رمضانيات | جاتوزو - سيُعلم صغار ميلان القتال وحب الشعار.. سيحكي لهم أنه قاوم الموت من أجله

الفجر الرياضي

جاتوزو
جاتوزو


يسير ميلان الإيطالي على الطريق الصحيح، نعم الروسونيري يعود، فمن كان له ماضٍ فلابد أن يرجع، وها هو العملاق اللومباردي يعود من جديد، وأول طريق العودة التعاقد مع جاتوزو لتدريب فريق الشباب الميلاني، فجاتوزو سيقذف حُب الميلان في قلوب الصغار، سيجعلهم يعرفون معني قميص الميلان، سيعلمهم أن ميلان لا يقف على أحد، سيحكي لهم أنه قاوم الموت من أجل هذا الميلان!.

 

كأنه محارب من زمن الرومان ولكن في ميلانو، جعل من ملعب كرة القدم مسرحًا لنزال موت مع خصومه، لا ينتهي إلا بإسقاطهم صرعى على الأرض، غاتوزو ضحي بكل شيء من أجل قميص ميلان، لم يفتعل المشاكل يومًا لأي شيء، لم يطلب من إدارة الروسونيري أن يرتفع راتبه ليبقي، قال مستعد أن ألعب لميلان دون راتب.

 

حقًا لا شيء يشبه ولا حرف قادر على أن يوصفه، هذا الجاتوزو المقاتل الشرس، الذي كان يلعب فقط من أجل ميلان، لا من أجل شهرة ولا مال مثلما يفعلون الآن، كان يلعب في التدريبات قبيل المباريات كأنه يلعب بنهائي دوري أبطال أوروبا أو كأس العالم، كانت حياته هي كرة القدم ولا شيئًا سواها.

 

مزعج جدًا لكل من يحاول أن يمر منه لأن شعاره "أما أنت أو الكرة "، حتى لو نجحت في العبور فإنك لن تنعم بالراحة لأنك ستشعر بمطاردته خلفك، كالأسد الذي يجري وراء فريسته ولن يتركها حتي يسقطها أرضًا، فلاعب بغرينتا وروح غاتوزو ليس كحال لاعبي اليوم يتوقف عندما تفك منه الكرة أو تتخطاه، بل إن غاتوزو لن يجعلك تهدأ حتى تمرر الكرة فقط ..لتتخلص من مطاردة هذا الوحش !

 

جينارو غاتوزو اسم عندما يسمعه زميله أو مشجع الفريق يشعر بالإطمئنان والسلام الداخلي مع النفس قبل بداية المباراة ،حيث يقول عنه شريكه في فريق ميلان شيفشينكو " أشعر بإننا سوف نفوز بـ 10-0 إذا لعب أتوقع من المستحيل أن يسجل في نادي الميلان هدف واحد طالما جينارو يلعب " ..وتأتي الإشادة أيضا من خصمه في فريق يوفنتوس التشيكي بافيل نيدفيد " أشعر بالتعب إذا لعبت امام الميلان لأن جينارو لايدعك تذهب بسلام ابدًا " !.

 

ومن مواقفه الطريفة ماحدث في ديسمبر 2005 أمام نادي شالكة الألماني في دوري أبطال أوروبا بعد أن أقصاه ميلان 4-2 ..بعد أن أطلق حكم المباراة الصافرة معلنًا فوز الروسونيري لم يذهب غاتوزو ليحتفل مع زملائه بل ذهب إلى أحد لاعبي شالكة وقام يصرخ بوجهه لأن هذا اللاعب قد أعاق كاكا بقوة في الشوط الأول، وعبر جينارو للصحافة عن هذا التصرف قائلا :" العصبية دائما تغلبني ".

 

ومن الأشياء التي لا يُمكن أن تُنسي أو تُمحي من تاريخ الساحرة المستديرة، هي إصابة غاتوزو بالرباط الصليبي، فهي إصابة لها قصة كبيرة، حكاية من الخيال لكنها واقعية، ففي عام 2008 كان يواجه ميلان كاتانيا بالسان سيرو، ضمن منافسات الدوري الإيطالي، وتقربيًا بحلول الدقيقة 65 من عُمر اللقاء، تعرض غاتوزو لإصابة مميتة في الركبة اليمني، وعجز وقتها على الوقوف، لكن تعالج وعاد للملعب مرة أخري، وظهر بوحشية على الرغم من أن الإصابة كانت تبدو قاسية للغاية وقاتلة.

 

بعد المباراة اكتشف الجهاز الطبي للروسونيري، أن غاتوزو أصيب بقطع كامل في الرباط الصليبي للركبة اليمني، وأنه أكمل ما يزيد عن 20 دقيقة وهو مُصاب بذلك القطع المُؤلم في ركبته، وتعجبوا وقتها، كيف للاعب يُصاب بقطع كامل في كل أجزاء الرباط الصليبي ويواصل اللعب!.

 

وعقب إجراء العملية قال الوحش الميلاني :" لقد عانيت لمدة يوم، أو يوم ونصف، وقد إتخذت بعض الأمور مع أخصائي العلاج الطبيعي لأنني قلت سابقًا بأنني أستطيع المشي، ولكن يجب علي أن أقول أنها لم تكن سهلة على الإطلاق".

 

وعند العملية اضطر الأطباء إلي تغيير الإزميل " هي أداة معدنية (مصنوعة عادة من الحديد) ذات طرف مدبب تستخدم لاختراق أو تكسير الخشب أو العظام عند العمليات"، حيث لم يتمكن الأطباء وقتها من كسر العظام، وقال وقتها البروفيسور مارتينيز جملته الشهيرة :" هل هو رجل من اهل الكهف؟", إنها عظام كبيرة حتى أنه من الصعب كسرها مع منقاش".

 

هكذا هو غاتوزو فقلب هذا الوحش لم ينكسر للإصابات بل أمام لحظات الوداع الصعبة التي جعلت دموعه تنهمر بشدة كالمطر الذ يهطل من السماء عندما حانت ساعة رحيله عن ميلان خاتمًا سلسلة سنوات من النجاحات مع ميلان الكبير.