من الأعداد الأولي لبعض الصحف منها الوقائع المصرية والأهرام والأخبار والجمهورية والمحروسة ومنبر الشرق والصاعقة وهي صحيفة اختصتها المحاكم الأهلية لنشر الإعلانات القضائية. 

هذه الذاكرة التي ستمكِّن الأجيال الشابة من التعرف علي شتي جوانب الوطن الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، سلسلة متتالية تؤرخ للصحافة المصرية وقد صدر عن سلسلة ذاكرة مصر المعاصرة عدة كتالوجات تذكارية لتوثيق عدة مؤسسات صحفية مصرية وهي كتالوج (روزاليوسف 80 سنة صحافة) وكتالوج (أخبار اليوم. مدرسة صحفية مصرية) وكتالوج (دار الهلال. مدرسة التنوير).